أعلن رئيس أكبر التجمعات المدنية التي تقوم على المصالحة في ليبيا، مساء يوم الأحد، استقالته من منصبه؛ احتجاجًا على استمرار القتال في البلاد، وعدم استجابة الأطراف المتصارعة لجهود التهدئة. وفي تدوينة له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مساء اليوم، قال محمد المبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة "أُعلن أنا محمد المبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، استقالتي من رئاسة المجلس احتجاجًا على استمرار القتال في كل ليبيا، مع عدم وجود نية واضحة لدى غالبية من النسيج الاجتماعي لوقف القتال". ورغم ذلك، أشار المبشر خلال التدوينة ذاتها إلى استمراره في جهود المصالحة "خارج الإطار المؤسسي"، مؤكداً أنه لا يقبل أن يكون "على رأس الوساطة في ظل قبول الليبيين وساطة أجنبية في وقت يرفضون فيه وساطة أبناء وطنهم". ومجلس أعيان ليبيا هو هيئة أهلية ذات حضور كبير تكونت من شخصيات ليبية ذات وجاهة وأعيان للقبائل وشيوخ من كل مدن ومناطق ليبيا. وتعترف الدولة الليبية بالمجلس كجهة فاعلة، وكانت قد كلفته بعدة مهام للمصالحة بين أطراف متنازعة في كافة البلاد نجح في بعضها. ويتولى مجلس أعيان ليبيا للمصالحة حاليا جهود وقف القتال بين الأطراف المتنازعة في منطقة ورشفانه (ضواحي طرابلس، غربي البلاد) بين مسلحي المنطقة ومقاتلين من مدينة الزاوية (غرب) تابعين لما يعرف بقوات فجر ليبيا المسيطرة علي العاصمة حالياَ. من جانبه، قال مسؤول طبي ببنغازي للأناضول إن "مسلحين مجهولين اعترضوا مساء اليوم طريق العقيد طيار ناصر سلامة العبيدي بمنطقة الحدائق في بنغازي، وأطلقوا عليه وابلا من الرصاص أرداه قتيلا". وبحسب المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن "مستشفي بنغازي الطبي استقبل في وقت سابق من اليوم جثة رئيس عرفاء بالجيش الليبي محمد كوير، الذي قتله مسلحون مجهولون في منطقة حي السلام بمدينة بنغازي". وعادت عمليات الاغتيال لمدينة بنغازي نهاية الشهر الماضي بعد أن كانت قد توقفت الفترة الماضية، حيث كانت عمليات الاغتيالات في مدينة بنغازي تتكرر بشكل يومي، وتطال العديد من العسكريين بالجيش والشرطة إضافة لإعلاميين وناشطين وأئمة مساجد. ومنذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، تشهد ليبيا انقساماً سياسياً بين تيار محسوب على الليبرالي وتيار آخر محسوب على الإسلام السياسي زادت حدته مؤخراً، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منه مؤسساته: الأول: البرلمان الجديد المنعقد في مدينة طبرق وحكومة الثني (استقالت في وقت سابق وتم تكليف الثني بتشكيل حكومة جديدة) ورئيس أركان الجيش عبد الرزاق الناظوري. أما الجناح الثاني للسلطة، والذي لا يعترف به المجتمع الدولي، فيضم، المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته الشهر الماضي) ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي. ويتهم الإسلاميون في ليبيا فريق برلمان طبرق بدعم عملية "الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ مايو/أيار الماضي، ضد تنظيم "أنصار الشريعة" الجهادي وكتائب إسلامية تابعة لرئاسة أركان الجيش، ويقول إنها تسعى إلى "تطهير ليبيا من المتطرفين". بينما يرفض فريق المؤتمر الوطني عملية الكرامة، ويعتبرها "محاولة انقلاب عسكرية على السلطة"، ويدعم العملية العسكرية المسماة "فجر ليبيا" في طرابلس والتي تقودها منذ 13 يوليو/ تموز الماضي "قوات حفظ أمن واستقرار ليبيا"، المشكلة من عدد من "ثوار مصراتة" (شمال غرب)، وثوار طرابلس، وبينها كتائب إسلامية معارضة لحفتر في العاصمة، ونجحت قبل أيام في السيطرة على مطار طرابلس.