أظهرت دراسة قامت بها الهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة وتقييم الأداء لقياس مضمون الخطاب الفكري للتنظيمات الإسلامية المتطرفة من خلال حقولها الفكرية وقد اعتمدت الدراسة على 19 مؤلفا معتمدا ووثيقة تأطيرية معتمدة لدى هذه الجماعات ورصد تطورها الفكري، وقد اشتملت الدراسة على تحليل ثلاث نقاط محددة في خطاب التطرف وهي: حقول المفاهيم والصور الذهنية والفكر التطبيقي. وقال الدكتور عثمان عبد الرحيم القميحي، الأمين العام للهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة وتقييم الأداء، إن الدراسة قد توصلت إلى عدد من النتائج المهمة التي تعين الهيئة على صياغة الدليل الإرشادي للمحتوى الدعوي لاعتماد المواصفة العالمية للدعوة الإسلامية (ITQAN 1001) فجاء وقوع الخلل في فهم الأحكام الشرعية من حيث المفاهيم في المرتبة الأولى من أسباب انحراف الفكر بنسبة 67%، وجاء في المرتبة الثانية الخطأ من حيث الفكر التطبيقي في تنزيل الأحكام الشرعية على الواقع بصورة صحيحة بنسبة 65% ثم أتت الصور الذهنية على تشكيل الوعي في المرتبة الثالثة بنسبة 52%. وأضاف القميحى، بتحليل تلك النتائج تم التوصل إلى أن انحراف المفاهيم يرجع في أصله إلى سيطرة معطيات فقه السياسة الشرعية القديم على ذهنهم وصياغة نظرياتهم السياسية في ظل تصوراته ورؤاه من خلال المفاهيم القديمة المتعلقة بفترات زمنية سابقة لم يعد موجودا كأهل الحل والعقد وتقسيم الديار وأنواع الجهاد وهذا يدل وبصورة قاطعة على غياب فكر الدولة الوطنية المعاصرة عن العقلية المتطرفة التي لا تتعامل إلا مع الفقه القديم. وأشار إلى أن (الخطأ في إجراء القياس عند الجماعات المتطرفة) يعود بشكل أساس إلى افتقاد مُنّظِّرِيهم إلى تطبيق المنظومة الاجتهادية المتعلقة بفقه الموازنات وفقه المآلات والنتائج والمصالح والمفاسد، وقد بدا ذلك واضحا في خطأ القياس على مفاهيم التترس والتبيت وفتاوى التتار بجنود الجيوش العربية والإسلامية وقيام الخلافة وغير ذلك، كما تبين من خلال تحليل الصورة الذهنية لهذه التنظيمات أن مضمون الخطاب الفكري يعمل على تكوين نمط من القيم النفسية يتم تشكيله من مكونات تاريخية وفقهية وفكرية ليرسم في النهاية صورة ذهنية يتم تسويقها على أنها النموذج الأمثل لحقيقة واقعية الإسلام في كل الأزمان لتكون هي الدافع القيمي والنفسي لعمليات القتل والتفجير بدافع تحقيق هذه الصور الذهنية.
وأوضح الأمين العام للهيئة العالمية لجودة الدعوة أن الدراسة أوصت بعدد من السياسات على عدة أصعدة شرعية وفكرية وإعلامية التي يجب اتباعها ومنها ضرورة تجديد فقه السياسة الشرعية الموروث، حيث ما زال يدور حول مصطلحات تاريخية مرتبطة بزمان معين لم يعد الكثير منها موجودا ولم تنله حركة الاجتهاد بما يتّجه به إلى التجديد الفاعل سوى استثناءات قليلة، في حين حرّك الاجتهاد فروعا عديدة من فروع الفقه الأخرى. وتقوم الهيئة العالمية لضمان جودة الدعوة وتقييم الأداء بعدد من الدراسات والإحصاءات تمهيدا لإعلان أول مواصفة عالمية في الجودة (ITQAN 1001).