بشر اندلاع الصراع السوري في عام 2011 بزوال الاستراتيجية التركية بشكل رسمي، ولكن الأهم من ذلك، أنه كشف عن وجود أجندة خفية في السياسة الخارجية التركية تحت قيادة رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان". وتقبع الأجندة التركية الخفية تحت مسمى "الإسلاميين"، ففي نظرة أكثر تعمقا نكتشف أن النوايا العثمانية الجديدة تستخدم مصطلح "أسلمة" لإرث "مصطفى كمال أتاتورك" وكذلك السياسة الإقليمية الخارجية، كأداة إحياء الإمبراطورية العثمانية مجددا. وقد أعلن "أردوغان" في المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية في ديسمبر العام الماضي: تركيا في عام 2023 ستكون أمة عظيمة ولديها سلطة كبيرة، ولكن في عام 2071 سوف نصل لمستوى الإمبراطورية العثمانية كأجدادنا". ويظهر "أردوغان" بأنه يجند المسلمين بوهم القتال من أجل الإسلام، ولكن الحقيقة في ذاتها هي طموحاته من أجل دولة عثمانية جديدة، في الوقت الذي تعمل كل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل بشكل جدي لتجنيد تركيا ضد إيران، ويدعمون "أردوغان" في سياسته الإقليمية، ولكن رئيس الوزراء التركي مخدوع ويتجنب فهم صعود قوى أخرى في المنطقة مثل روسياوإيران ومصر والسعودية وسوريا. كما خاب ظن "أردوغان" في أن حلفاءه كجماعة الإخوان المسلمين وجماعات تنظيم القاعدة الإرهابية سيدخلون تعداد قوى التوازن في المنطقة، حيث ركزت تركيا في بداية الربيع العربي على تعزيز موقفها كنموذج يحتذى به، ولكن حين اندلع النزاع السوري اضطر لكشف أجندة "أردوغان" الخفية، وظهرت طموحاته العثمانية بشكل واضح، وبدأ بإسقاط الذرائع العلمانية من نموذج الخطاب التركي. أما العثمانية الجديدة ل"أردوغان" التي تعتمد على أفكار دينية معينة ستأتي بنتائج عكسية، وفي النهاية فإن سياسته الخارجية تنتابها نوع من الفوضى وكذلك الاقتصاد، فقد انخفضت قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 13.2%، وبالتالي في الانتخابات المحلية المقبلة لن يحصل "أردوغان" وحزبه على غالبية الأصوات وكذلك في الانتخابات الرئاسية في أغسطس العام المقبل.