قلل مستثمرون في مجال توليد الطاقة من المصادر المتجددة، من تأثيرات انخفاض أسعار النفط العالمية والمستمرة على مدى الشهور الماضية على القطاع، خاصة في ظل جهود دؤوبة لتطوير تقنيات جديدة تساعد على تقليل تكاليف إنتاج الكهرباء من مصادرها المتجددة. وأثار انخفاض أسعار النفط العالمية على مدى الشهور الماضية مخاوف بشأن تأثر الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، والتي تعتمد على تقنيات مرتفعة التكلفة مقارنة بأسعار النفط الرخيصة. وفقدت أسعار النفط نحو 60% من قيمتها منذ منتصف العام الماضي، واقتربت خلال الأسبوع الجاري من أدنى مستوى لها في 6 سنوات تقريبا. ويتسم توليد الطاقة من المصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها بمزايا عديدة من بينها الاستدامة الطبيعية، وحفاظه على البيئة، كما أن مصادره متاحة لكافة الدول. ويرى خبراء في القطاع أن ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية لأعلى من 100 دولار للبرميل، كان محفزا للاستثمار في الطاقة المتجددة، وأن انخفاض الأسعار لن يكون مؤثرا ولن يوقف الاستثمارات، وخاصة أن تكاليف إنشاء المشروعات والتي تتسم بالضخامة في البداية، توزع بعد ذلك على عمر المشروع والذى يصل في المتوسط على سبيل المثال في محطات الطاقة الشمسية إلى 25 عاما. وتشير تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب على الطاقة سينمو عالميا 37 % بحلول عام 2040، حيث سينقسم مزيج الطاقة المستخدم إلى 4 أرباع متساوية تتمثل في النفط، والغاز، والفحم، والمصادر منخفضة الكربون أي الطاقة المتجددة. وتضيف الوكالة في تقرير صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنه في منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال يتم استهلاك 2 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات النفطية في توليد الكهرباء، لكن في حال غياب دعم أسعار النفط فإن تكنولوجيات الطاقة المتجددة قد تكون منافسا مهما لمحطات توليد الطاقة المعتمدة على النفط. وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة أولاد عياد للطاقة الشمسية المهندس جورج عياد التي تعمل في مصر، إن استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية، سيكون له تأثير محدود علي سوق توليد الطاقة من مصادرها المتجددة. وأضاف عياد في تصريحات هاتفية لوكالة الأناضول، أن انخفاض أسعار النفط على المدى الطويل قد يدفع الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة، إلي البحث عن وسائل تقنية جديدة، تقلص نفقات الإنتاج، وهو ما تسعى إليه الشركات العاملة في هذا القطاع فعليا، مضيفا إلي أن تكلفة توليد الكيلو وات من كهرباء الطاقة الشمسية تراجعت 44 % على مدى الخمس سنوات الماضية بسبب تطور تقنيات الإنتاج. وأوضح عياد أنه لا يتوقع تأثير واضح خلال الفترة الحالية لانخفاض أسعار النفط علي استثمارات الطاقة المتجددة، وخاصة أن انخفاض الأسعار لا يدوم طويلا، الأمر الذي يقلل من تأثيراته على صناعة الطاقة المتجددة التي تعتبر من الاستثمارات طويلة الأجل. وقال عياد إن الشركات تسعى لتخفيض تكاليف مشروعات محطات الطاقة الشمسية، عبر عدة محاور بخلاف التقنيات من بينها تقليل مساحات الأراضي المقام عليها المشروع، مشيرا إلى أن توليد واحد ميجاوات كهرباء من الطاقة الشمسية، يحتاج الي أرض تصل مساحتها إلي نحو 1.2 فدان، وهو ما تحاول الشركات تقليصه من خلال تطوير الخلايا الشمسية، في سبيل زيادة الإنتاج وتقليل التكاليف. وأضاف عياد للأناضول أن تكلفة توليد الكيلو وات ساعة من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية تختلف من دولة إلى أخرى، ولكن يصل متوسطها بحد أقصي عالميا إلي نحو 12 سنت، لتصل تكلفة الميجاوات/ ساعة من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية إلي نحو 120 دولار. وقال عياد إن التكلفة الاستثمارية لمحطة توليد كهرباء بقدرة 10 ميجاوات عبر الطاقة الشمسية تصل إلي نحو 18 مليون دولار، مشيرا إلى أن التكلفة الاستثمارية الضخمة التي يتحملها المستثمر تتركز بشكل رئيسي عند بداية المشروع، وهى تشمل ألواح الطاقة الشمسية (أغلي مكونات الاستثمار)، وثمن الأرض، وكافة مصاريف الإنشاءات، وبعد ذلك لا يتحمل المستثمر سوى مصاريف الصيانة بتكلفة ضئيلة للغاية. