.. هل اعتقد حكماء صهيون القابعون في تل أبيب ان مصر مبارك هي نفسها مصر ما بعد 25 يناير؟ وهل ظن دهاقنة السياسة الصهاينة ان دماء وكرامة شعب «مبارك».. هي ذاتها دماء وكرامة شعب الثورة؟ وهل بلغ «الغباء» السياسي بالساسة الاسرائيليين حد «استفزاز» شعب مازالت دماء شهدائه لم تجف، ومازال فوران دماء الثورة يغلي في عروقه؟ أم ان الامر اكبر من مجرد حادث امني «غير مقصود» - على حد زعم وزارة خارجية الدولة العبرية؟.. وهل يفكر الاسرائيليون بعقلية اطلاق بالونات الاختبار وانتظار رد فعل «حكومة الثورة» عليها، قبل الاقدام على «عمل عسكري» ما؟، وربما صور لهم خيالهم المريض ان «مصر الثورة» ستسمح باجتياح للحدود وانشاء منطقة امنية معزولة بعمق عدة كيلو مترات.. وكل هذا الهراء الذي «قد» يطرأ على احلام يقظتهم، الخائبة. المهم الآن هو رد الفعل المصري الشعبي والرسمي، اما الشعبي فظهر جليا وواضحا في زحف الثوار على مقر سفارة الكيان الصهيوني، وتدمير الحواجز من حولها، وبث الرعب في قلب سفير الخزي والعار القابع – للاسف – في مكتبه على ضفاف النيل، والمطالبة بطرده، وقطع العلاقات، واستدعاء السفير المصري، وهو رد الفعل المتوقع من ثوار لم تجف دماء شهدائهم بعد دفاعا عن كرامة مصر والمصريين. أما رد الفعل الرسمي، لمصر الدولة، فلم يكن على المستوى المتوقع ابدا،.. تخبط اعلامي واضح وارتباك وعدم شفافية في الاعلان عن عدد الشهداء وصفاتهم العسكرية، واسمائهم، وغموض في وصف الحادث وكيفية وقوعه مما الجأنا مرة اخرى لاجهزة الاعلام العالمية، وحتى الاسرائيلية لنعرف حقيقة حدث جلل وقع على ارض مصرية، وراح ضحيته عسكريون مصريون. الأمر الثاني هو التأخر 24 ساعة كاملة قبل اتخاذ قرار سحب السفير المصري من تل أبيب، ويفترض في أي حكومة ان يكون لديها ما يسمى ب«خلية ادارة الازمات» القادرة على توقع حدوث الازمة واعداد سيناريوهات التعامل معها، فما بالك بمواجهة اعتداء واضح وصريح داخل الاراضي المصرية، ذهب ضحيته عسكريون مصريون؟ .. وأخيرا هل سحب السفير المصري رسالة كافية للعدو الغادر، أم كان ينبغي، وعلى الاقل، استدعاء السفير الاسرائيلي وطرده بعد ابلاغه بانه «شخص غير مرغوب فيه» حتى تصل الرسالة واضحة.. ساطعة لكل من يفكر في المساس بحدود مصر أو الاعتداء على أرواح جنودها؟ وعموما يجب استغلال التهور الصهيوني لمراجعة اتفاقية كامب دافيد سيئة السمعة لتتوافق مع الواقع المصري الجديد، فنحن لن نترك سيناء بحالتها هذه التي تسر العدو.. ولا تسر الحبيب سواء أكان استراتيجيا أم عسكريا، أم اقتصاديا واجتماعيا وديموغرافيا، ولكن لذلك حديث قادم لا مجال له الآن، فنحن بانتظار استعادة سيادتنا الوطنية المنقوصة على سيناء فورا ودون ابطاء، واذا اعتقد الصهاينة ان الوقت مناسب لهم لجر مصر الى معركة عسكرية، فسيفاجؤون ب85 مليون مصري مسلم ومسيحي، وسلفي واخواني وصوفي وعلماني، وقد تركوا اختلافاتهم وتوحدوا خلف جيش مصر العظيم.. ووقتها سيكون الندم حيث لا ينفع الندم. حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 شكر واجب شكراً لكل من هاتفني أو سأل عني خلال فترة توقفي عن الكتابة، واجراء الفحوصات الطبية، وادعو الله في هذا الشهر الفضيل أن يمتعكم جميعا بالصحة والعافية. ح.ف