لم تكن التدوينات التي غردها القارئ الكويتى مشارى بن راشد العفاسى مؤخرًا عن جماعة الإخوان المسلمين سوى جولة في مباراة ملاكمة بين الشيخ القارئ وقيادات الإخوان، هذا الصراع الذي بدأ عقب عزل الرئيس محمد مرسي التابع لجماعة الإخوان المسلمين حينما خرج مشارى وانتقد الهجوم الذي يمارسه أنصار مرسي ضد النظام الحالى بالقاهرة. وكانت البداية مع صراع فكرى بين مشارى بن راشد العفاسى والشيخ وجدى غنيم الداعية الاسلامى، عقب اتهام الأخير لمشارى بأنه يدعم سلطات ما أسماه بالانقلاب في مصر. وقال غنيم في نهاية عام 2013 نصًا: "مقرئ كويتى طلع يقولنا إن الصراع في مصر على السلطة، وأومال اللى ماتوا في رابعة العدوية دول إيه؟ وربنا أطلعك على القلوب عشان تبدى رأيك؟ وعملت مداخلة مع قنوات الفجر والعهر وانتقدت شيخك يوسف القرضاوي". يأتى هذا الهجوم على خلفية تدوينات مشارى التي قال فيها عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، إن ما يجرى في مصر فتنة، وحمل جماعة الإخوان المسلمين مسؤولية مقتل عناصرها، عندما أمروا مناصريهم بالبقاء في ميدان رابعة. هنا خرج العفاسى عن صمته وكتب على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر للرد على غنيم، قائلاً: "كذب وجدى غنيم وأخلف في وعده الذي ألزم نفسه فيه قال: "هذا آخر ردى.. والموضوع خلص بينى وبينه، ثم عاد بردّ ثالث"! وتابع في تغريدة ثانية مهاجمًا غنيم قائلًا: "توقير أهل الأهواء وخصوصًا المهرّجين منهم إعانة على هدم للإسلام وغريب جدًا أن يدعو وجدى غنيم للعمليات الانتحارية ولا يموت غدًا! خير البر عاجله". لم يتوقف الهجوم عند هذا الحد بل سريعا ما رد غنيم وآخرون من الإخوان بنشر صور منسوبة إلى العفاسى جاء فيها: "الشيخ مشارى راشد: الفريق السيسى يده نظيفة جدًا ويتقى الله في مصر، لأنه إذا كان يريد مليارات الدولارات في مقابل بقاء مرسي لكان له ما أراد من مليارات قطر وأمريكا وتركيا وتنظيمات الدول التي تدعم الإخوان، لكنه رجل نظيف ووطني وفضل مصلحة مصر فقط هو وخير أجناد الأرض الجيش والشرطة المصرية ليعزل تلك الجماعة الإخوانية التي شوهت صورة الإسلام أكثر من أي عدو للإسلام". لينفى العفاسى هذا التصريح قائلًا: "أنفى نسبة هذا التصريح لى ووجودى في الصورة المرفقة به والتي يظهر فيها إلى جانبه والبابا تواضروس بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية". ظن الجميع بصمت العفاسى وقيادات الإخوان أن الحرب بين الطرفين انتهت وعادت الأمور لطبيعتها لنفاجأ بمجموعة تدوينات من قبل الشيخ مشارى، استمرت لأكثر من يومين هاجم فيها جماعة الإخوان والشيخ سيد قطب متهمًا إياهم بالتمسك بالسلطة على حساب الدماء، كما اشتكى من هجوم الإخوان عليه. وكتب مشارى راشد بداية الشهر الحالى على حسابه: "الإخوان لم يتركوا الإساءة اليومية بالتعريض والتصريح منذ خالفتهم! مقتدين بشيخهم الذي يكفّر حتى الصحابة رضى الله عنهم"، ليلحقها بأخرى ويكتب: "الإخوان منبع للإرهاب قتلوا من خالفهم كالخازندار ورئيس الوزراء النقراشى في 1948م وخرج منهم التكفير فقتلوا السادات وغيره"، ثم يعود مجددًا ليكتب: "كنت أحسن الظن في الإخوان وكان يجب على أن أتيقن أن ما بنى على باطل فهو باطل فإذا أسس الجماعة صوفي حصافى أشعرى في الصفات فكيف تستقيم الجماعة"! وحينما رد أعضاء بجماعة الإخوان على تدوينات مشارى سارع هو الآخر للكتابة ليشتد الهجوم ويطول هذه المرة سيد قطب، فيكتب: "عار على المسلم أن يتبع مرشدًا يقول عن نفسه: تعلمت الرقص الإفرنجى في الديسكو"، ثم: "دماء المسلمين غالية مهما كانت توجهاتهم، ألم نعتبر من سوء عاقبة الثورات؟ ألم يحن وقت حقن الدماء؟ 4 سنوات من القتل! نعوذ بالله من غضبه وعقابه". ويكملها بالهجوم على قيادات أخرى بالإخوان فيكتب في تدوينة له أمس: "قال القيادى في التنظيم السرى للإخوان على عشماوي: "فمن أراد أن يلحق بنا فهو مسلم ومن وقف ضدنا فقد حكم على نفسه بالكفر، كتاب التاريخ السرى 94". ويبدو أن الأزمة بين الشيخ مشارى والإخوان لا تتعلق بالقاهرة سوى أنها حلقة من حلقات الصراع بين الشيخ وقيادات الإخوان بالكويت والذين ظهروا تباعًا في الهجوم على مشارى فقال النائب الإخوانى في مجلس فبراير 2012 الدكتور حمد المطر: "يحفظ كتاب الله وفي صدره قوله تعالى: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون) ويعين الظالم على ظلمه.. فتحت له مصر قلبها فطعن شعبها". بينما رد الدكتور وصفى أبوزيد المفكر الإسلامي، قائلاً: "عاد القارئ الكويتى "الشهير" مشارى العفاسى لهجومه على جماعة الإخوان المسلمين عامة، وسيد قطب خاصة، لكنه اليوم أشد شراسة، وأبعد عن الإنسانية، وأقرب إلى الجهل، وأبعد عن الإنصاف". نقل صاحبنا "الشهير" عن سيد قطب قوله: "قال سيد قطب: "أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقى الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحات التاريخ، والذي لم يسلم إلا وقد تقررت غلبة الإسلام، فهو إسلام الشفة واللسان لا إيمان القلب والوجدان، وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل". (المرجع: مجلة المسلمون: العدد الثالث سنة 1371 ه). ووجدت هذه العبارة بنصها على صفحة تسمى: "العَلامة رَبيع بن هَادى عُميَر المَدخلِي".. بتاريخ 2 فبراير 2013م فرجعت للمقال في المجلة المذكورة فوجدته في العدد المشار إليه بالفعل، لكنه بعنوان: "لا تسبوا أصحابي"، ووجدت قبل العبارة السابقة قول الكاتب رحمه الله: "هذا ما جاء في ذكر معاوية وما أضفى الكاتب من ذيوله على بنى أمية، وعلى عمرو بن العاص، وأما ما جاء عن سفيان بن حرب فانظر ماذا يقول: "أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقى الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحات التاريخ...."، ثم أكمل العبارة بطولها.. وأدعو صاحبنا "الشهير" أن ينفض عن جسده وعقله الكسل، ويرجع للمجلة، ويذكر لنا من الكاتب الذي ورد عنه هذا الكلام بعد أن يقرأ المقال كاملاً. والشيخ مشارى بن راشد بن غريب بن محمد بن راشد العفاسي، من مواليد دولة الكويت ليوم الأحد 11 رمضان 1396 ه / الموافق 5 سبتمبر 1976م، متزوج وأب لابنتين، يكنى بأبى نور، هو قارئ للقرآن الكريم ومنشد، يتمتع بصوت عذب وقوة في التحكم بطبقات الصوت وروعة الأداء، له العديد من الإصدارات التي انتشرت في الوطن العربي والإسلامي والعالم. درس في السعودية بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية تحديدًا بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية تخصص القراءات العشر والتفسير، ولقد تتلمذ الشيخ والمنشد على أيدى كبار علماء ومقرئى علماء المدينة النبوية في كلية القراءات. وصل في منحى دراساته إلى السنة الثالثة، أجيز القارئ في قراءة عاصم رواية حفص من طريق الشاطبية وسافر القارئ مشارى إلى مصر للحصول على إجازات من كبار مقرئى العالم الإسلامي وله 11 ألبومًا أشهرها "ليس الغريب".