شعرت بالدم وهو يغلي مندفعا لرأسي، وسارعت لتناول حبة «الضغط»، غير مصدق لعيني وأذني وانا اسمع واشاهد مذيع القناة الاولى خيري حسن في احداث 24 ساعة فجر أمس وتحديدا الساعة 2.15، يقول حرفيا: «اسرائيل (تعتذر) وتأسف لوقوع ضحايا مصريين في احداث سيناء». ولا ألوم المذيع الذي يقرأ ما أعدوه له،.. ولكنني لم استطع ان اتحمل «كذبا فاجرا» بهذا الشكل، «إسرائيل تعتذر»!!.. لا يا أيها الاعلامي العبقري المسؤول عن «أحداث 24 ساعة»،.. ولا يا مسؤولي تلفزيوننا الرسمي «المحترم»،.. لم يعتذر لنا أحد، وفارق كبير بين الاعتذار عن الفعل، والأسف لحدوثه، فالعالم كله آسف لوقوع ضحايا، لكن ذلك لا يعني المسؤولية عن قتلهم، اما الاعتذار – الذي رفضته اسرائيل – فيعني الاعتراف بحدوث خطأ هي مسؤولة عنه، وحتى هذه اللحظة لم يعترف الكيان الصهيوني بمسؤوليته عن استشهاد شهدائنا الخمسة، وبالتالي لم «يعتذر» لنا احد. ومنطقهم في ذلك واضح للعالم كله: مصر طلبت لجنة تحقيق مشتركة لتحقق في «حادث» اطلاق النار، واسرائيل وافقت،.. اذاً لا اعتذار حتى يخرج التقرير النهائي للجنة التحقيق المشتركة بإدانة الكيان الصهيوني.. أو ربما تبرئته!!، وعندها يكون الاعتذار والتعويض. أو لا يكون.. هكذا ببساطة، رغم رصد قوات المراقبة الدولية للاختراق الاسرائيلي لحدودنا في نقطتين، واطلاق الرصاص داخل اراضينا، واستشهاد 5 من شبابنا برصاص عدونا!! أما اعلامنا.. ومسؤولونا، فواصلوا التعامل مع الحدث بتخبط مقزز، لم يختلف كثيرا عما كان يحدث في العهد البائد، منذ التجاهل في اليوم الاول.. وإلا ما معنى ان يبدأ مذيع التلفزيون الرسمي كلامه بان اسرائيل «تعتذر» و«تأسف» وهو كذب لا مراء فيه؟، خاصة عندما قرأت زميلته بعد ذلك تفاصيل الخبر ولم ترد فيه كلمة «اعتذار».. بل مجرد أسف لما حدث؟ الى متى تحاولون خداعنا؟ وهل اساليبكم الملتوية لن تنتهي؟.. اطالب وزير الاعلام، الصحافي المهني أسامة هيكل بمشاهدة شريط برنامج «24 ساعة» المذكور، ومحاسبة المسؤولين حتى لا يستمرئوا الكذب على الناس، فقد ولى عهد كنا نستمع فيه للاكاذيب، فنصاب بالغثيان ونبحث عن الحقيقة في قنوات اخرى. تلك فضيحة.. أما الفضيحة الاكبر فكانت نشر الموقع الرسمي لمجلس الوزراء على الانترنت بيانا عن الاجتماع الوزاري الطارئ للدكتور عصام شرف لبحث تداعيات الحادث الاليم على الحدود، وتضمن البيان نصا: «انه تقرر خلال الاجتماع سحب السفير المصري من اسرائيل».. واعتمدت وكالات الانباء ووسائل الاعلام – ونحن منها – ما جاء في البيان الذي رأيناه بأعيننا على الموقع الرسمي، ثم تلا وزير الاعلام بعد ذلك بساعات البيان الرسمي دون اشارة الى أي سحب للسفير، بل وتم رفع البيان «الكاذب» من موقع المجلس، ب«هدوء»، ودون توضيح او «اعتذار»، وترددت في اروقة المجلس «شائعة» تقول ان البيان الكاذب كان عبارة عن «مسودة»، لم يتم اعتمادها، وان شابا حديث السن هو المسؤول عن «تحميل» الموضوعات على الموقع، سارع لوضع المسودة التي – ألغيت بعد ذلك – دون موافقة المسؤولين، وتمت معاقبته!.. وهو «كلام فارغ» ينم عن «استهبال» رسمي غير مسبوق، وسبهلله بلا حدود، وتعامل غير مهني مع الشعب كله على اساس انه «عبيط واهبل» ولن ازيد لاني صائم. .. وأخشى ما اخشاه ان تصدق صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية التي قالت ان الازمة التي نجمت عن مقتل الجنود المصريين برصاص اسرائيلي قد انتهت، وان اسرائيل اعلنت عن اسفها لمصرعهم، بانتظار تقرير اللجنة التي ستحقق في الامر، وان السفير المصري باق في تل أبيب، وان مصر قبلت اعلان «التعبير عن الأسف الشديد الذي سلمه السفير السابق شالوم كوهين لوزارة الخارجية المصرية». وسلم لي على ارواح الشهداء.. ودمائهم المعلقة في رقبة حكومة «شرف».. المرتبكة دائما. حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 3 ملاحظات: 1 – سلمت يد الشاب المصري الحر أحمد الشحات الذي انزل العلم الاسرائيلي من فوق مبنى السفارة، ورفع العلم المصري مكانه. 2 – أحد الجنود الذين وقفوا يمنعون المتظاهرين من الوصول الى مدخل العمارة التي «تعطنها» السفارة الصهيونية، ركزت كاميرا احدى القنوات على عينيه، فشاهدت نظرة غضب حارقة.. تقول لو كان الامر بيدي لافرغت سلاحي في سفارة «العدو» الصهيوني، فتذكرت سليمان خاطر.. هل تذكرونه؟ 3 – هل يفسر لنا المجلس الاعلى للقوات المسلحة، واللواء منصور عيسوي وزير الداخلية، لماذا خصوا الشهيد النقيب أحمد جلال بجنازة عسكرية مهيبة – يستحق اكثر منها ولاشك – بينما لم يحظ بمثلها الشهداء الجنود؟ هل تعتقدون ان موقعهم في الجنة سيكون حسب رتبهم العسكرية مثلا؟!