كان كارل ماركس (1818-1883م) يري أن الاشتراكية خطوة أساسية لابد من قطعها لتحقيق الشيوعية ، وقد ظهر ماركس في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وهو ينظر للبؤس والشقاء الذي ورثته الرأسمالية، باستغلال العمال والتفاوت الطبقي وإهمال الرعاية الاجتماعية وممارستها للاحتكار والربا والمقامرة، وأكل المال بالباطل، ليندفع بأقصى ما يستطيع إلى الطرف الآخر من التطرف داعيا إلى القضاء على الملكية الفردية والربح وإهدار التميز والكفر بالله وإعطاء المادة صفات الألوهية فلا إله والحياة مادة، ورفع مقولته الشهيرة : (الدين أفيون الشعوب). فالدين في معتقداته المغلوطة يعمل على اغتصاب دور العلوم الانسانية وهو رجعية تهدف للتسلط والاستبداد وحرمان الانسان من حريته الفكرية ، والمادة هي القوة الدافعة لتطور العالم عن طريق علاقة الإنسان بمنتوجاته المادية والفكرية وبهذا اصبحت مادية ماركس عمليا، هي مادية اقتصادية فأي إنجاز عظيم حصل في تاريخ الإنسان سواء كان في الفلسفة أو الدين أو السياسة أو الفن حسب ماركس هو إنتاج لعقل الانسان ولا يمكن فهمه إلا ضمن مفاهيم المجتمعات التي ولدت فيه. فالحياة وحاجاتها هي التي تقود العقل لإنتاج هذا الإبداع كما في حالة ابتداع الآلة. وقد نظر ماركس إلى انهيار النظام الرأسمالي على أنه آت لا محالة وذلك بعد أن يصل إلى أقصى تقدم اقتصادي وتكنولوجي ممكن له، كنتيجة حتمية للتناقضات الكثيرة للرأسمالية وما تؤدي إليه من كساد وتعطل جيوش من العمال، ورسم طريقه لتصحيح ذلك من خلال ثورة دموية يقوم بها الكادحون من العمال (البروليتاريا) لإنهاء النظام الرأسمالي المختل وسيطرة العمال على الحكم وقيام الدولة بالتأميم والقضاء على الملكية الخاصة. وقد تعرض النظام الاشتراكي لهزات عنيفة منذ السبعينات من القرن الماضي ، ولم تنته حقبة الثمانينات حتى انهار الاتحاد السوفيتى على أثر الحرب التى خاضها في أفغانستان لمدة زادت عن سبع سنوات، وانهارت معه الاشتراكية الماركسية أو العلمية. ورغم كل ذلك مازال أذناب ماركس في مصر يقفزون لتحقيق سياسة ماركس الدموية -والتي لا تعرف مكانا للديمقراطية- بوضع القلاقل للحيلولة دون استقرار مصر ، فخرجوا علينا ومعهم حفنة من الليبراليين ليعوقوا خارطة الطريق لانتقال السلطة بصورة ديمقراطية واضحة جلية ، فتنادوا مصبحين الدستور أولا ولما لم يجدوا لكلامهم مكانا تاجروا بدماء الشهداء وحاجة الفقراء والعدالة الاجتماعية، فلما انتكسوا اتجهوا إلى عجائب الزمان فيما سموه المبادئ فوق الدستورية ، وانتهى حمقهم بالتطاول على العسكرية المصرية بل والسعي للصطدام بها في عقر دارها وإن عادوا يجرون ذيول الخيبة والهزيمة. وحتى الدكتور عصام شرف الذي خرج من التحرير لم يسلم من سبابهم وتعطيل مسيرة وزارته بعد التغيير الأخير، مع أنه لم يغلق بابه أمامهم ، كما أن وزارته لم يبق لها سوى أشهر معدودات على الانقضاء ، والأولى أن تعطى لها فرصة لتنفيذ مطالب الثورة ، ولكنها القلاقل والدموية التي تربوا عليها في صربيا وغيرها. إن الثائر الحق من يلجم حماسة الشباب بلجام العقل والحكمة ولا يستصغر غيره فقد سئمنا من الخارجين علينا كل يوم -منصبين من أنفسهم أوصياء على الشعب- ليقول كل واحد منهم أنه عضو ائتلاف شباب الثورة حتى أصبح هذا الأمر موضة ، وقد شجع على ذلك وسائل إعلام وصلت من الوقاحة حدا لا يطاق. فهل من الثورة أن يعلق ميدان التحرير وتعطل مصالح الناس؟! ، وهل من الثورة أن يكتب على مجمع التحرير بكل كبرياء وغرور : المجمع مفتوح بأمر الثورة؟! ، وهل من الثورة أن يتم التهديد بغلق قناة السويس وغلق متروا الإنفاق، بل وغلق الطرقات فعلا هنا وهناك؟! ، وهل من الثورة أن يتم التطاول على خير أجناد الأرض ؟!، وهل من الثورة أن يتم التطاول على الدكتور صفوت حجازي صاحب الدور المعروف فيها؟! ، وهل من الثورة أن ُيعرى من سموهم بلطجية ويتم ربطهم في ميدان التحرير دون احترام لكرامة إنسان أو سيادة قانون؟! . إنني أوقن تمام اليقين أن مطالب الثورة مشروعة وكذلك يجب أن تكون الوسائل لعرض المطالب مشروعة فإذا كان التظاهر والاعتصام حق فهذا الحق مقابله واجب وهو ألا يؤذي أحدا من البشر ولا يتطاول على خلق الله ولا يعوق الإنتاج أو يهدد الأمن وحركة الاقتصاد. إن المجلس العسكري وحكومة الدكتور شرف مطالبون بالسير في تنفيذ مطالب الثورة بقوة وحكمة، كما أنهم مطالبون بالكشف عن الذين حصلوا على تمويل خارجي قدره 40 مليون دولار فهذا أقرب طريق لحل المشكلة لأنه لو تم الكشف عن هذه الأسماء وتقديمهم للمحاكمة لزال الاعتصام في التحرير وبان للشعب الثوار الحقيقيين من أصحاب القلاقل النفعيين. ولتكن الجمعة القادمة بحق جمعة للهوية والاستقرار والحيلولة دون سرقة الثورة من الفلول الماركسية والعلمانية الذين لم يتفقوا على شئ بقدر اتفاقهم على الحقد والكيد والكره للإسلام وأهله. www.drdawaba.com