"لم يكن عام 2014 يختلف كثيرًا عند طلاب الجامعات المصرية عن العام الذى سبقه، حيث شهدت الجامعات أحداثًا من العنف التى لم يجن ثمارها الطلاب فحسب، وإنما أعضاء هيئة التدريس أيضًا، حيث كان النصيب الأكبر من فصل واعتقال الأساتذة والطلاب لجامعة الأزهر تلتها عين شمس والقاهرة، حتى أن الدولة احتفلت لأول مرة بعيد العلم وعدد كبير من علمائها إما بالسجون أو بجامعات أمريكا، حيث الرعاية والاهتمام وجود آلاف من الطلاب وأساتذة الجامعات فى السجون المصرية دفن معهم العلم وانتهى معهم عقد كامل من الابتكار بسبب الأحكام الصارمة التى فرضت عليهم خلف القضبان فى الجامعة وفى السجون بسبب سن الدولة قوانينها التى تعجز الطالب المصرى من الإبداع والابتكار، حيث اتبعت الحكومة سياسة مزدوجة من سن قوانين ولوائح وتمثلت القوانين والإجراءات فى تعديلات للحد من النشاط الطلابى ووضع الجامعات تحت السلطة التنفيذية فمنعت الجامعة بعض الأسر الطلابية من ممارسة العمل السياسى بأن الجامعة للدراسة فقط وليست للنشاط السياسي. كما جعلت تعيين القيادات الجامعية رهنًا للسلطة التنفيذية بعد أن أصبح لرئيس الجمهورية سلطات تعيين وإقالة رؤساء وعمداء الجامعات، وذلك وفقا للمادة رقم52 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بقانون رقم 49 لسنة 1972 وهذا حدث فى 24 يونيو 2014 والذى ينص على "من حق رئيس الجمهورية أن يعين رئيس الجامعة بناء على عرض وزير التعليم العالى كما يجوز له إقالة رئيس الجامعة من منصبه قبل نهاية مدة تعيينه، إذن فأين هنا حرية الإبداع والابتكار؟". وفى سابقة خطيرة أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارًا ينص على معاونة القوات المسلحة للشرطة وفقا للمادة رقم 136 لسنة 2014 فى تأمين الجامعات، وتزامنت هذه التعديلات مع عدد من الممارسات القمعية ضد الطلاب والتى تمثلت فى حبس واعتقال الطلاب وأساتذة الجامعات هذا غير عمليات المداهمات لمنازل الطلاب بغرض القبض عليهم. وهذا غير اقتحام الجامعات من قبل قوات الأمن واستعمال مفرط للقوة تجاه الطلاب نتج عنه إصابات لعدد من الطلاب واعتقال الكثير من الطلاب الذى وصل عددهم منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى إلى 2037 طالبًا وفصل 600 طالب ومقتل 19 طالبًا، وذلك وفقا لتقرير"المفوضية المصرية للحقوق والحريات" بمركز هشام مبارك. حتى أنه مع صبيحة أول يوم دراسى فى 11/10/2014 وحتى نهاية الأسبوع نتج عنها أكثر من 200 طالب اعتقلوا من منازلهم ومن جامعاتهم على خلفية انتمائهم لاتحادات وحركات طلابية فأين حق العلم هنا؟ "الأزهر" ذات النصيب الأكبر بالانتهاكات جامعة الأزهر رغم أزهريتها انتهك حق الطلاب فى البحث عن ذاتهم بها ولكن لم يسمح لهم، وكانت أبرز الانتهاكات فى الحرم الجامعى الأزهرى وتعد ذات النصيب الأكبر لتلك الانتهاكات، وهى اعتقال إبراهيم اليماني، جريمته الوحيدة مداواة الجرحى وإسعاف المصابين بأحداث مسجد الفتح. لم يكتفوا بحرمانه من الحرية فقط بل قاموا بمداهمة الزنزانة التى يقبع خلفها يوم السبت 6/12/2014، وتم سحله إلى خارجها رغم حالته الصحية المتدهورة فهو مصاب بنزلة شعبية حادة فإضرابه عن الطعام قد