كان من المفترض أن يُحاكم محرر صحيفة "الفجر" الذي قال إنه شاهد جمال وعلاء مبارك وهما يتنزهان على كوبري 15 مايو!.. لأن هذا الكلام، نُشر عشية تنامي ظاهرة التحرش بالجيش، من قبل كائنات غير معروفة الهوية تنتشر بكتيريا في ميدان التحرير. بعدها بأيام فبركت إحدى الفضائيات اتصالا مع من وصفته ب "ضابط شرطة" بسجن طرة، قال خلالها إن جمال وعلاء ليسا في السجن!.. وجرى التساهل أيضا مع هذه الواقعة رغم خطورتها، ولم تستدع سلطات التحقيق المسؤولين في القناة لتقديم أدلتهم على هذه المزاعم الخطيرة! ويوم أمس الأول، وبعد أن نجح أهالي العباسية، في تطهير منطقة كوبري القبة، من البلطجية الذين حاولوا الاعتداء على ثكنات الجيش وعلى مقر وزارة الدفاع، دخلت قناة "بي سي بي" على خط التهييج والتحريض وتأليب الرأي العام على الجيش، ونسبت كلاما للصحفي ياسر رزق قال فيه إن مبارك سافر إلى تبوك ثلاث مرات! بالتزامن مع ذلك، أعادت هالة سرحان، إذاعة الخبر، تحت عنوان "قنبلة" وتوجهت بالتهنئة إلى خيري رمضان، الذي شارك رزق في صناعة هذا "الأوسفين" بين الجيش والشعب! فيما انتفض أحد ضيوف هالة سرحان، صارخا: هذه دانة للجيش وللنائب العام!، وعندما قاطعته سرحان قائلة: ربما كان ذلك قبل احالته للتحقيق وحبسه، قال واثقا : لا اعتقد.. ملمحا إلى "تواطؤ" الجيش على "تدليع" مبارك! ولسنا في حاجة إلى التاكيد بأننا لا نطالب بتكميم الأفواه، وإنما نطالب بالشفافية ليس فقط في أداء المجلس العسكري وحكومة شرف، وإنما أيضا في الإعلام، ولا سيما الأخبار الحساسة التي تتعلق بالملفات الملغمة، والتي باتت موضوعا لإثارة الفوضى والاضطرابات بدون أن يسأل أحد الصحفي أو الفضائية : أنى لك هذا؟ قناة "سي بي سي".. ظهرت مع موجة فضائيات "غسيل الأموال" الجديدة، وهي ملاذ آمن ودار إيواء لأيتام مبارك وفلوله، وياسر رزق هو سليل منظومة مبارك الإعلامية، وخيري رمضان الذي شاطره ضرب الأسفين، مطرود من التليفزيون المصري بسبب موقفه المعادي للثورة، ودفاعه عن مبارك، وبات مستقرا في الوعي العام، بأنه أحد أبرز عناصر قوى الثورة المضادة في الإعلام المصري.. ومن هذه المقاربة، لا يمكن بحال افتراض سلامة النية في نشر مثل هذا الخبر بالتزامن مع موجات التحرش بالجيش في منطقة العباسية وما حولها. كان من المفترض أن يُستدعى خيري رمضان وياسر رزق للتحقيق معهما .. وليس تعديا على حرية الرأي والاعلام، إذا طلب منهما تقديم ما يثبت بأن مبارك سافر ثلاث مرات إلى تبوك.. وإذا لم يقدما ما يثبت ذلك، يتم احالتهما إلى المحاكمة فورا.. لأن مثل هذا الخبر، وموعد نشره، لم يكن صدفة، وإنما استهدف تكدير العلاقة بين الجيش والشعب، والنيل من هيبة المؤسسة العسكرية وصدقيتها وشرعيتها كشريك أصيل في الثورة .. وللتخديم على قوى مالية وسياسية متطرفة وملطوطة بالتمويل المالي الخارجي.. تسوق لنفسها كبديل عنه للحكم. الفرصة لا زالت حاضرة، والملفات يمكن فتحها ..فليس ثمة من هو فوق القانون أو المساءلة، خاصة إذا تعلق الأمر بأمن مصر القومي وفي لحظة شديدة الهشاشة لخصوصيها السياسية التي نعرفها جميعا. [email protected]