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن تكنولوجيات توليد الطاقة المتجددة، تلعب دورا رئيسا في خفض الكربون المنبعث من استهلاك الطاقة العالمي، كما أنها تكسب أرضا جديدة كل يوم مدفوعة بالدعم العالمي لهذه التقنيات، والذى بلغ 120 مليار دولار في 2013. وترى الوكالة أنه مع خفض التكاليف بشكل متسارع والدعم المستمر فإن مصادر الطاقة المتجددة ستشكل نصف المصادر المستخدمة لتوليد الكهرباء في عام 2040. وبحسب إحصائيات وكالة الطاقة الدولية فإن حصة الموارد المتجددة في توليد الطاقة ارتفعت في معظم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 37 % تقريبا من مصادر الطاقة. وترى الوكالة أن توليد الطاقة من المصادر المتجددة ينمو بأكثر من الضعف في عدد من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في مقدمتهم الصين والهند وأمريكا اللاتينية وإفريقيا. وتحتل طاقة الرياح عالميا النصيب الأكبر بين مصادر الطاقة المتجددة التي تشهد نموا في الاعتماد عليها بحصة تصل إلى 34 %، تليها الطاقة المائية بحصة تبلغ 30%، ثم الطاقة الشمسية بحصة تصل إلى 18 %. وتسيطر طاقة الرياح على 20% من المصادر المستخدمة لتوليد الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، فيما تمد الطاقة الشمسية اليابان ب 37% من مصادر الطاقة خلال ذروة استغلالها في فصل الصيف. وقال هشام توفيق رئيس مجلس إدارة شركة "كايرو سولار" لحلول الطاقة الشمسية، إنه لا يوجد تأثير لما وصفه بالانخفاض "المؤقت" لسعر النفط على الاستثمار في الطاقة المتجددة. وأضاف توفيق في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول أن ميزة الاستدامة التي تتسم بها مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة لانخفاض التكلفة الاستثمارية لمحطات توليد الطاقة المتجددة بنسب تصل إلي 60% خلال ال 5 سنوات الماضية بسبب عمليات البحث والتطوير، يحافظ لمحطات الطاقة المتجددة علي تواجدها بالسوق أمام توليد الطاقة من الوقود الأحفوري (النفط)، خاصة في ظل التغيرات المتعددة على أسعار النفط، وكذلك مصيره الحتمي إلي الزوال من ناحية أخري. وأوضح رئيس مجلس إدارة "كايرو سولار" لحلول الطاقة الشمسية، أن التكلفة الاستثمارية العالمية لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة تتراجع بشكل كبير مع التطوير المستمر في هذا المجال. وارتفع حجم الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة المتجددة من 60 مليار دولار في عام 2000 إلى 300 مليار دولار في 2011 بنمو قدره 400 %، قبل أن تتراجع في عام 2013 إلى 250 مليار دولار وفقا لتقارير دولية. ورغم تزايد الاعتماد على الطاقة المتجددة فإن وكالة الطاقة الدولية ترى أن الاستثمار في استخراج الوقود الأحفوري سيصل في عام 2035 إلى 23 تريليون دولار، في حين ستصل الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة إلى 6 تريليون دولار فقط. وقال وائل النشار الرئيس التنفيذي لشركة "أونيرا سيستمز" للطاقة الشمسية: "بالنسبة للسوق العالمي فإن تكلفة إنتاج الطاقة من الشمس في ألمانيا، التي تمتلك فقط ثلث إمكانيات الطاقة الشمسية المتواجدة في مصر، تعادل تكلفة إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري". وأشار النشار إلي أنه رغم انخفاض أسعار النفط العالمية، إلا أن تكلفة توليد الميجاوات / ساعة كهرباء من الوقود الأحفوري في مصر على سبيل المثال تصل إلي نحو 1400 جنيه (196 دولار)، في حين أن تكلفة سعر الميجاوات/ ساعة من الطاقة الشمسية تبلغ 1020 جنيه (142 دولار)، بينما يصل سعر الميجا وات/ ساعة من الرياح لنحو 860 جنيه (120.4 دولار). وأوضح أن الشركات العاملة في هذا القطاع تتبنى باستمرار تكنولوجيات جديدة من شأنها تخفيض تكاليف الإنتاج. وقال: "نجد كل عام تقنية جديدة تعمل علي تقليص تكاليف توليد الطاقة من مصادرها المتجددة".