تجاوز 242 يومًا وقاموا بتفتيش أغراضه الشخصية وصادروا البطاطين والملابس خاصته التى يتقوى بها على البرد. ولما أبدى المعتقلون الموجودون فى الزنازين المجاورة شيئًا من الاعتراض قامت قوات أمن السجن باقتيادهم إلى غرف التأديب. وقالت مروة جمال، المسئولة عن ملف انتهاكات جامعة الأزهر، إن من ضمن هذه الانتهاكات القضية المعروفة إعلاميًا "آية عبد لله" ابنة مستشار شيخ الأزهر، والتى اعتقلت بسبب دفاعها عن إحدى الطالبات المعتقلات، ويتم تجديد قضية فى كل جلسة لها. تحت قبة "القاهرة".. "لسه الطالب هو الحل" جامعة القاهرة تعد النافذة الثانية بعد الأزهر التى يمكن أن نعرض من خلالها انتهاكات قوات الأمن تجاه الطلاب والأساتذة، لأنها تضم نخبة من كبار الأساتذة فى العلوم والسياسة والقانون الذين تم تكريمهم إما بالفصل أو الاعتقال أو القتل أو الإقصاء من العملية التعليمية مثل دكتور الاقتصاد والعلوم السياسية بكلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة سيف عبد الفتاح، الذى تم إقصاؤه من العملية التعليمية لتعبيره عن رأيه، ونفس الإجراء تم اتخاذه مع الدكتورة باكينام الشرقاوي، أستاذة العلوم السياسية فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. أما الدكتور باسم عودة، أخذ مع إجراء مختلف تمامًا لأنه تم إعطاؤه حكمًا بالإعدام لمساندة الرئيس المعزول محمد مرسي، باسم عودة كان أستاذ الهندسة الحيوية فى كلية الهندسة جامعة القاهرة. أما الدكتور بهجت الأناضولى، الأمين العام لاتحاد الكيمائيين العرب وأستاذ العلوم بكلية العلوم، تم إلقاء القبض عليه فى 27 أكتوبر الماضى لاتهامه بالانضمام إلى جماعة الإخوان على الرغم أن عمره 65 عامًا، ولم يسلم دكتور ياسر الصرفى من تكريم الدولة له لكن تكريم الدولة هنا تكريم من نوع خاص. الصرفى أستاذ ورئيس قسم القانون بكلية الحقوق تم إلقاء القبض عليه فى شهر فبراير الماضى لاتهامه بالتحريض على العنف والانتماء لجماعة الإخوان المسلمين. أما طلاب جامعة القاهرة، لم ينجوا من قمع أجهزة الدولة لهم فيعد الطالب محمد رضا، هو أول قتيل لانتهاكات الأمن للجامعات فى جامعة القاهرة، محمد رضا طالب هندسة القاهرة الذى لقى حتفه بعد إصابته بطلقات خرطوش متفرقة فى رأسه وصدره وظهره بعد أن قام الأمن بفض تظاهرة مناهضة للعسكر، محمد توفى فى 28/ 11 من العام الماضي، محمد لم يكن لديه أى انتماء سياسى وكان معروفًا بحسن الخلق بين زملائه. والطالب عبد الرحمن حسن وهبة، الشهير ب"بودا"، تلقى رصاصة فى صدره أثناء فض تظاهرة خرجت من جامعة القاهرة فى فبراير الماضي، وظل أسبوعين فى العناية المركزة يصارع على البقاء، ولكن مات بعدها ومازالت شوارع الجيزة تنبض باسمه، وكتب على جدرانها "الحرية ل بودا". "عين شمس" فى المرتبة الثالثة للانتهاكات الطلابية تأتى جامعة عين شمس فى المرحلة الثالثة لتأخذ نصيبًا من الانتهاكات التى تتعرض لها من قبل قوات الأمن ليسقط عدد من أبناء العلم. فعندما نتكلم عن عيد العلم والعلماء الذى احتفل به لأول مرة هذا العام يجب أن نذكر أبرز الأساتذة الذين أعطوا الكثير من العلم وتم مكافأتهم بقتل واعتقال، فمن أبرز تلك الشخصيات الدكتور طارق