تحول الهجوم على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مايشبه جرعة "تسليه يومية" من "العلكة" أو " "اللبان" في أفواه مقدمي برامج "التوك شو"، والمعروفين بمواقفهم الداعمة للسلطة الحالية، الذين باتوا يشنون هجومًا ناريًا عليه باستخدام نفس الألفاظ والمصطلحات. وتحول الرئيس الذي كان ينظر إليه منذ سنوات على أنه "الزعيم الرجل" لمواقفه من غزة وكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها إلى "لص حرامي يعاني أمراض وعقد نفسية"، بحسب مقدمي برامج "التوك شو" في الفضائيات المصرية. اللافت للنظر أن هؤلاء الإعلاميين يعتمدون في هجومهم على ذات الألفاظ والمصطلحات، وكأنهم يقرأون نشرة معممة عليهم من مكان ما، فيقولون إنه يعاني "عقدة نفسية" من الجيش المصري، ومن الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويعاني "الشيزوفرنيا". ووصف الإعلامي أحمد موسى، خلال برنامج "على مسئوليتي" في حلقة اليوم الثلاثاء، أردوغان بأنه "لص وحرامي يشتري النفط من المليشيات الليبية"، وقال إن جماعة "داعش" تستخدم تركيا "ترانزيت" للتنقل بين العراق والأردن، وأن مقاتلي التنظيم يتلقون العلاج في تركيا. وذات المصطلحات استخدمها الصحفي خالد صلاح، خلال برنامج "آخر النهار" على قناة "النهار"، في حلقة أمس، حيث دعا إلى محاكمة أردوغان دوليا، بدعوى شرائه النفط من المليشيات الليبية، وتأكيده أن تركيا هو "ترانزيت" لمقاتلي داعش، فضلا عن شعوره بأن السيسي كسر حلمه بالخلافة العثمانية. وشن يوسف الحسيني مقدم برنامج "السادة المحترمون" على فضائية "أون تي في" هجومًا مشابهًا على أردوغان، قائلاً إنه "غير مستقر نفسيا يتحدث إلى نفسه في الأممالمتحدة"، معتبرًا أن "الرئيس التركي كتب نهايته بيده بهجوم على الرئيس السيسي". لم تكن لميس الحديدي ببعيد عن "وصلة الهجوم" على أردوغان، إذ هاجمته قائلة "''نريد أن نذكرك دائمًا سيد أردوغان بما قام به الشعب المصري بالإطاحة بنظام مرسي، والإطاحة بأحلامك في السيطرة على المنطقة والفكر العثماني والخلافي الذي كنت تريده، "حاول تفتكر كل يوم.. كل يوم أن السيسي أطاح بأحلامك، والشعب المصري أطاح بأحلامك'". وتوعد المذيع أسامة منير، أردوغان ب "مصير مظلم، وأنه سوف يشحت بعد مقاطعة الشعب المصري للمنتجات التركية، قائلا " لو الامارات والكويت والبحرين والاردن وقفت تجارتها مع تركيا ومستوردتش حاجة تانى، هتشحت يا أردوغان أنت والناس اللى عندك". وانضمت رانيا بدوي لقوافل المهاجمين، فرغم تصريحاتها بأنها تتمنى محاورة رجب طيب أردوغان منذ سنوات قليلة، مشيرة إلى أن لديه 17 ألف سجين رأى و24 قاعدة عسكرية أمريكية ويعقد صفقات تسليح مع إسرائيل ب20 مليار دولار". وكان أردوغان قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، متحدثا عن الأوضاع في مصر، "في الوقت الذي تم فيه الانقلاب على رئيس منتخب من قبل الشعب (محمد مرسي)، وقتل الآلاف ممن خرجوا يسألون عن مصير أصواتهم، اكتفت الأممالمتحدة والدول الديمقراطية، بمجرد المشاهدة، وأضفوا شرعية على ذلك الانقلاب". من جانبها، أعربت الخارجية المصرية، في بيان لها الخميس، عن استيائها من كلمة الرئيس التركي، قائلة: "تابعت مصر باستياء واستنكار بالغين كلمة الرئيس التركي في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة". واعتبرت الوزارة، في بيانها، أن تلك الكلمة "تضمنت أكاذيب وافتراءات، أقل ما توصف بأنها تمثل استخفافاً وانقضاضاً على إرادة الشعب المصري العظيم". وأمس الأول، خلال افتتاحه المنتدى الاقتصادي العالمي في إسطنبول، قال الرئيس التركي: "هل منظمة الأممالمتحدة هي المكان المناسب الذي يلقي فيه الانقلابيون كلمتهم على منصتها أم هي مكان لإلقاء كلمات المنتخبين بالطرق الديمقراطية وشعوبهم راضية عنهم، أم أنها المنبر الخاص لخطابات المنحدرين من أنظمة استبدادية؟". وأضاف: "أما إذا كانت منصة للكل لإلقاء خطاباتهم فيها فهذا بحث آخر، وأنا كرجب طيب أردوغان إذا كنت أؤمن بالديمقراطية فلا أستطيع أن آخذ مكانا في الصورة ذاتها مع الذين وصلوا إلى الحكم بطرق غير ديمقراطية". وهو ما ردت عليه مصر بتوجيه انتقادات لاذعة للرئيس التركي، واصفة إياه بأنه "ليس فى وضع يسمح له بإعطاء الدروس للغير بشأن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ولا ينصب نفسه وصياً عليها"، مطالبة إياه "بعدم التدخل في شؤون الآخرين".