تساءلت مجلة إيكونوميست البريطانية عما إذا كان الرئيس التركي الإسلامي، رجب طيب أردوغان، سوف يستطيع إحياء تركيا العثمانيه، في الذكرى المئوية لانتصار الجيش التركي، في عام 1915، في معركة غاليبولي، عندما تحالف الجيش التركي مع ألمانيا ضد القوات البريطانية، واستطاع تحرير مضيق الدردنيل. وفي مستهل تقريرها، أوردت المجلة عبارة أطلقها مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، ليشجع جنوده على الاستبسال في تلك المعركة، حيث خاطبهم "لا آمركم بالقتال، بل آمركم بالموت". وبالفعل انتصر جنود أتاتورك في معركة تحرير المضيق، ولكن الامبراطورية العثمانية انهزمت في الحرب. ومع استعداد ملايين الأتراك للاحتفال بذكرى معركة غاليبولي، في يوم 25 أبريل (نيسان)، سوف يهلل العديد منهم لتلك اللحظة عندما بذرت أولى بذور جمهورية أتاتورك العلمانية".
إرث علماني لكن، تتساءل إيكونوميست ما الذي بقي من إرث أتاتورك؟ يبدو السؤال أكثر إلحاحاً فيما يسعى رجب طيب أردوغان، أول رئيس تركي ينتخب شعبياً، لإجراء تعديلات دستورية تمنحه سلطات تنفيذية. وهو من ثم سيأمل بتحقيق حلمه بتركيا جديدة جازمة، تهيمن فيها الغالبية السنية، ويتم عبرها إحياء الإمبراطورية القديمة. ولكن يبدو بعضهم أقل حماسة، ومنهم الخبير البارز ليفينت غولتين، حيث يقول: "سوف تصبح تركيا ديكتاتورية على الطراز الشرق أوسطي". طموحات كبيرة وترى المجلة بأنه "قد يكون في ذلك القول مبالغة، لكن، من المؤكد بأن لأردوغان طموحات هائلة. فقد بنى مكان مزرعة أتاتورك بالقرب من أنقرة، قصراً منيفاً يتكون من 1150 غرفة، بكلفة 615 مليون دولار. كما أمر أن يتم تعليم اللغة العثمانية القديمة، وإعادة الكتابة بالأحرف التي استبدلها أتاتورك، في عام 1928، بأخرى رومانية، إجبارياً في مدارس الإمام الخطيب الدينية، والتي تضاعف عددها بنسبة أربعة أضعاف منذ أن وصل حزبه العدالة والتنمية (أي كي) إلى السلطة في عام 2002.
تحقيق الخطط وتشير إيكونوميست إلى أنه "من أجل تحقيق خطط وطموحات أردوغان، لابد من فوز حزبه برابع انتخابات عامة على التوالي. وسوف تجرى إحداها في يونيو (حزيران)، ولا يشك كثيرون في حصول أي كي على المرتبة الأولى، لأن المعارضة الرئيسية، حزب الشعب الجمهوري (سي إتش بي) في حالة فوضى وتفكك. ورغم ذلك، لا بد لحزب أي كي من ضمان ما لا يقل عن ثلثي مقاعد البرلمان، وعددها 550 مقعداً، إن كان سيستبدل الدستور الذي رسمه الجنرالات عندما استولوا على السلطة في عام 1980، وهو أمر مستبعد".
تأثر الاقتصاد ومن جانب آخر، ترى إيكونوميست أن الصداع الأكبر، بالنسبة لأردوغان، سببه اقتصادي، وقد تفاقم جراء تراجع أسعار النفط، وحيث من المتوقع أن يزيد عجز الميزانية الحالي، وأن يتزايد معدل التضخم، وفي ذات الوقت يحتاج النمو لأن يتجاوز معدل 3٪ إن كانت مستويات المعيشة ستبقى على ما هي عليه، ولكن تركيا لا تملك سوى مؤشرات قليلة على معالجة ذلك الأمر، دون اختبار برنامج إصلاحات ليبرالية. ومما يزيد الضغوط على خزائن الدولة وجود أكثر من مليوني لاجئ سوري على الأراضي التركية".