تخيّم المواجهات بين المتمردين الطوارق ومجموعات محسوبة على الحكومة المالية على أجواء تحركات الوساطة الدولية بقيادة الجزائر لإطلاق الجولة الخامسة الحاسمة من المفاوضات بين باماكو والحركات الأزوادية من أجل توقيع اتفاق سلام. وتجري الوساطة الدولية بقيادة الجزائر منذ الجمعة الماضي بالعاصمة الجزائر اجتماعات ماراثونية مع أطراف الأزمة المالية من أجل تهيئة الأجواء لإطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات بين الحركات الأزوادية وحكومة باماكو، حسب مصادر متطابقة. وقال مصدر مقرب من الملف لوكالة الأناضول: "يقوم الوسطاء منذ أربعة أيام بمساعٍ ولقاءات من أجل الدفع نحو التهدئة الميدانية ووقف المواجهات التي نشبت منذ أيام بمحيط منطقة تبانكورت شمالي مالي بين جماعات مسلحة". وأضاف: "هذه المساعي الحثيثة في حال نجاحها في دفع الأطراف المتصارعة إلى توقيع هدنة قد تسمح بإطلاق المفاوضات قبل نهاية الأسبوع الحالي". وتشهد منطقة تبانكورت التي تتوسط المسافة بين كيدال، معقل تمرد الطوارق، وبين غاو التي تسيطر عليها القوات الموالية لباماكو، معارك عنيفة منذ أكثر من شهر بين المتمردين الطوارق وحركات موالية للحكومة المالية من أجل السيطرة عليها. وقال بيان للخارجية الجزائرية صدر السبت الماضي، إن "وزير الشؤون الخارجية (رمطان لعمامرة) ترأس اجتماعا تقييميا لفريق وساطة الحوار المالي الشامل والذي سمح باستعراض وجهات النظر حول التطورات الحاصلة على الساحة المالية منذ نهاية الجولة الرابعة للمفاوضات التي توجت بتسليم فريق الوساطة مشروعًا شاملا ونهائيًا للأطراف بهدف تمكينها من إجراء المشاورات اللازمة". وتابع: "اللقاء يشكل مرحلة تحضيرية لإطلاق قريبا بالجزائر العاصمة الجولة الخامسة من المفاوضات بين الماليين التي ستكون مسبوقة بمشاورات بين فريق الوساطة ومختلف الأطراف المشاركة في الحوار المالي الشامل". ويضم فريق الوساطة الدولية كلا من بعثة الأممالمتحدة في مالي والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لتنمية غرب أفريقيا، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وبوركينا فاسو، وموريتانيا، والنيجر، ونيجيريا، والتشاد، بقيادة الجزائر. من جهتها، قالت بعثة الأممالمتحدة في مالي (مينوسما)، التي يقودها وزير الخارجية التونسي السابق، المنجي الحامدي، في بيان لها، السبت، إن "المشاركين في هذا الاجتماع اتفقوا على ضرورة الوقف الفوري للأعمال العدائية شمال مالي". وأضاف البيان أن "ممثل الأمين العام للأمم المتحدةبمالي المنجي الحامدي دعا خلال الاجتماع إلى ضرورة خلق مناخ الهدوء والثقة من أجل استئناف المفاوضات بين الأطراف المالية". وأعلن البيان أن "فريق الوساطة يواصل لقاءاته بمختلف أطراف الأزمة من أجل عقد اجتماع موسع يضم جميع الأطراف المعنية بالحوار المالي يوم الأربعاء". من جهتها، قالت تنسيقية الحركات الأزوادية (تحالف لثلاث حركات مسلحة في شمال مالي)، في بيان لها، السبت، إن هجوم حركات محسوبة على باماكو على مواقعها في الشمال "لا يعتبر الأول من نوعه ويمكن أن يؤدي إلى إجهاض الجهود الجارية من أجل استئناف المسار السياسي في أحسن الظروف، ويستلزم ردًا مناسبًا لا غموض فيه من قبل المجتمع الدولي". من جهته، قال مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة العربية الأزوادية، محمد مولود رمضان، المشارك في المفاوضات لوكالة الأناضول، اليوم الإثنين: "أستبعد أن تنطلق الجولة الخامسة من المفاوضات هذا الأربعاء قبل تهدئة الوضع في إقليم أزواد حيث تقوم حركات محسوبة على حكومة باماكو بالهجوم في كل مرة على مواقعنا". وأضاف: "نحن مستعدون للحوار والتفاوض ولهدنة في الميدان ولكن الطرف الآخر وهو الحكومة المالية يرفض التهدئة لذلك لا بد من خلق جو من الهدوء قبل أي مفاوضات". ودعا مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضي، أطراف النزاع في مالي، الموقعة علي اتفاق واغادوغو، على استئناف عملية التفاوض، التي ترعاها الجزائر. كما حث المجلس، في بيان رئاسي، الأطراف المالية على "أن تتفاوض بواسطة ممثلين مخولين كامل الصلاحيات من أجل التوصل في أقرب وقت ممكن الي اتفاق شامل وجامع للسلام يعالج الأسباب الجذرية للنزاع في مالي". واختتمت نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالجزائر الجولة الرابعة للمفاوضات بين الأطراف المالية بتسليم أطراف النزاع مشروع اتفاق السلام من قبل الوساطة من أجل مناقشته وإثرائه تمهيدا لاستئناف المفاوضات في جولتها الخامسة قبل التوقيع عليه. وتواصلت مفاوضات السلام بالجزائر منذ شهر يوليو الماضي في أربع جولات بين حكومة باماكو وست حركات عسكرية في الشمال هي الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، والحركة العربية الأزوادية (شاركت بوفدين بسبب نزاع داخلي)، والتنسيقية من أجل شعب الأزواد، وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة. وقال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في حوار لمجلة "جون أفريك" الفرنسية الشهر الماضي إنه "يتوقع توقيع اتفاق سلام بين الأطراف المالية خلال ال 6 أشهر القادمة".
وتم توقيع اتفاقات واغادوغو (عاصمة بوركينا فاسو) في 18 يونيو 2013 بين مالي من جهة والحركة الوطنية لتحرير أزواد والمجلس الأعلى لوحدة أزواد من جهة أخرى، ويقضي الاتفاق بتنظيم انتخابات مكنت الرئيس "أبو بكر كايتا" من الوصول إلى الحكم والاستقرار التدريجي للوضع الأمني والمفاوضات بشأن الوضع السياسي لمنطقة أزواد. وشهدت مالي انقلابا عسكريا في مارس 2012، تنازعت بعده "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" مع كل من حركة "التوحيد والجهاد"، وحليفتها حركة "أنصار الدين" اللتين يشتبه في علاقتهما بتنظيم القاعدة، السيطرة على مناطق شمالي البلاد، قبل أن يشن الجيش المالي، مدعومًا بقوات فرنسية، عملية عسكرية في الشمال يناير 2013 لاستعادة تلك المناطق.