منال عوض: إزالة أدوار مخالفة لرخص البناء ومصادرة مواد البناء واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين    لليوم ال 5.. التموين تواصل صرف المقررات و المنافذ تعمل حتى 8 مساءً    محافظ جنوب سيناء يبحث مع صندوق التنمية الحضرية تعزيز مشروعات الإسكان والمرافق    الفيومي: 7.6% نموًا في التبادل التجاري المصري الأوروبي.. والصادرات تقفز إلى 7.57 مليار دولار    منال عوض تؤكد: وزراء البحر المتوسط يجددون التزامهم بحماية البيئة البحرية والساحلي    وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص بمجالات الإنتاج والتوزيع واستخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصف رفح وحي التفاح شرق غزة    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    قرعة كأس العالم 2026.. منتخب مصر فى مواجهة محتملة ضد المكسيك بالافتتاح    ماكرون يدعو لزيادة الضغوط على روسيا ولموقف موحد أوروبي أمريكي بشأن أوكرانيا    يلا شوووت.. مباراة عمان والمغرب اليوم: موعد قوي وحاسم في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    سلوت: محمد صلاح لاعب استثنائي وأفكر فيه سواء كان أساسيًا أو بديلًا    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالسويس    "Cloudflare" تعلن عودة خدماتها للعمل بكامل طاقتها مجددًا بعد انقطاع عالمي واسع النطاق    العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية بالترعة الإبراهيمية فى سمالوط بالمنيا    بدءًا من الغد.. منخفض جوى وعواصف رعدية وثلوج فى لبنان    فيلم السماء بتقع يشارك في مسابقة الأفلام المصرية بمهرجان القاهرة للفيلم القصير    حفل لفرقة "كايرو كافيه" بدار الأوبرا الأحد المقبل    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    قافلة طبية بقرية أبو عدوي في دمياط تقدم خدمات مجانية لأكثر من ألف مواطن    مصر تستضيف النافذة الثانية من تصفيات كأس العالم للسلة    وكيل الجفالي يوضح حقيقة شكوى اللاعب لفسخ عقده مع الزمالك    جهاد حسام الدين تنضم إلى مسلسل عباس الريّس في أول تعاون مع عمرو سعد    وكيل تعليم القاهرة تشارك بفعاليات لقاء قيادات التعليم ضمن مشروع "مدارس مرحبة ومتطورة"    الداخلية تستحدث شهادة المخالفات المرورية الإلكترونية بديلاً للورقية    تفاصيل القصة الكاملة لأزمة ميادة الحناوى وحقيقة لجوئها ل AI    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    خرست ألسنتكم داخل حناجركم    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    الحصر العددي يكشف مفاجآت في انتخابات دائرة إمبابة.. مرشح متوفى يحصل على الترتيب الرابع وأصوات إيهاب الخولي تتراجع من 22 ألف إلى 1300 صوت    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب (بث مباشر)    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    كأس العرب - وسام أبو علي يكشف حقيقة مشاركته مع فلسطين في البطولة    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    إعلام إسرائيلي: انتحار ضابط في لواء جفعاتي بسبب مشكلات نفسية    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    محافظ المنيا يشهد فعاليات الندوة التثقيفية ال91 لقوات الدفاع الشعبي    الدفاعات الأوكرانية تتصدى لهجوم روسي بالمسيرات على العاصمة كييف    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بشير عبد الفتاح ل كلمة أخيرة: الناخب المصري يعاني إرهاقا سياسيا منذ 2011    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفكير فريضة إسلامية
نشر في المصريون يوم 05 - 12 - 2014

خلق الله الإنسان واختاره لحمل أمانته ، تلك الأمانة التى عُرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان فأصبح سيداً لهذا الكون ، الذى فضلّه فيه ربه على كثير ممن خلق تفضيلاً.
وجعل الله العقل هو شرط المسئولية والمحاسبة ، فالنبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) يقول : " رفع القلم عن ثلاث ، الصغير حتى يكبر ، والنائم حتى يستيقظ ، والمجنون حتى يعقل " ، ورفع القلم عن هؤلاء أى رفع الحساب والمسئولية عنهم فى هذه الحالات ، فالصغير لا يميز بعقله ، والنائم متوقف عقله ، والمجنون لا يعى فعله ، فهم غير مسئولين عن أفعالهم وأقوالهم فى هذه الحالات لأن العقل وحده هو مناط المسئولية.
ولأن العقل حاز هذا التكريم وذاك التشريف ، ولأنه مناط التكليف فقد أمر الله الإنسان بإعمال هذا العقل والتفكير فى خلق الله والغاية من وجود الكون والإنسان ، والمصير الذى ينتظر ذاك الإنسان بعد موته ، فلا تخلو سورة من سور القرآن الحكيم إلا وهى تأمر بإعمال العقل وتحث على التفكير وتعتبره فريضة أساسية للوجود الإنسانى ، إذ لا تكليف بالفرائض الخمس إلا بعد توافر العقل ، ومن هنا كان العقل هو القاعدة الأساسية التى يقوم عليها أى تكليف.
