ربما يستدرك علىً اللغويون ويقولون أن الصحيح لغة أن تقول ( ثورة أبينا ) ، والحقيقة أن الذين قد تحدثهم نفوسهم بذلك التصويب هم إما من أذناب النظام السابق (معرفش ليه) أهى تهمة والسلام ، أو أنهم مجرد إصلاحيين لا يتمتعون بالحس الثورى . وربما عندما تقرأ المقال تدرك لماذا هذا الإصرار منى على هذا الخطأ اللغوى . هناك فى أرض المحروسة من يتعامل فى شأن الثورة المصرية بمنطق المثل الشعبى القائل ( البيت بيت أبونا والغرب يطردونا ) فلسان حالهم يقول (الثورة ثورة أبونا والإسلاميون يحكمونا ) ، فهم يتحدثون عن الإسلاميين وعن الفكر الإسلامى عموما وكأنه نبت شيطانى ظهر ( إذ فجأة )على مسرح الأحداث ، وخاصة السلفيون ، وما أدراك ما السلفيون !! فبرغم أن دعوتهم ترجع إلى حقبة السبعينات من القرن الماضى ، فإذا اعتبرنا أن الجمعية الشرعية وجماعة أنصار السنة هما من الجماعات المنتمية للتيار السلفى فمعنى ذلك أن هذا التيار ترجع نشأته الى عشرينات القرن الماضى ، كل هذا حدث ( إذ فجأة) وكان الهبوط المفاجئ للسلفيين فى نظر المحللين السياسيين العلمانيين فى يوم الاستفتاء الرهيب ، ويتعجب القوم ويتساءلون ( طلعولنا منين دول ) بل إن هذا السؤال الأبله يطرحه بعض ممن يزعم أنه باحث فى الشأن الإسلامى . وراحت العديد من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية من صحف وقنوات فضائية تلصق كل نقيصة بهذا الوافد الغريب ، وراح بعضهم يتقمص دور ( أبى جهل ) فى فيلم فجر الإسلام قائلا : لقد جاءنا السلفيون بأمر لا قبل لنا به ، لا يفرقون فيه بين الدين والسياسة ، قطعوا به آذاننا ، وهدموا أضرحتنا ، وأفسدوا استفتاءنا ، وسفهوا علمانيتنا ، وخطفوا ثورتنا . أرى أن نأخذ من كل قناة مذيعا نزقه عليهم زقا ، ونخصص لهم فى كل صفحة عمودا نشتمهم فيه شتما. ونقف لهم على الواحدة ، نتتبع تصريحاتهم ونحصى عليهم أنفاسهم ، وننخور وراءهم فى ال (يو تيوب ) فلا ندع لأحدهم هفوة أو زلة إلا صدرنا به عناوين صحفنا ، وجعلناه مادة لبرامج توك شوهنا ، فإن لم نجد لهم قولا أوتصريحا اخترعنا لهم بدل التصريح عشرة ، حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا . فالسلفيون والإسلاميون عموما هم من اختراع أمن الدولة تربوا فى معسكرات الاعتقال حتى تستخدمهم الداخلية فى ضرب الثورة على أساس أن النظام السابق كان قلبه حاسس أن هناك ثورة ما ستقوم ، فى وقت ما ، ومكان ما ، فقام بإعداد السلفيين قبلها بعشرين عاما ليضرب بهم الثورة . وبعد نجاح الثورة حدث الظهور المفاجئ وغير البرئ للسلفيين من كل حدب وصوب وساعدت فى هذا الظهور بعض وسائل الاعلام المشاركة فى مؤامرة الثورة المضادة ، بل هناك دلائل تشير الى تورط بعض شركات المحمول فى الترويج للفكر السلفى عن طريق طرح خدمة جديدة هى خدمة ( سلفنى شكرا) . حتى من شارك من السلفيين فى الثورة كان مشاركا ( كده وكده ) لكنه ليس من أبناء الثورة الحقيقيين . فمن هم أبناء الثورة الحقيقيون ؟ هناك على الساحة عشرميت ائتلاف على تكتل على تحالف على جبهة تسمى نفسها شباب الثورة أو شباب 25 يناير ، يختار الإعلام من بينها من يتخذ موقفا يتماشى مع سياسة القناة أو قل سياسة رجل الأعمال الذى يملك القناة أو الصحيفة فيبرز موقفه فى صدر الصفحة الأولى أو فى مقدمة النشرات وثنايا برامج الحوارات على أنه موقف شباب الثورة. فمثلا عندما دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشباب إلى الحوار ، صدرت الصحف إياها والقنوات اللى بالى بالك عناوين الأخبار بهذا الخبر (شباب الثورة يرفضون دعوة المجلس العسكرى للحوار ) ، ( انعقاد الجلسة الافتتاحية للحوار وسط مقاطعة ورفض وتحفظ من شباب الثورة ) (خالد وشادى يرفضان بينما مدحت يوافق ، وحسانين يتجاهل الدعوة ، و زكريا يشكك فى جدية الحوار) . طيب وماذا عن الألف وخمسمائة شاب الذين حضروا كممثلين ل 153 تحالف على تكتل على ائتلاف على جبهة ؟ هؤلاء ليسوا هم أصحاب الثورة . على اعتبار أن الثورة ثورة من لم يحضر ، فهم أكثر ولاء ووفاءا لدماء الشهداء ، وهى نفس النبرة التى يتحدثون بها عندما يتناولون نتائج الاستفتاء ، فهم لا يتصورون أبدا أن ثوريا مخلصا يسعه أن يقول نعم لأى شئ مهما كان ، فلابد من استمرار الوهج الثورى حتى تحقق الثورة كل أهدافها . وهى كلمة حق يراد بها باطل ، فكلنا نسعى لتحقيق أهداف الثورة وأعظم أهداف هذه الثورة بعد إسقاط النظام المستبد هى إقامة دولة ديمقراطية حرة ، يسترد فيها الشعب سلطته وإرادته فى اختيار حكامه ونوابه ، وهو ما لا يريده أصحاب الصوت العالى من ساكنى الفضائيات ومسودى صفحات الصحف . فبعد العملة السودة اللى عملها الشعب فى الاستفتاء ، فقد بدا جليا أن هذا الشعب يحتاج لمن يأخذ بيده ليعبر الطريق إلى الديمقراطية قبل أن يختار نوابه ، لأن الطيور على أشكالها تقع وأكيد هذا الشعب سيختار نوابا مثله ليسوا ثوريين ولا نخبويين ولا مثقفين ، ونظرا لأنه شعب أمى وبصمجى فهو فى حاجة إلى نخبة من (العرضحالجية )يجيدون القراءة والكتابة وخطهم حلو ليكتبوا له دستورا لا يخر المية ، يتم من خلاله فرض الوصاية على الشعب السفيه الذى لا يعرف عدوه من حبيبه ، وتكتيف نوابه بنصوص دستورية تقدمية وحدوية ليبرالية علمانية ، مع وضع كام قنبلة على كام لغم ينفجر تلقائيا فى وجه أى حكومة إسلامية ، أو مدنية ذات مرجعية إسلامية أو مدنية ذات رائحة إسلامية . أعظم هذه القنابل فتكا هو النص الذى يريد البرادعى من النخبويين وفريق من خبراء مؤتمر الوفاق الجملى وضعه فى الدستور وهو النص على أن الجيش والمحكمة الدستورية العليا يقومان على حماية وصيانة مدنية الدولة ، وهو نص مستعار من الدستور التركى مع اسنتبدال كلمة ( مدنية الدولة ) ب (علمانية الدولة ) وهو النص الذى يستند اليه الجيش التركى فى الحكم من وراء ستار والإطاحة بكل رئيس أو برلمان منتخب بحجة أن هذا الرئيس أو ذاك البرلمان يعرضان علمانية الدولة للخطر حتى إنهم اعتبروا أن السماح للمحجبات بدخول الجامعة يعرض علمانية الدولة للخطر . ولم تتوانى المحكمة الدستورية العليا هناك فى استخدام صلاحياته الدستورية حيث قامت بإصدار أكثر من حكم بحل حزب الراحل نجم الدين أربكان ، وفى كل مرة يلجأ الرجل الى انشاء حزب جديد ببرنامج جديد ، ولكن المحكمة كلما ضبطت أربكان متلبسا بممارسة العمل الحزبى تقوم بحل الحزب حتى صدر حكم بعزله سياسيا