تتوزع البلاد العربية على مساحة من الاراضي توازي 14 مليون كلم مربع، وتشير مؤشرات عام 1999 الى ان عدد السكان بلغ 273 مليون نسمة، والناتج المحلي الاجمالي 622 مليار دولار، وتستحوذ هذه البلاد على 62.5% من احتياط النفط العالمي و28% من الانتاج العالمي. بينما تبلغ حصتها من الصادرات 3% او ما يوازي 163 مليار دولار، ومن الواردات العالمية 2.6% او 157.7 مليار دولار. اما نسبة التجارة البينية بين هذه الدول فلا تتجاوز 9% من مجمل تجارتها الخارجية.(1) ومن المفيد ان نشير الى انه قبل الحرب العالمية الاولى، كانت معظم البلدان العربية في المشرق خاضعة لادارة واحدة في العهد العثماني، باستثناء مصر التي استقلت عن السيادة العثمانية في وقت مبكر. وكان يسود هذه البلدان نظام جمركي واحد، وكان النقد موحداً، مع حرية انتقال البضائع والافراد، وحرية ممارسة العمل والاقامة في ارجاء الدولة العثمانية. وقد استفادت الدول العربية من هذه الوحدة الاقتصادية، وكانت بضائعها الزراعية والصناعية تنتقل بحرية عبر ارجاء هذه الدول. وبالرغم من ان الدولة العثمانية اتاحت للدول العربية نوعاً من الوحدة الاقتصادية والادارية، الا ان السلطنة بحد ذاتها كانت في آخر عهدها، ولم تكن دولة عصرية، ولم تماشِ ركب الثورة الصناعية التي كانت تقوم في الغرب، فانعكس ذلك سلباً عليها وعلى الولايات التابعة لها ومنها الدول العربية (2). بعد الحرب العالمية الاولى، خضعت البلدان العربية في المشرق لنظام الانتداب بحيث اصبحت سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفلسطينوالاردن والعراق تحت الانتداب الانكليزي. ونشأت دولة مستقلة في الجزيرة العربية، وتابعت مصر سيرها المستقل مع هيمنة انكليزية. وهكذا فقدت البلدان العربية وحدتها الاقتصادية، حيث ادت التقسيمات السياسية الى اقامة الحواجز الاقتصادية والجمركية. وزالت حرية انتقال البضائع والافراد وحرية انتقال الاموال. واصبح لكل دولة نقدها الخاص بها (3). الا ان هذه الوحدة الاقتصادية لم تتفسخ تماما وظلت ولو بشكل نسبي تخضع للأطر الانتدابية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ونيل معظم الدول العربية المشرقية استقلالها، مما ادى الى زيادة التفسخ الاقتصادي وكان آخره انهيار الوحدة الاقتصادية بين سوريا ولبنان، حيث انتهت الوحدة النقدية عام 1948 وتبعها الانفصال الجمركي سنة 1950. وانهارت حرية ممارسة النشاط الاقتصادي لرعايا كل من البلدين في البلد الآخر سنة 1952، كما انهارت في الفترة ذاتها حرية التجارة بين الاردنوسوريا ولبنان، وتراخت علاقات التبادل التجاري بين كل من مصر والعراق والدول العربية الاخرى، وقطعت العلاقات نهائيا مع فلسطينالمحتلة بعد قيام اسرائيل.