بدد دكتور صيدلي مصري يعمل بجامعة فيينا، الشكوك المثارة حول نجاعة عقار "سوفالدي"، المزمع استخدامه في مصر لعلاج الالتهاب الفيروس الكبدي الوبائي المعروف ب "فيروس سي"، قائلاً إن العقار الذي استوردته مصر من الولاياتالمتحدة أثبت قدرة فائقة على التغلب على الفيروس وفي مدة قصيرة وبأعراض جانبية تكاد لاتذكر. واعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عقار "سوفالدي" لعلاج "فيروس سي" في ديسمبر الماضي، وأحدث حينها ضجة كبيرة على الصعيدين المحلي والعالمي، خاصة أنه فعال في علاج النوع الجيني الرابع الذي يصيب المصريين، واقتربت فاعليته من 100% عند تناوله مع عقار (الريبافارين)، المضاد للفيروسات، وكما أنه يؤخذ عن طريق الفم ويخلص المرضى من عناء الحصول على الحقن. وقال الدكتور الصيدلي ياسر صابر، بقسم الصيدلانيات والصيدلة الحيوية بجامعة فيينا في مقاله المنشور ب "المصريون" اليوم، إن "عقار سوفالدي قد تمت تجربته وتجاوز هذه المراحل الثلاث، ثم حاز بعد ذلك على الترخيص من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية والوكالة الأوروبية للدواء. مما يعنى أن هذا الدواء يحقق شروط السلامة المطلوبة وأن استخدامه آمن". وأضاف "أما مايتعلق بعدم تجربته، فإن كان المقصود عدم تجربته على نوع الفيروس المنتشر فى مصر أى النوع الرابع، فهذا صحيح. فالعقار سوفالدي كباقي العقاقير السابقة لم يتم تجربته على النوع الرابع من الفيروس إلا على عينة قليلة ربما لاتتجاوز العشرين فردًا، وهذا يرجع لعدم انتشار هذا النوع في أوروبا أو أمريكا". وأكد أن "عدم تجربة العقار على النوع الرابع لايؤثر في أنه آمن ويمكن أن يستخدم فى النوع الرابع طالما أن اختبارات أمانه تمت على الإنسان بشكل عام. لأن تجربة الدواء على نوعين من الفيروس يعطينا تأثيره على الفيروس فى الحالتين ولااختلاف فى أعراضه الجانبية أو درجة أمانه. لذلك فالدواء آمن عند استخدامه فى كل الحالات ومنها النوع المنتشر في مصر". وحول القول بأن الدواء غير فعال وضار، وصف صابر هذا الرأي بأنه "ليس له أى مصداقية وكلام خاطئ، فعلاج سوفالدي يعتبر نقلة نوعية إن لم يكن ثورة فى علاج فيروس "سي"، فقد أثبت قدرة فائقة على التغلب على الفيروس وفي مدة قصيرة وبأعراض جانبية تكاد لاتذكر". وشدد على أنه "لايوجد وجه مقارنة بين هذا الدواء والدواء التقليدي المكون من حقن الإنترفيرون والريبافيرين اللذين يسببان أعراض جانبية للمريض شديدة الخطورة منها مايصيب العين وأخرى تؤثر على الجهاز العصبي وكلها أعراض جانبية دائمية". وأبدى صابر تفاؤله في أن يؤدي هذا الاختراع الطبي إلى القضاء على الفيروس في العالم في غضون سنوات قليلة، قائلاً إن "القضاء على فيروس "سي" أصبح حقيقة، وبتناول جرعة واحدة من الدواء عن طريق الفم، وهذا يعتبر تقدمًا كبيرًا، وربما نرى عالماً خالياً من هذا الفيروس فى خلال العشرة أعوام القادمة". وتحتل مصر المركز الأول على مستوى العالم في انتشار (فيروس سي)، بحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية الأخيرة، التي أكدت أن نسبة انتشار الفيروس بلغت 22%، بما يعادل 15 مليون مواطن. وفي 19 سبتمبر الماضي، أطلقت وزارة الصحة، موقعًا إلكترونيًا لتسجيل بيانات الراغبين فى الحصول على عقار "سوفالدي" المعالج، على أن يتلقى المريض الرد بمكان وموعد إجراء الكشف الطبي عليه لتحديد مدى حاجته للعلاج. وفيما يلي نص المقال: القضاء على فيروس "سى" ازداد الجدل فى الأونة الأخيرة بخصوص عقار سوفالدى "Sovaldi" المزمع استخدامه فى مصر لعلاج فيروس "سى". فهناك من يشكك فى فاعلية هذا الدواء وهناك