اقتربت منا - مهما اتفقنا او اختلفنا سويا - ذكرى مجيده ، ذكرى-بكل تاكيد - قوميه وهامه ،كما واقترنت –لحسن الحظ- بمناسبه عزيزه على كل المسلمين ، الا وهى قدوم ايام عيد الاضحى المباركه تتهادى الينا وتذكرنا بايام مباركات فى الفداء الاعظم . تلك ذكرى نصر جيل مضى من جيش مصر الباسل فى السادس من اكتوبرعام 1973 نصرا عزيزا على ما يسمى جيش الدفاع الاسرائيلى. ذكرى ايام مجيده كانت فى غمار مثلها قبل 41 عاما ،قواتنا المسلحه العربيه،المصريه والسوريه ،تخوض كلاهما قتالا منتصرا جسورا ومعارك شرسه وحربا ضروس ضد عدوها اللدود الصهيونى البغيض ،على كل من اراضى سيناء المصريه وفوق هضاب الجولان السوريه، لتشكل انتصاراتها واقعا جديدا يعيد رسم الخريطه الجغرافيه للعرب واسرائيل على اسس تقترب من العدل وتسعى لاستعادة بعض الحقوق السليبه من مغتصبيها الى اصحابها ،وتؤسس لمرحله فارقه اصبح فيها الطرف العربى –وقتها ولاول مره- مرفوع الهامه منتصب القامه ،يتكلم فيسمع،ويقرر فيهتم العدو بمُرَاضاته ومطالباته ،ويحدد–اخيرا- مصيره الذى كاد ان يتسرب من بين الاصابع ويتسلل من خلال الثقوب التى وَسَمَتْ كيانه الذى اوشك بدوره -هو الآخر-ان يبلى ويهترأ فورهزيمة يونيو 1967. انه صراعا –فُرِضَ علي العرب- فريدا ، ليس له مثيلا فى التاريخ ، ولا شبيها فى الجغرافيا ،صراعا على البقاء بين طرفين ،يسعي فيه المعتدى لإفناء المعتدى عليه تماما ، صراعا عدوانيا وسياسيا يتذرع بغطاء دينى باطل ويلتحف بادعاء عنصرى قاتم ،كما وينشب بين اتباع حضارتين بزغتا فى زمنين متغايرين،هما الحضاره العربيه الاسلاميه والاخرى الغربيه بشقيها الصليبى والصهيونى،دار-ذلك الصراع- رحاهُ فى ارجاء التاريخ القديم منه ،والوسيط فالحديث ؛ بالتأكيد هو ليس نزاع حدود ولكنه صراع وجود وحياه ، مداره النهائى ان نبقى –نحن العرب –على هذه الارض او نزول.انها ليست - قطعا-كما تروج الصهيونيه اقدارا متصادمه ولكنها - فى الواقع -اقطابا متنافره. ما من شك ان العرب وجيوشهم الفتيه-وقتها- فى السادس من اكتوبرعام 1973 افزعوا اسرائيل من عميق ثُبات نومها و وأدوا احلامها فى بسط سلطانها من النيل الى الفرات ،وفقا لما يدعوا بان الرب انبأهم بها فى تلمودهم ، فشرعوا فى تنفيذها ؛؛واذا جيوش العرب فى السادس من اكتوبرعام 1973تفشلها وتإدُها الى الابد . لقد ارادوها امبراطوريه صهيونيه كبرى تبنى فوق اراضى العرب بعدما يتم تفريغها منهم بإلاباده والتشريد و النفى والتشتيت ، ومن ثم فإنه يصعب تصور حدوث تعايش سلمى بين السارق و المسروق،إلا ان يكون بين القاتل والمقتول الذى بالقطع سوف يسرى عليهما ناموس الحياه فيبقى القاتل ويفنى المقتول.