تعكف وزارة العدل حاليًا على استئناف جهودها الرامية لاستعادة الأموال المهربة للخارج في ظل عجز الاقتصاد المصري، الذي يعانى من أزمة سيولة وعجز في الموازنة العامة، وانخفاض مؤشرات الاقتصاد بصفة عامة، ممثلة في حجم الاحتياطي النقدي. ذ أن هناك العديد من صعوبات التى تواجه السلطات المصرية فى استرداد الأموال المهربة فى ظل محاولات مستمرة منذ عدة أعوام مضت. قال المستشار يوسف عثمان، مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع السابق، إن قطاع الكسب بالوزارة مازال مستمرًا فى إجراء المفاوضات للتواصل مع دول الاتحاد الأوروبي لتحريك ملف الأموال المهربة وإزالة العقبات التي تواجه الملف بشأن بعض القوانين الحاكمة فى بريطانياوسويسرا وإسبانيا. وأضاف أن هذه الدول تضع اشتراطات معينة بصدور أحكام باتة ونهائية ضد أصحاب تلك الأموال، مشيرًا إلى أن هناك تطورات جديدة بشأن هذا الملف، بعد إبرام اتفاقيات مع بعض دول الاتحاد الأوروبي باستمرار تجميد الأموال المهربة لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك لحين صدور أحكام قضائية نهائية ضد المتهمين بالكسب غير المشروع وإرسال ما يفيد ذلك إلى تلك الدول. وأكد مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع السابق، أن قيمة الأموال المهربة لرموز نظام مبارك في بريطانياوسويسرا وإسبانيا تقدر بمبلغ مليار ونصف المليار دولار. من جانبه، أكد المستشار عادل فهمي، مساعد وزير العدل للتعاون الدولي، أن وزارة العدل تنتظر صدور أحكام قضائية نهائية في القضايا المنظورة أمام المحاكم المصرية، فضلاً عن الأحكام التي يتم التحقيق فيها من قبل الجهات القضائية المختصة بذلك. وأشار إلى أن صدور أحكام قضائية نهائية ضد بعض رجال الأعمال الهاربين سيدعم موقف مصر بقوة في المطالبة برد تلك الأموال كحق أصيل لها. وأوضح، أن وجود أحكام قضائية نهائية، سيساعد مصر فى استعادة الأموال المتواجدة بجميع الدول التى تم تهريب الأموال إليها ومنها دولة سويسرا، وأن الاتحاد الأوروبي اتخذ لاحقًا قرارًا بتجديد تجميد الأموال المهربة إليه واستمرار التحفظ عليها لثلاث سنوات قادمة، وهو ما يعنى أن استمرار التجميد حتى عام 2017. ولفت إلى أن الوزارة برئاسة المستشار محفوظ، تعكف حاليًا على إعداد مذكرة تتضمن الأدلة الكاملة حول تهريب بعض رجال الأعمال من رموز نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك أموالاً تابعة لهم، عقب ثورة 25 يناير إلى فرنسا. وأضاف فهمى، أن هناك دولاً لم تفصح حتى الآن عن حجم الأموال المهربة إليها من رموز نظام مبارك حتى الآن، وأن إعداد تلك المذكرة من شأنه إثبات أحقية مصر في تلك الأموال بناءً على التعليمات الخاصة بمؤتمر جينيف بسويسرا، والذي أوصى بأحقية الدول المتضررة من تهريب الأموال في ردها كحق أصيل للشعوب التابعة لها. وأشار، إلى أن بعض الدول التي لم تعلن حتى الآن عن حجم الأموال البنكية التي تم تهريبها إليها وهى فرنسا، مشيرًا إلى أن مصر طالبت فرنسا بالإفصاح عن حجم الأموال البنكية التي تم تهريبها إليها، بالإضافة إلى الممتلكات الخاصة بالأسماء التي تتضمنها التحقيقات من قبل القضاء المصري. وقال إنه قام بزيارة لفرنسا تناولت تلك الزيارة الحديث عن بعض بنود التعاون القضائي المصري الفرنسي، حيث التقى فيها مسئولين من الجانب الفرنسي، مضيفًا أن التعاون القضائي بين مصر وفرنسا له تاريخ كبير متمثلاً فى اتفاقيات لتسليم الهاربين وأخرى لتبادل الخبرات القضائية. من جانبه، أكد الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولي ورئيس جامعة بني سويف الأسبق، أن استعادة الأموال المهربة من قبل مبارك ورموز نظامه والوصول