من يدعى أنه عقار لم يتم تجربته من قبل إلى غير ذلك من اللغط الكثير. فى هذا المقال نريد أن نسلط الضوء بشكل عام على علاج الفيروس "سى"، الذى تعانى منه نسبة كبيرة من المصريين ونعطى فكرة سريعة عن جميع الأدوية المستخدمة للقضاء على الفيروس بأجيالها المتعاقبة، ثم نسلط الضوء بشكل خاص على عقار سوفالدى موضع الجدل الآن، حتى نضع حداً لما يتم تداوله من معلومات غير صحيحة وبالتالى إطلاع المرضى الذين يعانون من هذا الفيروس على الحقيقة كاملة دون التلاعب بمشاعرهم. منذ أن تم إكتشاف هذا الفيروس عام 1989 توجهت شركات الأدوية إلى دراسة التركيب الجينى للفيروس، والتعرف على دورة تكاثره بدقة، لكى تقوم بتطوير أدوية فعالة للقضاء عليه. وأظهر التركيب الجينى للفيروس أن هناك 6 مجموعات له، النوع الرابع منه هو المنتشر فى مصر "genotype 4". وفى هذه الفترة التى إستمرت من عام 90 حتى عام 2010 لم يكن هناك علاج للفيروس إلا العلاج التقليدى وهو حقن الإنترفيرون مع عقار الريبافيرين، الأول يعمل بشكل عام على تقوية مناعة الجسم لمقاومة الفيروس، بينما الثانى لايعرف إلى الأن آليته بالتحديد فى مقاومة الفيروس. والإثنان معاً ليس لهما أى خصوصية تجاه فيروس سى ولكنهما يعملان بشكل عام. ويمكن تقسيم تطور الدواء المستخدم فى مقاومة الفيروس كالآتى : 1- حقن الإنترفيرون مع الريبافيرين 2- الجيل الأول من الأدوية التى تعمل بشكل مباشر على الفيروس وهى " بوسيبريفيرBoceprevir" والمعروف تجارياً ب "فيكترليس Victrelis " ، والآخر هو "تيلابريفيرTelaprevir" والمعروف تجارياً ب "إنسيفو Incivo ". هذان العقاران تم التصريح بهما فى عام 2011 وهما يعملان على تثبيط إنزيم مسؤول عن تكاثر الفيروس يسمى "البروتياز". هذا الجيل من الأدوية أثبت فعالية تجاه النوع الأول من الفيروس بينما لم يكن له تأثير كبير على النوع الرابع الموجود فى مصر. ومما هو معروف يُعطى أحد هذين العقارين سوياً مع العلاج التقليدى أى مع حقن الإنترفيرون والريبافيرين. 3- الجيل الثانى من الأدوية التى تعمل بشكل مباشر على الفيروس وهى " سوفوسبوفيرSovosbuvir " المعروف تجارياً ب "سوفالدى Sovaldi" والذى يعمل على إنزيم البوليمراز، وتم الترخيص له فى كل من أوروبا وأمريكا فى نهاية عام 2013، وهو العقار الذى سنركز عليه فى مقالنا هذا. يليه عقار " داكلاتاسفير" والمعروف تجارياً ب "داكلنزا Daklinza" ، الذى تم الترخيص له أوروبياً وأمريكياً فى منتصف هذا العام. ومن المعروف أن جميع هذه الأدوية من الجيل الثانى لاتُعطى بمفردها، بل تُعطى مع عقار آخر، إما عن طريق الفم إذا كان العقار الأخر من الجيل الثانى أو مع العلاج التقليدى أى مع حقن الإنترفيرون. ومما يجب التنويه عنه أن الشركتين المنتجتين لعقاقير الجيل الأول، قد توقفت عن إنتاجهم لتفوق أدوية الجيل الثانى عليها من ناحية الكفاءة العلاجية وغياب الأعراض الجانبية. 4- الجيل الثالث من الأدوية التى تعمل بشكل مباشر وتُعطى بمفردها مرة واحدة عن طريق الفم وتعمل بشكل مباشر على الفيروس، ويوجد منها إلى الأن عقار واحد تحت إسم " هارفونى Harvoni" وهو مكون من مادتين هما " سوفوسبوفير+ ليديباسفير Sofosbuvir+Ledipsavir" وقد أنتجته شركة جليد المنتجة لعقار سوفالدى وقد تم الترخيص له فى الولاياتالمتحدة هذا الشهر تحديداً فى 12.10.2014 ويعتبر هذا هو أحدث عقار للفيروس، عبارة عن حبة يتعاطاها المريض مرة واحدة يومياً، ويتميز بفاعليته وفترة تعاطيه القصيرة حيث يعُطى لمدة 8 إلى 12 إسبوع فى حين أن أدوية الجيل الثانى تُعطى جميعها لمدة 12 إلى 24 إسبوع. 