كان ذلك هو العنوان الرئيس لعددي صحيفتين يوميتين جزائريتين هما: الشروق، والنهار الأربعاء الماضي، وهو نفس اليوم الذي صدر فيه العدد الجديد من الصحيفة الفرنسية "شارلي إبدو" بعد مقتل صحفييها. الصحيفة الفرنسية مارست الاستفزاز مجددًا. وهو هذه المرة أكثر تعمدًا ووقاحة من كل المرات السابقة، لأنها أعادت رسم رسولنا صلى الله عليه وسلم، وقدم الرسام تبريرات سخيفة وغير مقبولة قائلاً إن الرسم يظهر نبي الإسلام طيبًا، كيف يكون ذلك ومجرد الرسم الكاريكاتوري له هو سخرية في حدّ ذاته منه صلى الله عليه وسلم، ومجرد أن يجعل الرسول رافعًا شعار "أنا شارلي" في الرسم فإنه يظهره صلى الله عليه وسلم وكأنه يقرّ ويوافق على مضمون الصحيفة، أي على الإساءة له وللإسلام وللقرآن ولعموم أمته. الصحيفتان الجزائريتان كانتا تعلمان مثلنا أن عدد الصحيفة الفرنسية المنتظر سيسخر مجددًا من الرسول، لذلك اتخذتا هذا الموقف المحترم، وهو مهم عندما يصدر منهما كون الجزائر البلد العربي الأكثر ارتباطًا بفرنسا باعتبار أنها خضعت لاحتلال طويل، وكانت فرنسا تعتبر الجزائر جزءًا من أراضيها وامتدادًا لها جنوب المتوسط، والارتباط الثقافي والفكري والمعنوي والشخصي موجود لدى قطاعات من الجزائريين، وفرنسا هي وجهتهم الأولى في الهجرة والبقاء فيها، وهم أكبر الجاليات، وهناك معاملة خاصة للجزائري عن مواطني بلاد المغرب العربي، وعن مواطني البلدان الأخرى، والمهم أيضًا أن المعتدين على الصحيفة هما جزائريان، ورسالة الصحيفتين هي: أننا ندافع عن الرسول ضد الإساءات، ولن نخجل من ذلك، ولن نشعر بأي ذنب، حتى لو كانت لنا خصوصية مع فرنسا، وحتى لو كان القاتلان جزائريين، فالجريمة فردية، ويتحمل وزرها من فعلها، وليس الجزائر المسلمة المتدينة المحبة لنبيها، ولا الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها. الصحيفة الفرنسية مثل ذيل الكلب، لن تعتدل، ولن تراجع موقفها الوقح والمتعنت في إهانة رمز الإسلام، ولن تعود لرشدها وعقلها، وقلنا عشرات المرات إن هذه السخرية لاعلاقة لها بحرية الرأي والتعبير، وإذا كانت الصحيفة تسخر من أديان وأنبياء ورموز مقدسة أخرى فإننا كمسلمين نرفض ذلك مع رسولنا، كما نرفضه في نفس الوقت مع الرسل والأنبياء الآخرين لأننا نحترمهم ونجلهم ولا يصحّ إيماننا إلا بالإيمان بهم وباحترامهم وعدم المسّ بهم. إذا كان الرسّامون أبطالاً إلى هذا الحدّ ويستأسدون على أمة منكوبة في حكوماتها وفي ضعفها وفي تهافتها فليرسموا شيئًا ساخرًا عن المحرقة؟. وهم لن يستطيعوا، حيث سيجدون أنفسهم وراء القضبان يُحاكمون ويدخلون السجون فورًا، كما سيجدون حملات عنيفة من اليهود في أوروبا وأمريكا وإسرائيل قد تغلق لهم صحيفتهم. أيها الأشاوس مارسوا البطولة في ميدانها، ولا تمارسوا بطولة مزيفة علينا، اسخروا من ممارسات شخصيات مسلمة تخطئ وتصيب، لكن لا تسخروا من رسولنا ونور عيوننا. أنتم بذلك تساهمون في صنع الإرهاب بأنفسكم، وتدفعون شبابًا آخرين غاضبين متطرفين منفلتين لانتهاج العنف، وقد ينقضون عليكم مرة أخرى، ومع ذلك فنحن والعقلاء جميعًا ضد تكرار الجريمة السابقة، وضد استخدام السلاح، لكن كفى هذا الاستهزاء. أنتم بذلك تضعفون حجج ومنطق من يدافعون عنكم، وعن حرية الرأي والتعبير الملتزمة المسؤولة، ومن هبوا لإدانة الجريمة الإرهابية، فتيار التطرف يطلّ برأسه ويقول لنا الآن إن هؤلاء لا يعتبرون بالاعتدال، بل يكنون العداوة التاريخية للإسلام والمسلمين. أنتم بذلك ستحولون قبور الأخوين "كواشي" إلى مزارات، وتجعلون المتعاطفين معهما يلتمسون مزيدًا من التبريرات لفعلتهم، بل سيزدادون تشبثًا بتطرفهم قائلين لا فائدة من نخب الغرب المعادية للإسلام. توقفوا عن هذا الإجرام الفكري حتى لا يجد تيار الاعتدال الداعي للانفتاح الإسلامي على العالم في مأزق، وهو يمثل الأغلبية الكاسحة، وهو من هب يدين الإرهاب الذي مُورس ضدكم. لا تدفعوا للتصادم الديني والعقائدي والفكري، فالحروب كلها تنتهي إلا الحرب ذات الدوافع الدينية تظل نارًا مشتعلة دون توقّف. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.