ويستنهض القرآن الكريم كل عزيمة ممكنة لإعمال هذا العقل ، ويسلك إليه كل طريق ، فيقول ربنا فى العديد من أيات الذكر الحكيم { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ إن فى ذلك لآيات لأولى الألباب إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى ثم يتساءل مستنكراً على أرباب العقول تغييب عقولهم أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ أَفَلَا يَتَفَكَّرُونَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ } فى دلالة بليغة وحكمة بالغة بأن العقل هو سر الإيمان بالله ، فالله عندما يعرض عليك دلائل الإيمان لا يعرضها على قلبك قبل عقلك ، بل يعرضها على العقل أولاً ليلتقط منها ما يشاء من مشاهد إعجازية ، وللقرآن العديد من هذه المواقف وأشباهها {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة164)
القرآن هنا يخاطب العقل لا القلب ، يقول لك دع عقلك يفكر ، وسيره ليلتقط تلك المشاهد، السماوات المرتفعة بلا أعمدة ، والأرض المنبطحة بلا حدود ، وتعاقب الليل والنهار ، وقدرة الماء الرقيق السائل على حمل السفن العملاقة ، ثم ذاك المطر الذى يهبط على الصحراء فيجعلها واحة خضراء، وحركة الرياح التى تحمل السحب المسخرة بين السماء والأرض ، ألا يقبل العقل كل هذه الأدلة على وجود الله.
من هنا كان العقل دليل إلى الإيمان ، وعندما سُئل الإمام على (رضي الله عنه) أى الأمرين أعظم نعمة ، الإسلام أم العقل ، فأجاب بغير تردد ، العقل أعظم ، فتعجب الجالسون وقالوا كيف يا أبا الحسن ، فقال بالعقل اهتدينا إلى الإسلام ولولا العقل ما أسلمنا ولا كُلفنا " وفى هذا المعنى تجد الكثير فى القرآن الكريم كلما مررت بين حدائقه الغّناء ، ففى جميع سوره وآياته تجد خطاباً موجهاً للعقل ، وكأن الله يريد أن يقول للجميع " بدون العقل لا تفكير وبدون التفكير لا حياة " ..
فالعقل هو دليل الإيمان ، ويكفى فى ذلك أن تعرف أن المشركين يوم القيامة يعترفون بأنهم كانوا بلا عقول ، لأنهم لو كان لديهم عقولاً لآمنوا {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ {10} فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ } فأرجعوا كفرهم وضلالهم إلى فساد عقولهم.
والعقل ضد الهوى وليس ضد العاطفة ، فالعاطفة إحساس دافئ فيه رحمة وتراحم أمر الله بهما ، ولكن الهوى شئ ممقوت للنفس ، فالهوى هو أن تحكم لصالحك ، أو أن تحكم لمكيدة فى نفسك ، ومن هنا يحذر القرآن من الهوى ، حتى الأنبياء حذرهم منه { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } أى لا تتبع هوى نفسك فتحكم لهذا ضد هذا على غير مراد الله ، وهى القاعدة الأصيلة التى يجليها القرآن مراراً وتكراراً، ذلك أن اتباع الهوى مناف لمقصود الشرع فى إعمال العقل واتفاق الحق ، لذلك جاء التحذير الإلهى للنبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) من اتباع الهوى ، أهواء قوم ضلوا عن سبيل الله ، فيخاطبه القرآن بقوله { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } (الشورى15)
أى لتتبع سبيل عقلك يا رسول الله ، ولا تتبع أهواء هؤلاء ، ودعهم وما يفعلون ، فالحكم كله فى النهاية لله ، والأمر كله إليه منتهاه.
إن الدين الإسلامى جاء ديناً عقلياً ، يخاطب العقل بالأساس ، فلم يعد الناس بالفردوس المنشود دون عمل ، أو دون تدبر ، أو دون تعقل ، ولم يعدهم بالجنة سدى ، بل أمرهم بالإيمان ومباشرة هذا الإيمان لشغاف القلوب ، ويقين العقل بهذا الإيمان ، ومن ثم جاء الدين دافعاً إلى التفكير وحاثاً على إعمال العقل باعتباره مناط التكليف وسر التكريم ، فبدون العقل لا تكليف ، وبدون العقل لا تشريف.
بل إن شرف الإنسان يزداد كلما ازداد عقله ، فيرتقى إلى مراتب الحكماء ومنابع الحكمة ، تلك الحكمة التى مدحها القرآن بقوله { يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } ، والحكماء لهم فضلهم وشرفهم عند الله ، فقد خلدهم فى كتابه فقال عن لقمان { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } ، وهذه شهادة منه سبحانه بأن مكانة الانسان عند حكمته ، وقدره عند قدر حكمته وعقله ، فهل نلتمس السُبل نحو تمام النعمة علينا بإعمال العقل والسعى الدءوب نحو التفكير والتماس سبل الخلاص من طينيتنا البغيضة واستغلال كل ذرة من ذرات العقل لأجل صنع مستقبل أفضل ، أم أننا سنظل فى عمى عن نعمة العقل ، فنتبع الهوى ليضلنا عن سبيل الحق والعدل والخير ، ويصدق علينا قول ربنا {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.