وذلك تطبيقا لمبادئ العلمانية التى تقضى بالفصل بين الدين والسياسة فما بالك ب (نجم الدين) . وصوت براحتك ياشعب .. وانتخب زى ما انت عايز.. وخلى رئيس ولا وزير يتجرأ ويقول ( بسم الله الرحمن الرحيم) ، فسوف ينفجر فى وجهه اللغم الحساس المدسوس بين نصوص الدستور ، وفى اليوم التالى يحصل انقلاب بحجة أن مدنية الدولة فى خطر . أو تصدر المحكمة الدستورية حكما بحل الأحزاب ذات المرجعية الدينية وإغلاق مجلة (علاء الدين ) وإلغاء شهر رمضان لارتباطه ب (قمر الدين) . وتعلق صورة رئيس الحزب ، الذى كان بالأمس رئيسا للوزراء أو حتى الجمهورية فى كل مكان وتحتها عبارة مطلوب حيا أو ميتا ، ولو ميتا يكون أحسن ، ويجرى خلفه العساكر فى الشوارع والأزقة صارخين ( امسك إسلامى .. حلق يا مواطن ) صدقونى أنا لا أبالغ ، كأن أحدكم يقول مش للدرجة دى . طيب خد عندك ، إرجع للمناحة أعنى المحاورة التى أجراها إبراهيم عيسى من خلال برنامجه (صالون ابراهيم عيسى) الذى كان يذاع على الجزيرة مباشر يوم 20/3/2011 فى اليوم التالى للاستفتاء ، جلس هو وضيوفه ( الاستاذ الدكتور المهندس الاستشاري ممدوح حمزة قائد الثورة ، والكاتب الصحفى وأحد ملاك ثورة 25 يناير عبد الله السناوى والكاتب الصحفى الرفيق جمال فهمى العم الروحى للثورة ) يشرحون ويحللون ما جرى فى هذا اليوم ( الأسود على اللى ....) ومن بين ما قالوا هو أنه كيف ، ولم ، ولماذا ، وإشمعنى ، وأنى له أن يفعل نائب رئيس مجلس الدولة المستشار محمد عطية وهو يعلن نتيجة الاستفتاء المشؤم فإذا به يرتكب أخطاءا فادحة تهز كيان الدولة المدنية وتقوض دعائمها وتنذر بقرب قيام دولة دينية ثيوقراطية راديكالية . فقد بدأ المستشار حديثه بتلاوة آيات من القرآن قبل إعلان البيان ، وهذا خلط بين الدين والسياسة ، وزاد الطين بلة بأن ختم بيانه بدعاء دينى أيضا ، فهل بعد هذا يمكن أن نطمئن إلى مصداقية الاستفتاء ومدنية الدولة ؟؟ هذا ما قاله القوم وما رأوه تهديدا لمدنية الدولة !! . وغير ذلك كثير من مظاهر السنكحة العلمانية والابتزاز باسم الثورة . لذلك فقد قررت أن أقطع الطريق على الجميع وأعلن ملكيتى للثورة من خلال تأسيس كيان ثورى (جديد نوفى ) يعد الممثل الشرعى والوحيد للثورة ، أسميه المجلس الأعلى لشباب الثورة ، وسوف أنصب نفسى رئيسا أعلى للمجلس ، وهو أكبر كيان ثورى والأكثر عددا بعد تفتت ائتلافات شباب الثورة تحت شعار ائتلاف لكل مواطن ، ومن المتوقع أن يضم مجلس القيادة بعد أيام قليلة من بدء تأسيسه ما يزيد على عشرين نفر ، منهم اثنين أقباط من ( اتحاد شباب ثوار ماسبيرو) ، على أربع خمس حريم من جمعية (نساء ضد التزويج)،وثلاثة من تكتل( شباب 37 مارس) وطفلا رضيعا من جماعة (معا ضد الرضاعة الطبيعية). ومعى المستندات التى تدل على ملكيتى للثورة وأننى واحد من أبناءها ، وسوف أقوم بعرض هذه المستندات من خلال مؤتمر صحفى عالمى ، وهى عبارة عن مجموعة من الصور أظهر فيها وأنا واقف بشموخ بجوار دبابة فى ميدان التحرير . إلى جانب مقاطع فيديو تذاع لأول مرة . وأنا أصرخ فى الجموع : لا رجوع .. لا رجوع .. إلى الأمام .. إلى الأمام .. ثورة .. ثورة .. ثورة خلف عبد الرؤف المحامى