بعد الحادث الإرهابي ب"القواديس" 24/10/2014 رفع البعض شعار "لا حل إلا تهجير أهالي سيناء"!! المدهش أن هؤلاء "البعض" ليسوا مدنيين غاضبين وإنما كان من بينهم ممن يوصفون ب"الخبراء الاستراتيجيين"!! هذا "الحل" الذي لا يخلو من نزق وحُمق، قيل مساء أمس الأول على كل الفضائيات، وشاهده أهالي سيناء، وتلقوه بوصفه "قرارًا سياديًا وشيكًا"!! عندما سمعت بهذا الاقتراح، زاد يقيني بأنه كان وراء كل مصائبنا الكبرى في السودان (الذي بات دولتين وفي طريقه إلى أن يمسي ثلاث دول).. وفي فلسطين التي باتت ثلاثة كيانات (غزة، رام الله.. وتل أبيب) وسد النهضة الذي بات مفروضًا على مصر الآن.. زاد يقيني بأن كل هذه المصائب كانت بسبب "تفاهة" هذه العقليات التي لا تنتج إلا العجرفة الممزوجة بالحُمق والعصبية والخراب الذي جعل مصر "البلد القائد" سابقًا ملطشة للجميع.. وتضعها هذه الأيام في أول طريق النموذج الذي آل إليه السودان حاليًا.. والذي حظر منه الرئيس السيسي في المقطع المسرب والمنسوب إليه يوم أمس الأول. ماذا يتوقع الرئيس.. حال سمع السيناويون، بأنهم بصدد تهجيرهم من بيوتهم وأرضهم؟! خاصة أن الاقتراح بالتهجير صادر من جنرالات سابقين ومقربين من المؤسسة التي تدير الآن ملف الإرهاب في سيناء؟! التهجير والحال كذلك لن يكون بالمسايسة "الإقناع"، وإنما بالقوة وبمعنى آخر أكثر صراحة ب"السلاح".. فما عسانا نتوقع من رد فعل أهل سيناء، وهم كتلة بشرية يختمر في ضميرهم القبلي والعائلي والعشائري، كل أسباب التمرد والخروج على السلطة المركزية، بسبب ميراث القمع والتهميش والتجويع، والتعاطي معهم بمنطق: "إحنا شعب وأنتوا شعب"؟! ولكي نفهم مدى "هيافة" هذا الاقتراح "الاستراتيجي"، هو أن التهجير ليس فقط حلًا سهلًا وكسولًا وحسب، وإنما سيفسر بأنه حجة "البليد" و"الخايب" الذي فشل في اجتياز اختبار التصدي للإرهاب، فيلجأ إلى البحث عن "شماعة" يعلق عليها فشله، ويدعي بأن الناس العاديين هم سبب تعثر جهود المكافحة.. فيقترح التخلص من الناس بطردهم من بيوتهم وأرضهم. وزد على ذلك بأنه حل "كارثي" سيعزز من مشاعر الكراهية للجيش والشرطة، وسيعمق من تجليات ما يعتقد ب"عنصرية" الدلتا واستعلائها على الهامش الجغرافي المصري: الصعيد جنوبا، وسيناء شمالا.. وكلها تؤسس لبيئة معادية للدولة، وستوفر على الأقل حواضن شعبية واجتماعية للإرهاب، إذا لم تشارك فيه بالدعم اللوجستي المباشر. إن الكلام عن تهجير أهل سيناء جريمة ضد الإنسانية.. وجريمة أكبر في حق بلد ما انفك يكابد مشقة رأب الصدع والانقسام الوطني الذي تتسع شقته يومًا بعد يوم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.