بدأت بصندوق "25 يناير" برعاية رضوان.. وحتى مبادرة حسان وصندوق "النهضة" الإخواني "تحيا مصر" مهدد بالانضمام للقائمة.. وقوى ثورية تطالب باستبعاد رجال الأعمال من أمانته لإنقاذه
"تحيا مصر" كما يريد الرئيس.. قاعدة اعتدناها كجزء لا يتجزأ من تلك الدولة، يتغير الحكام ومعهم تتغير السياسات والآليات، ليأتي أى وافد جديد ماحيًا كل القديم عنه، غير سائل عما أهدر أو فشل، فقط يكتفى بترديد خطاب سياسي يبشر بنقلة نوعية فى طريقة الإدارة ليرحل ويأتى من يخلفه مرددًا خطابًا قريب الشبه من سابقه. هكذا كان المشهد بخصوص تعامل الوزارات والأنظمة المختلفة التى تعاقبت على الدولة منذ ثورة يناير حتى الآن مع الأزمة الاقتصادية، فجميعهم لجأوا لنفس الأفكار متعاملين معها على أنها جديدة طالما هم من ينفذونها" خطاب استعطافي مصاحب لارتفاع فى الأسعار، بالتزامن معهما يدشن مؤتمر كبير تسلط عليه الأضواء وكأن فيه "الحل السحري" لتفاجأ مع نهايته أن هذا الحل لا يخرج عن نمط صناديق التبرعات.
ويأتى هذا الحل الذى رأوه سحريًا على غرار خطة "مارشال" الجنرال الأمريكي الذى وضع خطة للإنقاذ الاقتصاد الأوروبي عقب الحرب العالمية الثانية، وجاءت الخطة وفقًا لمحاور كثيرة أبرزها هو تدشين ما يسمى ب"صندوق النظير" يوضع فيه أموال إيرادات السلع التى يدعمها المشروع ومقدمة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، على أن تخصص أموال هذا الصندوق لإحياء اقتصاد أوروبا.
وعلى نفس النمط كانت فكرة الصناديق، وبدأت منذ اليوم الأول عقب الثورة، عندما لجأ إليها وزير المالية آنذاك الدكتور سمير رضوان، الذى دشن صندوق "25 يناير" معتمدًا حينها على الحالة العامة لدى المواطنين المرحبة بالثورة، أعقبها الصندوق الثاني هو "صندوق دعم البورصة"، وكانت هناك حملة لتطوير العشوائيات تبناها الفنان محمد صبحي وكانت باسم "معًا"، وبرقم حساب "444333"، وكانت تهدف لتجميع مليار جنيه لدعم العشوائيات.
وأنشئ الصندوق الثالث بمبادرة من الشيخ محمد حسان، باسم "صندوق رفض المعونة الأمريكية"، عندما هددت أمريكا بقطع المساعدات المالية عن مصر بعد ثورة 25 يناير، وجُمع في الصندوق نحو 60 مليون جنيه، لكن حتى الآن يتساءل الناس عن مصير تلك الأموال التي تم تجميعها بالصندوق.
وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، أنشأ الإخوان صندوقًا رابعًا، وهو "صندوق النهضة" برقم حساب "333/333"، وتأسس بعد فوز الدكتور مرسي في الانتخابات الرئاسية. وبعد الإطاحة بمرسي ومع 30 يونيو، كان بداية لتأسيس صندوق دعم مصر تحت حساب رقم "306306"، لتلقي تبرعات الأفراد والهيئات المودعة بجميع البنوك العاملة في مصر، على أن يتم تحويل الإيداعات الواردة طرف كل بنك في نهاية يوم العمل إلى الحساب رقم 306- 306 المفتوح طرف البنك المركزي المصري، وكان يهدف من خلاله الاستثمارات ب 100 مليار دولار خلال 4 سنوات.
الحصيلة الإجمالية مليار ونصف.. "حاجة تكسف"
لم يكن تعليقًا من مواطن يسير فى الشارع، ولا حتى من مسئول سابق، بل جاء من وزير معني بالأمر.
كان تعليق الدكتور سمير رضوان، وزير المالية الأسبق على حجم التبرعات التى جمعها الصندوق الذى أشرف عليه بنفسه عقب الثورة.
ويبدو أن هذا الشىء الذى وصفه بأنه "يكسف" لم يكن مقتصرًا على صندوق رضوان فقط بل امتد لباقي الصناديق التى تلته، حيث فى إجمالها لا تجمع سوى مليار ونصف المليار فقط، وهو مبلغ أقل بكثير من المبلغ الذي كان يسعى أى صندوق لتجميعه.