5- بالإضافة لهذه العقاقير السابقة يتواجد الآن 12 عقار فى نهاية المرحلة الثالثة للتجارب الإكلينيكية ويتوقع أن يتم الترخيص لها بحلول نهاية هذا العام حتى ربيع 2015. من أبرز هذه العقاقير هى ثلاثة أنواع لشركة "أبفيه Abbvie" أثبتت فاعلية كبيرة فى الدراسات الإكلينيكة وتقضى على الفيروس بنسبة تقترب من 100%. وجدير بالذكر أن المنافسة على أشدها بين الشركات المنتجة لهذه الأدوية وهى تسابق الزمن من أجل الحصول على ترخيص. والأن عودة إلى موضوع سوفالدى محور الجدل الآن فى مصر: هناك بعض الأراء المتداولة فى مصر تقول: أن هذا الدواء لم تتم تجربته، وأخرى تقول: أن الدواء غير فعال وضار! وقبل التعليق على هذه الآراء نريد أن نوضح بعض الحقائق الهامة، إن أى دواء يتم الترخيص له يجب أن يمر بمراحل متعددة لدراسته إكلينيكياً، وجميع هذه الأدوية قد إجتازت المرحلة الثالثة لهذه الدراسات ومايتعلق بها من تحديد الجرعات الفعالة والأمان على المريض. وعقار سوفالدى قد تمت تجربته وتجاوز هذه المراحل الثلاث، ثم حاز بعد ذلك على الترخيص من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية والوكالة الأوروبية للدواء. مما يعنى أن هذا الدواء يحقق شروط السلامة المطلوبة وأن إستخدامه آمن. أما مايتعلق بعدم تجربته، فإن كان المقصود عدم تجربته على نوع الفيروس المنتشر فى مصر أى النوع الرابع، فهذا صحيح. فالعقار سوفالدى كباقى العقاقير السابقة لم يتم تجربته على النوع الرابع من الفيروس إلا على عينة قليلة ربما لاتتجاوز العشرين فرداً، وهذا يرجع لعدم إنتشار هذا النوع فى أوروبا أو أمريكا. ولكن عدم تجربة العقار على النوع الرابع لايؤثر فى أنه آمن ويمكن أن يستخدم فى النوع الرابع طالما أن إختبارات أمانه تمت على الإنسان بشكل عام. لأن تجربة الدواء على نوعين من الفيروس يعطينا تأثيره على الفيروس فى الحالتين ولااختلاف فى أعراضه الجانبية أو درجة أمانه. لذلك فالدواء آمن عند إستخدامه فى كل الحالات ومنها النوع المنتشر فى مصر. أما الرأى القائل بأن الدواء غير فعال وضار فليس له أى مصداقية وكلام خاطىء، فعلاج سوفالدى يعتبر نقلة نوعية إن لم يكن ثورة فى علاج فيروس "سى"، فقد أثبت قدرة فائقة على التغلب على الفيروس وفى مدة قصيرة وبأعراض جانبية تكاد لاتذكر. ولايوجد وجه مقارنة بين هذا الدواء والدواء التقليدى المكون من حقن الإنترفيرون والريبافيرين اللذان يسببان أعراض جانبية للمريض شديدة الخطورة منها مايصيب العين وأخرى تؤثر على الجهاز العصبى وكلها أعراض جانبية دائمية. بقيت نقطة أخيرة وهى المتعلقة بسعر الدواء، فالدواء مطروح فى أمريكا بسعر 28 ألف دولار للعلبة التى تكفى لأربع أسابيع وفى أوروبا يصل سعره إلى 23 ألف يورو. ونظراً لارتفاع سعره لاتستطيع شركات التأمين صرفه لجميع الحالات إلا فقط الحالات المتقدمة من الإصابة. ومما هو جدير بالذكر أن شركات التأمين الصحية فى أوروبا قد دخلت فى مفاوضات مع الشركة المنتجة لتخفيض سعره ، إلا أن كل هذه المفاوضات باءت بالفشل وبالرغم من ذلك حققت شركة جليد مبيعات فى المنتصف الأول من هذا العام بلغت 2,47 مليار دولار. وكلمة أخيرة؛ فإن القضاء على فيروس "سى" أصبح حقيقة، وبتناول جرعة واحدة من الدواء عن طريق الفم، وهذا يعتبر تقدماً كبيراً، وربما نرى عالماً خالياً من هذا الفيروس فى خلال العشرة أعوام القادمة. 19.10.2014 دكتور ياسر صابر قسم الصيدلانيات والصيدلة الحيوية جامعة فيينا Twitter @dryassersaber وللإجابة على أى سؤال بخصوص الفيروس وعلاجه نقدم لقراء المصريون هذا البريد الإلكترونى لإرسال أسئلتهم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.