إليها أمر صعب ويحتاج وقتًا طويلًا، مشيرًا إلى أنها ليست مسألة سهلة، ولكن الحل الوحيد لاستعادتها هو التصالح فى القضايا مقابل استرداد الأموال، خاصة أن الدولة لا تعلم حجم هذه الأموال حتى الآن. ولفت رفعت إلى أن "براءة مبارك في قضية قتل المتظاهرين ليس لها تأثير نهائيًا على حق مصر في استرداد أموالها المهربة للخارج"، موضحًا أن هناك اختلافًا بين جرائم النفس وجرائم الأموال والاستيلاء عليها، مشيرًا إلى أن إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل لم تختصم مبارك أمام القضاء في قضية تهريب الأموال،. وقال رفعت إنه "لم يتم التعامل مع ملف الأموال المهربة والمنهوبة بالجدية المطلوبة على المستوى الرسمي طوال ثلاث سنوات ماضية، كما أن الجهود الشعبية والمدنية لاسترداد هذه الأموال لم تسفر عن أى نتيجة". وأضاف أستاذ القانون الدولى، أن هناك العديد من القواعد التي تحكم عملية استرداد الأموال المهربة، ومنها أن الأموال المطلوب استردادها موجودة في دول أجنبية، ومن ثم يجب إقناع هذه الدول بأحقية مصر في هذه الأموال، على أن يتم ذلك عن طريق إثبات أن هذه الأموال قد تم تحصيلها دون وجه حق من أموال الشعب المصري، ما يستلزم صدور أحكام نهائية وباتة من القضاء المصري يثبت عدم مشروعية هذه الأموال. وأوضح أنه إذا تم إثبات ما تقدم عبر أحكام نهائية باتة من القضاء المصري يتطلب مخاطبة السلطات المختصة في تلك الدول، وتقديم ملف متكامل متضمنًا كل الوثائق والمستندات، والأحكام القضائية النهائية التى تثبت عدم مشروعية هذه الأموال حتى تقوم تلك السلطات باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة نحو استعادة هذه الأموال فعليًا. من جانبه، أكد الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري، أن قضية استرداد أموال رموز نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك كانت تواجه خللاً لدى الأجهزة المعنية باستردادها، فعلى مدى 3 سنوات فشلت كل اللجان التي تم تشكيلها في إعادة جنيه واحد من هذه الأموال. وقال السيد إنه لابد من الإلمام بالقوانين الداخلية وقوانين الدول المتواجد بها تلك الأموال إضافة إلى اتفاقية مكافحة الفساد الخاصة بالأمم المتحدة والموقعة عليها مصر، قبل البدء في اتخاذ أي إجراءات تتعلق باسترداد هذه الأموال. جدير بالذكر أن محكمة جنايات شمال القاهرة قد قضت ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بالنسبة للتهمة الموجهة إليه بقتل متظاهري 25 يناير بعدم جواز نظر الدعوى، كما قضت محكمة جنايات شمال القاهرة حضوريًا ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك فى قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل، أما بخصوص قضية فيلات شرم الشيخ فقد قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية ضد مبارك ونجليه علاء وجمال الذين اتهموا بتلقي هدايا من حسين سالم. وكان قسم التشريع بمجلس الدولة قد انتهى من مراجعة قانون استرداد الأموال المنهوبة من الخارج ونص القانون على تشكيل لجنة ذات اختصاص قضائي يترأسها وزير العدل، وتضم في عضويتها كلا من مساعدي وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع والتعاون الدولي، والنائب العام المساعد، وممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والمالية، وقسم المنازعات بهيئة قضايا الدولة، إلى جانب ممثلين عن المخابرات العامة والرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات ووحدة مكافحة غسيل الأموال، وأخيرًا الرقابة المالية، ويترأس اللجنة وزير العدل وتضم ممثلين عن الخارجية والداخلية والمالية والمخابرات العامة والرقابة الإدارية وآخرين.