الغندور، دكتور الأمراض الجلدية والتناسلية فى جامعة عين شمس. حيث تم اعتقال طارق فى ديسمبر الماضى بتهمة انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين وتم احتجازه فى القسم لمدة شهر وتم ترحيله على سجن أبو زعبل على الرغم من أنه مريض بتليف الكبد ويحتاج إلى رعاية كاملة متكاملة، إلا أنه تم معاملته أسوأ معاملة لا تليق برجل على درجة عالية من العلم، فعندما ساءت حالته الصحية قام السجن بنقله إلى مستشفى السجن، استمر هناك لمدة شهر بدون أى نوع من أنواع الرعاية الصحية لدرجة أنه طلب من السجن نقله إلى مستشفى عين شمس التخصصى، لكن إدارة السجن أبت ورفضت حتى جاء اليوم الأخير الذى توفى فيه دكتور طارق، ظل ينزف من فمه لمدة 6 ساعات ولا يسأل عنه أحد وتركوه ينزف حتى توفاه الله. دكتور طارق، كان محبوبًا جدًا من تلاميذه بالجامعة ومن جميع أعضاء هيئة التدريس فى الجامعة، وكان المرضى لم يستطيعوا الكشف عنده إذا لم يحجزوا للكشف قبلها بشهر، وبعد أن توفى قام طلاب كلية الطب بعمل العديد من الوقفات للتنديد بمقتله وكانت تلك المعاملة هى جزاء شارة من شارات المعرفة. وكما ذكرنا الأستاذ يجب أن نذكر الطالب، حيث تعد جامعة عين شمس أول جامعة يسقط فيها أصغر قتيل بكلية الهندسة وهو الطالب "بلال على جابر" الطالب فى الفرقة الأولى بهندسة عين شمس، بلال تم قتله برصاصة اخترقت قلبه من قبل قوات الأمن بعد أن خرج فى تظاهرة مع زملائه للتنديد بما أسموه ب"الانقلاب العسكرى" وحصل بلال حينها على زخم إعلامى ضخم بعد قتله وحتى الآن صور بلال مازالت ملصوقة على جدران الكلية. ومن أشهر شهداء الجامعة أيضًا هو شهيد حاسبات ومعلومات عين شمس وهو شهيد "الأقصى" محمد أيمن عبد السلام، الذى لقب بهذا الاسم لتمنية تحرير القدس، محمد الذى قتل بطلق نارى فى صدره من قوات الداخلية، وقام أصدقاؤه بتسمية المدرج باسمه. وكذلك الطالب محمد رمضان، ضحية التعذيب، الذى توفى الشهر الماضى فى قسم شرطة حدائق القبة، بعد عشرة أيام من احتجازه فى القسم، وتعرضه لأبشع أنواع التعذيب.. محمد طالب فى الفرقة الثالثة بكلية الحقوق، وتم اعتقاله بعد فض تظاهرة من داخل الحرم الجامعى. الموت حليف الطلاب فى جامعة الإسكندرية من هندسة القاهرة إلى هندسة الإسكندرية، حيث الطالب عمر الشريف، الذى كان أحد ضحايا العنف فى الأسبوع الثانى من بدء العام الدراسى، والذى أصيب بطلق نارى فى الرأس والرقبة نتيجة طلقات الخرطوش الحى أطلقتها قوات الأمن على الطلاب، عمر ظل محتجزًا وجرحه ينزف فى مبنى قسم الهندسة الميكانيكية هو وعدد من الطلاب هربًا من مطاردة الأمن لهم داخل الجامعة، حتى زادت حالته سوءًا ثم تم نقله إلى المستشفى الميرى بعد تمكنهم من الخروج من الجامعة، وظل تحت رقابة وزارة الداخلية فى حالة بالغة الخطورة، حيث كان يعانى من نزيف داخلى وكسر داخل الجمجمة، بالإضافة إلى إصابته بالعمى بعد انفجار مقلتى العين إلى أن توفى الطالب عمر الشريف صباح 21 أكتوبر 2014 إثر إصابته. هذا غير الأساتذة المطاردين فى الجامعة مثل على بركات نقيب المهندسين بالإسكندرية، وأستاذ متفرغ بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية وكذلك الأستاذ حسن البرنس