ولا يخفى على العدو –بلا ادنى ريب – قوانين المنطق من ان العرب -لابد-يريدون تحرير كامل اراضيهم وطرد الصهاينه بافرادها وافكارها من بلادهم لذلك فهو يلخص هذا التناقض الوجودى بمصطلح يصل لديه الى مرحلة الاعتقاد بان الصراع مع العرب يرقى الى ان يكون "صراعا بيولوجيا" يستهدف الاباده العنصريه لهم، والتاريخ القريب (ما بعد عام 1948)يسجل مذابح وحشيه يندى لها جبين الانسانيه نفذتها العصابات الصهيونيه فى المدنيين الابرياء شيوخا واطفالا ونساء ،من شعب فلسطين بمدنها ،ومخيماتها ، فى غزه ومخيمات صابرا وشتيلا ودير ياسين و وبيت لحم وغيرها . العرب وامريكا ولان امريكا عقب الحرب العالميه الثانيه اصبحت القوه العسكريه العظمى الاولى عالميا ، فضلا عن كونها صاحبة اقوى اقتصاد فى العالم ،أضحت زعيمة الراسماليه العالميه،وقائدة وملهمة الامبرياليه العالميه ،و من ثم اصبحت الوريثه الوحيده للنظام الاستعمارى القديم ،فانه اصبح من الحتم ان تصطدم بوجود كيان عربى يستند الى افكارا قوميه وهو "القوميه العربيه" وذلك – من وجه نظرها –يمثل تهديدا لمصالحها فى الشرق الاوسط الذى يملك كثيرا من مقومات القوه من حيث المركز الاستراتيجى للسيطره على قارتى افريقيا وآسيا الذاخره بالثروات ، ومن حيث تحكمها فى طرق التجاره العالميه ،فضلا عن امتلاكها كثير من الموارد الطبيعيه التى اهمها على وجه الاطلاق اكبر احتياطى من البترول مصدر الطاقه وواهب الحضاره الحديثه . وقد عاصر تلك المرحله الزمنيه كفاح الشعوب العربيه لنيل حريتها، ونضالها من اجل الحصول على استقلالها والمحافظه عليه ،وتنفيذ خطط التنميه الاقتصاديه، للمروق من التبعيه بشقيها السياسيه والاقتصاديه .فاهديت اليها على طبق من ذهب احداث نشوء دوله عنصريه على ارض فلسطين اشترك فى اقامتها بريطانيا منذ وعد "بلفور " عام 1945 ...وباوهام الرجل الابيض وعقلية ابادة الهنود الحمر فى قارة امريكا الشماليه ، فان الولاياتالمتحده دعمت قيام اسرائيل كشوكه فى الجسد العربى تمنع التحامه وتقطع عليه اوصاله وتآلفه منذ تم تفتيتهم وتقسيمهم التى تمت انفاذا لاتفاقيه "سايكس بيكو" المقيته الكريهه.واعتبرت وجود اسرائيل فى قلب الجسد العربى مثلما ابادت هى –منذ ما يقرب من مائه وخمسون سنه- اصولها الانجلو ساكسونيه الوافده من اوربا الى القاره العذراء امريكا الشماليه سكانها الاصليين من الذين كان يطلق عليهم "الهنود الحمر" واقام المستوطنين الغزاه، فى هذه الاراضى حضاره حديثه وكونوا الامبراطوريه العظمى المسماه الولاياتالمتحدهالامريكيه.لذا فقد اعتبرت الولاياتالمتحده ان اسرئيل هى بمثابه حاملة طائرات اماميه لها متمركزه فى الشرق الاوسط ، فدججتها باحدث ما لديها من اسلحه وعتاد حربى يتفوق على كل ما لدى العرب مجتمعين ، وامدتها بمعونا ت اقتصاديه ضخمه تعينها على استقبال مهجرين يهود جدد من انحاء العالم ،لتدعم وجودها وكيانها بمزيد من المستوطنين اليهود الذين يفدوا بالاغراء والترغيب من كافة بقاع الارض اليها. وجدير بالذكر ان هناك ما يسمى بنموذج "دورة فالكنبيرج" فى الادبيات الجيوبولوتيكيه ، يصور مسارات نشأت وانحدار الامم والذى تم بناؤه لتفسير بزوغ واضمحلال كثير من الامبراطوريات منذ فجر التاريخ، وجد انه –بسبب الدعم الامريكى الدائم - لن يسرى على دولة اسرائيل ذلك لانها دوله تعيش على الحقن الصناعى باستدامه وداخل خيمه يتوفر فيها اوكسيجين الحياة بوفره ورغد ودفق مستمر . نظره تشريحيه للمستقبل بالقطع اذا كان المستقبل يستشرف كل ما هو مقبل ولاحق من احداث ،فبالطبع التاريخ ينصرف الى الماضى وحوادثه والسابق بشرائحه سواء القريبه او الوسيطه او البعيده ،وقد وجد ان كثيرا من احداث الماضى تلحق بالحاضر متشبستا به وهو مسرعا صوب المستقبل،وبانزال ما تقدم ،يصبح التساؤل وما بال دولة اسرئيل ومصيرها فى اعقاب حرب العرب المنتصره حرب اكتوبر؟ لقد وضعت الضربه العسكريه المصريه والسوريه الموفقه ما يسمى "فلسفه الامن الاسرائيلى" فى مأزق خطير يبدد جوهر الفكره الصهيونيه ويفضى الى اثبات فشل الحل الصهيونى لمشكلة الوطن القومى لليهود فى فلسطين. فلقد هدم انتصار السادس من اكتوبرعام 1973 مفهو م الحدود الآمنه لدولة اسرائيل ،ومن ثم فإن ضرب مفهوم الامن والامان يعنى بالتبعيه والاستطراد الى تبديد مشروع الهجره والاستيطان اللذان هما بالقطع مكون هام فى فلسفة بناء الكيان الصهيونى برمته.لذلك فان المخططات الامريكيه المستقبليه باتت ترسم فكرا تآمريا جديدا يحاك لدول الشرق الاوسط الاسلامى فيما يعرف ب"مشروع الشرق الاوسط الجديد "وفيه يجرى العمل على اعادة تفتيت الدول الاسلاميه السابق تفتيتها بموجب الاتفاقيه العتيقه "اتفاقية سايكس بيكو"عام 1916 ، التى فرضها الاستعمار البريطانى والفرنسى على الشعوب العربيه ولكن-فى هذه المره - بناء على تآمرات امريكيه واسرائيليه تهدف لاشعال تفجيرات داخليه محليه -موجه من الخارج- داخل كل قطر عربى تؤدى لتفكيكه الى كيانات عديده تقود الى انهاء شكل الدوله الموحده،وكشفت مقوله "كوندا ليزا رايس "الوزيره الامريكيه السابقه بدعم امريكا لسياسه "الفوضى الخلاقه" عن النوايا الامريكيه الصهيونيه المحدقه بالكيان العربى الاسلامى .ونجد الان ملامح نجاح تلك السياسه فى تفتيت جمهورية السودان الى دويلتين هما شمال وجنوب السودان ،وتفتيت العراق الى ثلاثة دويلات ،كما تحمل الينا الاخبار ،انباء قاتمه عن الصراع الذى يدور الان فى ليبيا ويهدد بتقسيمها. خاتمة
ومن اسف اننا معشر العرب الان نفعل على مدى سنوات قلاقل بانفسنا ما فشلت اسرائيل فى تحقيقه فى عشرات السنين ،فمقارنه صورة الجيوش العربيه التى كانت -حتى - فى عام 1967 او التى كانت فى عام 1973 وبين حالها الان ، تجعلك تصاب بالهذيان ، ففى الماضى كانت هناك جيوش قويه كالجيش السورى والعراقى والجزائرى بالطبع والجيش المصرى، وكانت هناك دولا يحسب لها دورا محوريا فى دعم القضيه وتمويل الجيوش ، مثل ليبيا ، اما الان فاين تلك الجيوش ، واين تلك الدول؟ لقد انشغلت بعض تلك الجيوش فى معارك داخليه والاخرى فى تطاحنات طائفيه، ابعدتهم عن مهامهم الاصليه وفتت قوتهم وفرقت وحدتهم و اضعفت فاعليتهم تجاه عدوهم الاصلى والرئيس وهو اسرائيل ،وانشغلت الدول فى عراك اهلى لا يبقى ولا يذر ، ولاحت نذر خطيره تهدد الكيان العربى كله، وتضع مصير شعوبه على حافه الخطر ،لاسيما وان اطماع اسرائيل مازالت ماثله قائمه وبشده لم تتبدد بعد ،. لذا فندعوا الله ان يهدى بنى وطننا جميعا لسبل الرشاد ، وان يعوا اللحظه ويفطنوا الفكره و ان يتقوا فتنه لاتصيبن الذين ظلموا منهم خاصه .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.