خلاف دستوري حول أحقية البرلمان القادم في إلغاء قوانين من سبقوه.. وأحسن الأحوال هو مراجعة قوانين ثلاثة رؤساء فرحات: مجبرون على الالتزام بالدستور.. ونور الدين: البرلمان يستطيع إلغاء قانون "الرئاسية" وما ترتب عليها من فوز السيسي
مصادر: تأجيل الانتخابات حتى حل أزمة المادة "المعوقة".. والحديث عن استبعاد الرئيس خيال
فى كل مرة يسير فيها المشهد قدما ليخبروك أن أخيرًا وطنًا أوشك على الاستقرار، لتصحو على صوت قوى يصدمك بأن المعادلة باتت صفرية وعليك أن تبدأ من جديد ويفضل أن يكون ذلك الجديد مختلفًا وبعيدًا، لتعاد الكرة بطريقة مختلفة فى الشكل فقط واحدة فى المضمون، لتفاجأ فى مرة بعد الأخرى بحجة "البطلان وعدم الدستورية". عدم الدستورية تلك الفزاعة التى هددت ببطلان البرلمان الأخير، الذى كان يستحوذ عليه نواب تيار الإسلام السياسى على رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، هى نفسها التى تهدد البرلمان المرتقب انتخابه بداية العام القادم بالرغم من اختلاف القوى التى ستستحوذ عليه، وأمام احتمالات عدم الدستورية تختلف القراءات القانونية للمادة 156، تلك المادة التى اجتمع عليها القانونيون والدستوريون بأنها قد تكون العقبة التى بها يحل البرلمان القادم، بل ربما يذهب تنفيذها لأبعد من ذلك بالحكم ببطلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتكون المادة أول سند دستورى يجد فى بقاء السيسى غير شرعي. وتنص المادة على أنه "إذا حدث فى غير دورة انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوماً من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار". وتأتى الحالة التى تمر بها البلاد فى الفترة الحالية هى "وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين"، بمعنى أن الدولة المصرية الآن لم تحتو على جهة تشريعية ومن ثم انتقلت سلطة التشريع إلى رئيس الجمهورية، ووفقا لهذه المادة يكون للبرلمان القادم أن يراجع كل القوانين التى صدرت منذ سقوط البرلمان السابق وحتى انتخاب البرلمان الجديد، وكل ذلك فى 15 يومًا فقط، علاوة على احتمالية أن يقوم البرلمان بإلغاء كل القوانين التى سبقته ومن ثم ما ترتب عليها، بما فيها قانون الانتخابات الرئاسية وما ترتب عليها من فوز عبد الفتاح السيسى برئاسة الجمهورية. واختلف دستوريون وقانونيون على تفسير المادة، حيث طالب الدكتور محمد نور فرحات، بضرورة الالتزام بنص المادة كما هى، قائلًا إنها واضحة وصريحة ولا تحتاج إلى تأويل. وشدد على أن البرلمان القادم يحق له أن يعيد النظر فى كل ما سبقه من قوانين بمقتضى المادة 156 ومن ثم إلغاؤها وما ترتب عليها. ولفت إلى أن هذا الأمر قد يسبب خللًا فى المشهد السياسي، ولكنه حتما لن يكون بقدر الخلل الذى قد يسبب عدم الالتزام بالدستور، وتابع فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن تكريس الوضع السياسى يعنى تجاوز الدستور والتهاون مع تنفيذ قوانينه، محملًا المسئولية للجنة الخمسين التى أشرفت على وضع الدستور، وهى التى رأت أن مراجعة القوانين السابقة من قبل البرلمان فى 15 يومًا فقط. من جانبه، رأى محمد إمام، الخبير الدستوري، أن المادة ربما يكون لها عواقب أسوأ من تلك المقتصرة على مراجعة القوانين والمدة الزمنية القصيرة، وهى 15 يومًا، قائلا إن الأمر أبعد من ذلك، وهو هل للبرلمان القادم أن يلغى القوانين إن أراد بأثر رجعى أم بغض النظر عما ترتب عليها؟ قائلا إن المادة تشير إلى أن الإلغاء يكون بأثر رجعي، وهو ما يعنى أن كثيرًا من الأمور قد يتم تغييرها، مثلا الإفراج عن المعتقلين بناء على خرق قانون التظاهر. من وجهة نظر ثالثة، كان رأى نور الدين علي، الخبير الدستوري، الذى قال ل"المصريون"، إن الأمر أكبر من ذلك وهو أن البرلمان ربما يرى فى قانون الانتخابات الرئاسية نفسه غير ملائم أو غير مقبول وهو ما يعنى أن رفض قانون الانتخابات الرئاسية يعنى إلغاء الانتخابات ونتائجها وبقاء الدولة بلا رئيس جمهورية. واعتبر أن هذا الأمر ربما يكون قريبًا من الخيال أكثر من الواقع وتنفيذه، ولكن عدم التنفيذ لا ينفى بطلان وجود السيسى فى سدة الحكم، بمعنى أن وجوده سيظل غير شرعى حتى لو بقى. من جانبه، كشف مصدر بحملة "كمل جميلك" القريبة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الانتخابات ربما يتم تأجيلها بحيث لا يتم إجراؤها إلا عندما يتم الاتفاق على الأسماء التى ستأتى إلى البرلمان وميولها السياسية ومواقفها من المادة 156، بحيث لا يحدث أى اعتراض من قبل نواب البرلمان ومن ثم يصبح الرئيس بنظامه فى وضع حرج. ولفت إلى أن الحل الوحيد ليس تعديل المادة الدستورية لأن تعديل الدستور يتطلب معايير معينة أقرها الدستور نفسه، ولكن الحل هو الاستقرار على أسماء من سيصلون إلى البرلمان وضمان موافقتهم على القوانين الحيوية بالنسبة للنظام وإثارة جدل فى الشارع وعلى رأسها قانون تنظيم التظاهرات. من جانبه، قال حمدى قشطة، عضو حركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية، إن الحديث عن إلغاء قانون تنظيم التظاهرات من قبل البرلمان أمر غير واقعي، خاصة أن أغلب الاحتمالات تقول إن البرلمان يأتى ليبارك كل ما سبق، قائلا: "إن الحل هو النزول فى الشارع وتنظيم فعاليات للمطالبة بإسقاط القانون"، مضيفًا أن الحركة لن تترك آلاف الشباب فى الحبس خلف القضبان، متوعدًا النظام بكل الطرق لإسقاط القانون.