«لم تمض أيام قلائل على ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مقابلة تلفزيونية أمريكية، من أنه لا توجد في مصر أي قيود على حرية التعبير، حتى تفاجئنا بمصادرة السلطات عدد جريدة المصري اليوم من أجل مقال»، هكذا استهل الكاتب الأمريكي، ديفيد كيركباتريك، مقاله إزاء منع صدور عدد من جريدة «المصري اليوم»، اعتراضًا على فحوى حوار كان قد أجراه رئيس تحرير الجريدة مع رجل المخابرات، رفعت جبريل، الملقب ب «الثعلب». وقال الكاتب، في مقاله بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: «في الواقع إن صدور مثل هذا القرار، وهذه الرقابة المشددة على الصحافة هي مثال آخر على انقباض حرية وسائل الإعلام منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وإدارة الجيش لزمام أمور البلاد». وأضاف: «من المرجح أن يكون السبب الحقيقي وراء حذف المقال هو استياء جهاز المخابرات المصرية من التصريحات التي كان قد أدلى بها الثعلب خلال الحوار، والمتعلقة بكون مصر لم تقم بإعدام جاسوس إسرائيلي واحد، بل كانت تعيدهم إلى بلادهم في إطار صفقات لإعادة الأسرى المصريين، وهو ما أزعج جهاز المخابرات لأنه بطبيعة الحال يضعف صورتها ويضر بكيانها». وعاد الكاتب ليؤكد أنه منذ الإطاحة بمرسي، والحكومة تغلق وسائل الإعلام المعارضة لها، وتعتقل الصحفيين المناوئين لها، وفق قوله، مستشهدًا بسجن صحفيي شبكة «الجزيرة» الفضائية، بزعم ترويج أخبار كاذبة عن مصر من شأنها الإضرار بسمعتها دوليا. ورأى الكاتب أن وسائل الإعلام التي تظهر على الساحة حاليًا، هي جميعها وسائل خاصة جميعها تدعم الرئيس الحالي وتشيد بإدارة الدولة. وتابع: «ما حدث يعيد إلى الأذهان ما كان يحدث خلال عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، رغم أن ثورة ال25 من يناير2011 كان من أهم أهدافها التخلص من الرقابة ومصادرة الحريات». ونقل عن تمارا كوفمان ويتس، الباحثة في معهد بروكينجز، قولها: «هذه الرقابة أظهرت كم هو قليل ما تغير وطرأ على مصر بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على رحيل مبارك، ورغم أن السيسي قال إن البلاد لديها إعلام حر، لكن ما حدث يؤكد أنه لا يوجد أي إعلام حر، ومصر تعود إلى الوراء سريعًا».