أستاذ الأشعة التشخيصية كلية الطب جامعة الإسكندرية. الجامعات المصرية لم تخلو من "موجة" الاحتجاجات لم تقف عند هذا الحد بل تواجه أصعب وأشد المحن لمعارضتها للنظام الحالي، أغلب المعتقلين من الجامعات هم أوائل ونابغون فى مجال دراستهم، وسوف نعرض مجموعة من هؤلاء الطلاب مثل الطالب "معتز بالله غانم" طالب كلية التجارة جامعة المنصورة، الذى تم اعتقاله من منزله اعتقالًا تعسفيًا مخالفًا للقانون، وذلك فجر يوم 2014/10/11، وتم تعرضه للاختفاء القسرى لمدة أسبوع كامل، تبيّن بعدها أنه كان يتعرض طيلة هذه المدة للتعذيب فى قسم أول المنصورة، ومن ثم تم نقله لسجن "ميت سلسيل"، حيث تعرّض للتعذيب الشديد، إلى أن تم عرضه فى يوم 2014/11/3 لأول مرة على النيابة العامة، والتى كانت قد وجهت له عدة تهم أبرزها: الانضمام لجماعة إرهابية أسست على خلاف القانون تدعو لتعطيل أحكامه، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، وتعطيل الدستور، وحرق سيارات الشرطة، وتكدير الأمن العام، واستهداف شخصيات عامة. وكذلك طالب جامعة المنوفية كلية التجارة الفرقة الثالثة، الذى قضت نيابة شبين الكوم فى يوم السبت الموافق 13-12-2014 بتجديد حبسه لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات وتم اعتقاله اعتقالا تعسفيا من أحد الشوارع فى يوم 3 مايو الماضى، ليتم احتجازه بسجن شبين الكوم العمومى. والغرامة المالية 10.000 على اثنين من طلاب جامعة جنوب الوادى وهما "خالد عبد اللطيف محمد"، الطالب بالفرقة الرابعة كلية التجارة، والطالب مصطفى عبد الرءوف، يُذكر أنه كان قد تم اعتقال الطالبين اعتقالًا تعسفيًا فى يوم 2014/7/3، ووجهت إليهما تهمة التظاهر دون تصريح، ومن ثم تمت إحالتهما لمحكمة الجنح، كما تم إخلاء سبيلهما بعدها ليصدر القرار فى يوم 2014/12/5 بتغريمها 10.000 جنيه. مطالبات بالإفراج الفورى عن الطلاب وإصدار عفو رئاسى يشمل الجميع قال أحمد البقرى، نائب رئيس اتحاد طلاب مصر، إن عام 2014 شهد العديد من حالات الاعتقال والقتل ضد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، فى الوقت الذى أحيت فيه الدولة عيد العلم المصرى، متسائلًا أى احتفال يتحدث عنه وسط مئات من العلماء وأستاذة الجامعات خلف السجون؟ أى احتفال هذا ومستقبل الطلاب فى مصر إما القبور أو السجون؟ وأشار البقرى، فى تصريح خاص ل"المصريون"، إلى أن عيد العلم قتل فى ذكراه الدكتور طارق الغندور بالإهمال الطبى فى سجون السلطة، وبترت قدم أسماء جهينة بالإسكندرية على أيدى قوات الأمن. وأضاف: "حالات القتل وصلت إلى 213 طالبًا جامعيًا وأكثر من 10 أساتذة واعتقال أكثر من 3045 طالبًا وأكثر من 200 أستاذ جامعى، وحرم أكثر من 700 طالب من حقهم فى التعليم. وفى نفس السياق، طالب عصام حجى، عالم الفضاء ومستشار رئيس الجمهورية السابق، النظام الحالى بضرورة دراسة مشروع العفو الرئاسى للإفراج عن الطلبة وأعضاء هيئة التدريس المحتجزين، مؤكدا أنه لن يجادل فى الأخطاء التى ارتكبت من كل الأطراف والتى أدت إلى هذا الوضع، ولكن مصر أكبر من أن تستمر فى هذا الخطأ، مشيرًا إلى أن ما نحتاجه هو أن نكون يدًا واحدة للقضاء على الجهل فليس لنا عدو سواه.