علمت "المصريون"، أن هناك اتجاها داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة للتهدئة مع إسرائيل في الأزمة المثارة حول مقتل ضابط وأربعة جنود مصريين بالمنطقة الحدودية يوم الخميس الماضي، وهو ما بدا في التراجع عن قرار استدعاء السفير المصري من تل أبيب، خاصة بعد أن سعت إسرائيل إلى خفض التوتر مع مصر والحفاظ على اتفاق السلام بينهما، مع إبلاغها عبر الوسيط الأمريكي استعدادها لتقديم كافة التعويضات لذوي الشهداء بالشكل الذي ترتضيه مصر. وعلاوة على ذلك، أبلغت إسرائيل مصر استعدادها للدخول في مفاوضات معها لتعديل بعض بنود معاهدة السلام "كامب ديفيد"، فيما فيما يتعلق بحجم الانتشار العسكري المصري في المنطقة "ج" من الحدود، وذلك من أجل ضبط الأوضاع الأمنية علي الحدود، وضمان عدم تكرار الحوداث التي وقعت مؤخرًا في المستقبل. وكانت مصر نشرت ألف جندي بسيناء في نهاية الأسبوع قبل الماضي، من أجل "إعادة النظام" إلى المنطقة بعد أسبوعين من الاشتباكات التي دارت بين قوات من الجيش والشرطة ومسلحين ملثمين، وقالت إسرائيل إن ذلك جاء بضوء أخضر منها. وينص اتفاق السلام المبرم بين الطرفين عام 1979 على نزع السلاح من سيناء. ولم توافق إسرائيل على خروج على هذا النص إلا مرة واحدة عام 2005 عندما سمحت لقوة شرطة مصرية بالتمركز على معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة. وذكرت مصادر مطلعة ل "المصريون"، أن استجابة إسرائيل لمطالب مصر بالتهدئة وعدم التصعيد في قطاع غزة كان أحد العوامل التي أسهمت في التهدئة من نبرة الخطاب المصري وتغليب الهدوء في التعامل مع الأزمة، في مقابل تيار واسع داخل حكومة الدكتور عصام شرف كان يفضل التصعيد مع إسرائيل في هذه الفترة على الأقل لتحقيق مكسب شعبي، والعمل على كسب ثقة الرأي العام. وأبلغ مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط جيفري فلتمان المسئولين المصريين أن الولاياتالمتحدة ستضمن جميع التعهدات الإسرائيلية بوصفها شريكا رئيسيا للطرفين في اتفاق السلام، مع تعهدات ببذل أقصى جهد لضمان تلافي هذه الحوادث في المستقبل. وأجرى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة- في أعقاب الحصول على تلك الضمانات من الجانب الأمريكي- اتصالاً عاجلاً بالسفير المصري بتل أبيب ياسر رضا وطلب منه البقاء هناك، بعد اتخاذ قرار بسحبه، وذلك حتى لا يفسر سحب السفير علي أنه قرار مصري بتجميد معاهدة "كامب دييفد" مع اسرائيل، الأمر الذي لا ترغب فيه مصر حاليا على الأقل". وينتظر أن تشهد الأيام الفادمة إجراء مفاوضات مصرية اسرائيلية للاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في ملابسات الهجوم الحدودي، في ظل الاعتقاد في الأوساط المصرية بأنه كان متعمدًا ويأتي ك "بالون اختبار" لرد فعل المجلس العسكري إدراكًا من إسرائيل بحجم الأزمة التي يعاني منها المجلس حاليًا. ووصف الدمكتور طارق فهمي الخبير بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، تعامل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع الأزمة ب "المتوازن فهو لم يقمع رد الفعل الشعبي الغاضب تجاه الأزمة وتبنى مواقف حكيمة من تل أبيب جعلتها تقدم اعتذارات رسمية متتالية وتبدي حرصها علي اتفاقية السلام". وقارن بين موقف إسرائيل تجاه الأزمة مع مصر بموقفها من الأزمة مع تركيا، مع إصرار تل أبيب على رفضها الاعتذار لأنقرة عن الهجوم على "أسطول الحرية" في العام الماضي ما أسفر عن مقتل تسعة أتراك، لكنه ربط ذلك بممارسة ضغوط أمريكية على إسرائيل لاحتواء الأزمة مع مصر. وأضاف ل "المصريون": لاشك أن التدخل الأمريكي أجبر إسرائيل علي تقديم اعتذارات متتالية، والقبول بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة وصرف التعويض"، لافتا إلى أن "الدور الأمريكي نجح في احتواء الأزمة وعدم استمرار التصعيد بشكل كان يمكن أن يحمل تهديدًا مباشراً للاستقرار بالمنطقة".