خرج علينا منذ أيام الكاتب الصحفي و الإعلامي البارز يسري فودة بمقال عنوانه ( الزمالك و الإخوان ), خلاصة ما جاء فيه هو تحليله لتصرفات و سلوك جماعة الإخوان المسلمين في فترة ما بعد تغيير النظام, فبين أنهم - من وجهة نظره - قد فوجئوا - مثل فريق الزمالك الكروي - بقربهم من ( المراكز الأولي ) في بلادنا, فسبب لهم هذا ( فزعا ) أدي إلي ( قلق ), فظهر هذا علي تصرفاتهم و تصريحاتهم فخرجت غير متوازنة و كان منها قرارهم بمقاطعة الجريدة التي يكتب فيها. هذا الكلام لا بد له من توضيحات, منها: - مصطلح ( الإخوان ) يطلق و يقصد به أحيانا الجماعة نفسها, و أحيانا أخري - من باب إطلاق البعض و إرادة الكل - يقصد به جميع التيارات الإسلامية. و إن كان في هذا المقال قد قصد الجماعة ذاتها. - ما يسري علي الإخوان من أحكام غالبا ما يسري علي غيرهم - خاصة فيما يرفضون - بإعتبار أن الإخوان أكثر التيارات الإسلامية قبولا للحوار مع التيار الليبرالي, و ما يرفضون حينئذ سيرفضه بالتالي غيرهم. - إستخدم الكاتب أسلوبه الصحفي المميز في جذب الإنتباه لفكرته, بإستخدام مصطلحات شاع الإهتمام بها, ثم نقل الكلام بحرفية مدروسة إلي ما يريد للقارئ أن يقتنع به. إنطلاقا مما سبق, نبين أن هذه الكلمات ليست مناقشة لفكرة الكاتب التي أوردها ( صلاحية الإخوان / التيارات الإسلامية لقيادة البلاد ) بقدر ما هي تذكير بموقف أوضح يمكن التعرض له و بنفس الطريقة السياسية / الكروية. هذا الموقف هو ما يحدث علي الساحة السياسية من تحرش نخبوي بالإرادة الشعبية المصرية في إستفتاء مارس الشهير, , فيمكن تشبيه ذلك بما فعلته جماهير الإتحاد " السكندري " في مباراة فريقها أمام فريق وادي دجلة لما أحست بقرب خسارة فريقها و هبوطه بعد ذلك إلي دوري الدرجة الثانية - الحرافيش سابقا -, فشرعت الجماهير عندها في النزول إلي ساحة الملعب إحتجاجا علي الخسارة و أخذوا يركضون في أنحاء الملعب و يهددون لاعبي الفريقين بالإضافة بالطبع إلي حكم المباراة الأجنبي - المطلوب من جانبهم و المفترض فيه الحياد للفريقين لأنه لا يعلم أحدهما بطبيعة الحال و مع هذا اتهموه بالتحيز ضدهم -. تبين للكثير الضعف الشديد للنخبة الليبرالية علي أرض الشارع مع القوة الواضحة في الإعلام, مع عكس هذه الأوصاف تماما بالنسبة للتيار الإسلامي مما أدي لإستخدام هذه النخبة كل أسلحتها لتزييف الواقع العملي و المرجو و المفروض أيضا برغبة حقيقية من الشعب لإنهاء المرحلة الإنتقالية و البحث عن كيان جديد يتمكن من قيادة سفينة البلاد إلي بر الأمان عابرا بها إلي مستقبل أفضل للبلاد تحت إدارة قوية تتصف بنظافة اليد جنبا إلي جنب مع الكفاءة في أداء المهام الموكلة إليها. فبعد سنين طوال من العمل لتحقيقه في بلادنا, فوجئت من تسمي بالنخبة الليبرالية المصرية بقرب خسارتها لمشروعها الحلم و الذي كان يفترض به أن يعبث بهوية و ثقافة البلد المسلم ليغيره متوافقين في ذلك قصدا أو بغير قصد مع أهداف أعداء البلاد في الداخل و الخارج. فما كان من النخبة إلا أن تصرفت بنفس طريقة جماهير الإتحاد من إقتحام الساحة بعشوائية و همجية مهددة كل من يقف في طريقها حتي الحكم المفترض به الحياد التام. و ما دام الكاتب قد قرر إستخدام مصطلحات كروية في مقالاته, فليقبل منا ذكر " التفليس " و هو ما كان يفعله بعض اللاعبين لما يشعروا بقرب خسارتهم أمام المنافسين, فيقررون عندها إنهاء المباراة بأي شكل كان, كأن يأخذ أحد الخاسرين كرته التي يلعبون بها و يذهب ليلعب بعيدا تاركا الفريق الفائز متفرجا عليه, فهذه مكانته في نظره و هو لا يستحق أن يلعب معه .. ما دام سيغلبه ! حقا .. إنها نخبة " فيها لأخفيها " ! كتبه / محمد حامد