الأمر ينطبق على "العزة والكرامة" المتورط فيه السلفيون بقيادة الشيخ محمد حسان، الذى أطلق وأشرف على تبرعات تغنى عن المعونة الأمريكية فى فبراير 2012، وفى النهاية لم تلغ المعونة ولا نعرف أين ذهبت الأموال.
وكانت يهدف الصندوق إلى جمع تبرعات داخلية يتم الاعتماد عليها كبديل للمعونة الأمريكية بعد تزايد تهديدات واشنطن بقطع المعونة البالغة 1.3 مليار دولار للأغراض العسكرية و250 مليون دولار للأهداف الاقتصادية، وعلى نهج سابقتها كان مصير هذا الصندوق الذى لم يلق ترحيبًا من قبل المواطنين، بل ساهم فقط فى توريط السلفيين فى ملف الصناديق غير المعروف مصيرها.
على نفس النهج كان الإخوان الذين لجأوا لنفس الطريق عبر صندوق أطلق عقب فوز مرسي، ولكنه لا يختلف عما سبقه.
فيما أعلن الدكتور على لطفي رئيس الوزراء الأسبق عن مبادرة لاسترداد الدعم الواصل لغير مستحقيه وتبنت الحكومة المبادرة، وقررت إنشاء صندوق لاسترداد الدعم مع فتح حساب خاص به لدى البنك المركزي لتلقي تبرعات القادرين من أفراد المجتمع بقيمة ما حصلوا عليه من دعم من موازنة الدولة، وقرر الدكتور المرسي حجازي وزير المالية خلال تلك الفترة أن يتم تنفيذ هذه المبادرة من خلال حساب الخزانة الموحد المفتوح لدى البنك المركزي تحت اسم حساب مساندة الاقتصاد الوطني المصري.
خبراء: صناديق فقدت بريقها.. وثوريون: "تحيا مصر" مهدد بالفشل حذر عمرو على، منسق التحالف القومي لدعم الشرعية من انضمام صندوق تحيا مصر، إلى باقى الصناديق سابقة التدشين، مشيرًا إلى أن "تحيا مصر" حتى الآن لم يحقق نجاة، واحتمال الفشل غير وارد لدينا.
وأكد فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الخطوة الأولى التى يجب أن يتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن يقوم بعملية تصفية لمجلس أمناء الصندوق، وتخريج رجال الأعمال من المجلس، متسائلاً: "هم ليسوا متفرغين لأعمالهم، كيف يتفرغون لخدمة الوطن؟".
ولفت إلى أن الصندوق يحتاج إلى إدارة محترفة ومجموعة من الإداريين، يقومون بإدارة الصندوق على غرار مستشفى 57357.
ولفت إلى أنه إذا ما تم إعداد برنامج ترويجي جيد عبر وسائل الإعلام سيأتي الصندوق بالمليارات المطلوبة منه، على غرار مشروع قناة السويس.
فيما قال الدكتور هاني سري الدين، رئيس سوق هيئة المال الأسبق وعضو مجلس إدارة صندوق دعم مصر"306306"، إن الأزمة فى عدم نجاح أي من الجهود التى سبق تدشينها لإنقاذ الاقتصاد منذ 2011 وحتى اليوم، هو عدم وجود آليات قومية تربط كل الجهود المبذولة سواء الرسمية أو الشعبية، والتعامل معها بشكل تراكمي.
ولفت إلى أن الاستثمار يحتاج إلى 100 مليار دولار خلال 4 سنوات حتى نستطيع أن نرتفع بمعدلات النمو إلى 8%. وحذر من أن الفترة المقبلة ستعول كثيرًا على مجلس الشعب المرتقب، مشيرًا إلى أن عدم اتخاذ عملية لصالح الشارع ومحدودة الدخل سيعود بشكل خطير على السلطة الحاكمة.
وفى السياق نفسه قال الدكتور صلاح جودة، إن فكرة صناديق التبرعات، فقدت بريقها مع التكرار المستمر من قبل الأنظمة المختلفة بلا فائدة، قائلا: إن الحل الوحيد لإنقاذ فكرة التبرعات أن تعلن الحكومة عن مصير الأموال التى تم التبرع بها عبر كل الصناديق السابق ولم يعلن عن الطرق التى صرفت فيها.
وشدد على أن معرفة المواطنين لمصير تلك الأموال قد يقنعهم بأن أموالهم لا تسرق أو تنهب أو حتى تصرف فى أماكن غير التى طلبت من أجلها.
وأشار إلى أن الفكرة فعالية فى كثير من دول العالم ولكنها أثبتت فشلها فى مصر نتيجة لخطأ من الحكومات فى التنفيذ.