أقباط: سيسجل في التاريخ وسيكون الرئيس الأقرب للقلوب.. وسياسيون: سيستغل الفرصة لتعزيز شعبيته أيام قليلة، ويحتفل المسيحيون بعيد الميلاد، تلك المناسبة التي يستغلها رجال الدولة والأحزاب والشخصيات العامة، لتقدم التهاني للكنيسة والأقباط، لكنها لم تسجل حضورًا لأي من رؤساء مصر، الذين تعاقبوا على حكم البلاد منذ محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد ثورة 1952، وحتى الرئيس السابق المؤقت عدلي منصور. إلا أنه يبدو أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيكسر هذه القاعدة، في ظل أنباء عن حضوره القداس، كأول رئيس يشارك فى قداس داخل الكنيسة، ليكون الرئيس الأقرب للأقباط، خاصة بعد دورهم وحشدهم فى تظاهرات 30 يونيو التى عزلت الرئيس المعزول محمد مرسي، وجماعة "الإخوان المسلمين"، ويتفوق بذلك على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي وضع حجر الأساس لمقر بطريركية الأقباط الأرثوذكس التي تحتضن قداس عيد الميلاد. ولاشك أن السيسي يحظى بشعبية جارفة داخل الوسط القبطي، لتخلصيهم من جماعة الإخوان المسلمين، ومن جانب عريض من التيار الإسلامي، الذي كان يمثل جانبًا من المخاوف لدى الأقباط. وقال الناشط القبطي روماني جاد الرب، نائب رئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان، إنه "منذ عام 1952 وثورتها، لم يبادر أي رئيس بالحضور للكنيسة لمشاركة الأقباط في أعيادهم، إذ يكتفون بإرسال مندوبين عنهم للتهنئة، على الرغم من أن مشاركة الكنيسة وحضورها في كل المناسبات الإسلامية". وأضاف: "الأقباط شاركوا في 30 يونيو وكان لهم نصيب الأسد فى المشاركة، وكان البابا تواضروس حاضرًا على منصة 3يوليو تحت نظر العالم، كتفًا بكتف، ومن باب أولى أن يرفع الرئيس السيسى شعار "الدين لله والوطن للجميع"، ويرسخ قيمة الوطن في صدور الأقباط". غير إنه بدا متشككًا في إمكانية حضور الرئيس السيسي، متوقعًا أن يسير على نهج سابقيه من الرؤساء خوفًا من التعقيب الإعلامي الذي يناله، خاصة من جانب التيار الإسلامي، والذي وصفه جاد الرب ب "المتشدد". وقال روماني: "الأقباط يتذكرون جمال عبدالناصر لوضعه حجر الأساس للبطريركية الكبيرة فى العباسية التى تحتضن قداس عيد الميلاد كل عام، وفترة خلفه أنور السادات شهدت خلافًا حادًا مع البابا شنودة، والتي كانت سببًا مباشرًا فى امتناع السادات عن حضور قداس عيد الميلاد، وكان مبارك على خطى سلفه، يمتنع بلا سبب، وصار حضور ابنه جمال محل استغراب، عدّه رافضوه من طقوس التوريث". وتابع: "فترة مرسى كانت الأصعب على الأقباط، حيث التشدد وتحريم التهنئة بلسان مفتى الجماعة عبدالرحمن البر". من جانبه، قال رفيق جرجس، المتحدث الصحفى بالكنيسة الكاثوليكية، إن الفرصة سانحة أمام السيسى أن يثبت أنه مختلف كليًا عن جميع الرؤساء السابقين، الذين حرموا على أنفسهم دخول الكنيسة كالرؤساء الشرقيين. وأضاف: "نتمنى أن يقوم الرئيس بالحضور وكسر هذا الحاجز، لاسيما بعد المشاركة الحاشدة للأقباط في 30 يونيو والتي نصبت السيسي رئيسًا للجمهورية"، مع ذلك أكد أن "عدم حضور السيسي قداس الميلاد لن يغير شيئًا من حب الأقباط لرمز 30يونيو، ولكن إن فعلها فسيكون الرئيس الأقرب لقلوب الأقباط وسيسجله التاريخ". وقال هاني سرى الدين، القيادي بحزب "المصريين الأحرار"، إن حضور السيسي قداس عيد الميلاد له دلالات كثيرة فى نفوس الأقباط، لأنه سيكون بذلك أول رئيس جمهورية يدخل الكنيسة مشاركًا، وهو سيكون الأقرب للأقباط، ويرسخ مبدأ الديمقراطية، والرئيس الأب لجميع المصريين. وأضاف: "الأقباط شاركوا فى ثورة يناير والكنيسة لم تستجب لمحاولات جماعة الإخوان المسلمين فى استقطابها، وخرجت فى ال30 من يونيو مع الشعب حتى تعلن صراحة، انحيازها للشعب ووقوفها خلف الرئيس الجديد السيسى". وتابع: "على مر الجمهورية المصرية لم يصل أى رئيس لهذه المكانة وبحضوره سيكون الرئيس التاريخي للأقباط". وقال الدكتور أيمن عبدالوهاب، الخبير السياسى بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن "رؤساء الدول الثمانية لم يتطرقوا إلى الحضور وفضلوا إرسال مبعوث إنابة عنهم". وأشار إلى أن "هناك عدة قضايا شكلت العلاقة بين الرئيس عبر العصور والأقباط فكل منهم له قضية، فمبارك اشتهر بحادثة القديسين الأشهر، كذلك بناء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الكنيسة الأم بالعباسية، أما عن الرئيس السادات فحدث ولا حرج عن الخلافات مع الأقباط والعلاقة غير المستقرة مع البابا آنذاك". وأكد عبدالوهاب، أن "العلاقة بين الرئيس السيسى والأقباط فى أفضل ما يكون، منذ أن كان الأول وزيرًا للدفاع، وإعلانه المهلة المحددة للرئيس المعزول محمد مرسي، وبعدها طلبه التفويض والانتخابات وغيرها من المواقف"، مشيرًا إلى أن حضور السيسى متوقع لأنه دومًا ما يستغل مثل تلك الفرص لتمكين نظامه.