لم أكن يوما عضوا فى الحزب الوطنى أو فى غيره من الأحزاب السياسية سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعدها بسبب إيمانى التام بأن تلك الأحزاب هى السبب الأساسى فى نكبتنا السياسية طوال سنوات عهد النظام السابق التى قاربت الثلاثين عاما .. ولرغبتى أيضا أن أكون صحفيا محايدا أقول كلمة الحق لوجه الله والوطن بعيدا عن أية توجهات حزبيه أوسياسية وقد رفضت كثيرا الإنضمام لأى حزب رغم أننى توليت العديد من المناصب التحريرية فى صحف صادرة عن بعض الأحزاب لكننى رفضت دائما أن يكون لذلك تأثير على عملى المهنى . من هذا المنطلق أصارحكم القول إننى أختلف بشدة مع المطالبين بتطبيق ما يسمى بقانون الغدر على جميع أعضاء الحزب الوطنى المنحل بحجة تسببهم فى إفساد الحياة السياسية عن طريق إقصاء جميع المعارضين والقوى الوطنية وضرب الأحزاب والعمل على توريث الحكم وإذلال الشعب وتزوير الانتخابات التشريعية.. ولم يكتف البعض بالمطالبة بتطبيق الحرمان السياسى على نواب الحزب الوطنى المنحل فقط بل تقدم بعضهم ببلاغات للنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود ، طالبوا فيها بتطبيق قانون الغدر على كل من صدر ضدهم قرار بالمنع من السفر, وكذلك أعضاء المجالس المحلية للمحافظات، وأركان النظام السابق ورموز الحزب الوطنى المنحل. وأوضح مقدموا البلاغات أنه طبقا لقانون الغدر الذى صدر عام 1952 يعد مرتكباً لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما أو عضوا فى البرلمان أو المجالس البلدية أو القروية أو مجالس المديريات، وكل شخص كان مكلفا بخدمة عامة أو له صفة نيابية، وارتكب فعلا من الأفعال الآتية: التعاون على إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصالح البلاد العليا أو التهاون فيها أو بمخالفة القوانين للحصول على مزايا سياسية، وكل من استغل النفوذ ولو بطريق الإيهام للحصول على فائدة أو ميزة ذاتية لنفسه أو لغيره، وكذلك استغلال النفوذ للحصول لنفسه أو لأحد من ينتمون إليه بصلة قرابة على وظيفة فى الدولة. وأشاروا الى أن كل من ارتكب إحدى الجرائم السابقة توقع عليه جزاءات العزل من الوظائف العامة وسقوط العضوية فى البرلمان أو المجالس البلدية أو القروية أو مجالس المديريات، والحرمان من حق الانتخاب أو الترشح لأى مجلس من المجالس سالفة الذكر لمدة أقلها 5 سنوات من تاريخ الحكم، والحرمان من الانتماء لأى حزب سياسى لنفس المدة من تاريخ الحكم، والحرمان من عضوية مجالس إدارات الهيئات أو الشركات أو المؤسسات التى تخضع لإشراف السلطات العامة ومن أى وظيفة بهذه الهيئات لمدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم، والحرمان من المعاش كله أو بعضه، ويجوز الحكم أيضا بإسقاط الجنسية المصرية عن الغادر، كما يجوز الحكم برد ما استفاد به نتيجة غدره، وتقدر المحكمة مقدار ما يرد. وإذا كنت لا أعترض على صحة معظم أو كل هذه الإتهامات الموجهة لقيادات ورموز الحزب الوطنى الذين كانت لهم كلمات نافذة وأراء مؤثرة داخل الحزب المنحل فإننى أرى أنه من غير المعقول أن نحرم الحياة السياسية من هذا العدد الكبير الذى كان يضمه الحزب الوطنى والذى يصل الى ثلاثة ملايين عضو فى وقت نحتاج فيه الى كل الأراء والأفكار لبناء مصر التى أنهك النظام السابق قواها السياسية والإقتصادية .وبحكم عملى كصحفى برلمانى وسياسى لسنوات طويلة أقول أنه ليس صحيحا أن كل من كان عضوا عن الحزب الوطنى تحت قبة مجلسى الشعب والشورى , فهناك الكثيرون منهم شرفاء ووطنيون وكانوا معارضين لسياسات الحكومة أكثر من كثيرين من نواب كانوا ينتمون للمعارضة ومنهم اللواء حمدى الطحان واللواء فاروق المقرحى والدكتورة فائقة الرفاعى والدكتورة جورجيت قللينى وغيرهم الكثير .ونفس الكلام ينطبق على الكثيرين من أعضاء الوطنى بالمحافظات .. فى هذا السياق أطالب بتطبيق هذا القانون على كل من ثبت تورطه فى قضايا فساد أو استيلاء على المال العام بشرط أن يكون ذلك بناء على أحكام قضائية نهائية وغير قابلة للطعن سواء كانوا أعضاء بالحزب الوطنى أو غيره من الأحزاب أو المستقلين .ولتسمح لى قيادات تلك الأحزاب المطالبة بتطبيق قانون الغدر أن أسالهم : ألم تكونوا أنتم جزءا من النظام السابق وجزءا من ديكوره الديمقراطى الهش وكنتم تنفذون ما يطلب منكم من جانب أمن الدولة بدون مناقشة مقابل إمتيازات مادية وسياسية بلا حدود ؟ وأيضا: ألم تساهموا أنتم أنفسكم بإفساد الحياة السياسية بالبيانات والتصريحات النارية التى كنتم تؤيدون فيها النظام السابق وقياداته سواء فى فترات الإنتخابات الرئاسية أوالإستفتاءات المزورة والتى كنتم تعلمون علم اليقين أن نتائجها لم تكن تعبر بأى حال من الأحوال عن أراء المصريين ؟ وهل تنكرون أنكم كثيرا ما عقدتم صفقات مشبوهة مع النظام السابق وحكوماته وحزبه المنحل وحصلتم على عقود إعلانية لصحفكم الضعيفة مقابل صمتكم على فساد عهد مبارك ورموز نظامه كما حصلتم أيضا على عضويات لا تستحقونها أنتم وقيادات أحزابكم فى مجلسى الشعب والشورى .. وأقول لكم أيضا : ماذا قدمتم مقابل صمت النظام السابق وأمن الدولة على فسادكم الشخصى أنتم وأقاربكم والمقربون منكم وتورطكم فى جرائم بعضها قضايا جنسية و أخرى مخلة بالشرف – لا داعى لفتح ملفاتها الأن - ؟وفى هذا السياق أرى أنه ليس منطقيا المطالبة بحرمان من تم منعهم من السفر من العمل السياسى لأننا نعلم أن معظم قرارات المنع كانت تتم لأغراض سياسية أو تصفية حسابات من جانب قيادات العهد البائد –الله لا يرجع أيامه- . والسؤا الأن :هل بعد كل هذا ياقيادات الأحزاب المحترمون ما تزالون مصرون على أن قيادات وأعضاء الحزب الوطنى وحدهم هم من أفسدوا حياتنا السياسية ويجب حرمانهم من العمل السياسى فى المرحلتين الحالية والقادمة ؟