شارك عشرات آلاف المتظاهرين في مسيرات حاشدة عمَّت اليوم الأحد شوارع العاصمة الإسبانية مدريد ومدن البلاد الأخرى للتعبير عن احتجاجهم على البطالة وإجراءات التقشُّف وخفض الإنفاق العام التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا. فقد تدفق المتظاهرون إلى وسط مدريد من كافة الجهات، وراحوا يهتفون بشعارات مناهضة لسياسات الحكومة، ويقرعون الطبول ويلوِّحون باللافتات التي تحمل عبارات تعبِّر عن مطالبهم. وقد قطع بعض المتظاهرين مسيرة حوالي خمس ساعات سيرا على الأقدام، بحيث وصل عدد المحتشدين بعد ظهر الأحد في المنطقة القريبة من البرلمان إلى عشرات الآلاف. وجاءت مظاهرات الأحد استمرارا للاعتصام الذي بدأته مؤخرا في مدريد مجموعة من الناشطين الشباب، أُطلقت عليهم تسمية "الساخطون"، وذلك بغرض الضغط على الحكومة وإرغامها على التراجع عن الإجراءات التي اتخذتها مؤخرًا. وكان الشعار الأبرز الذي ردَّده المتظاهرون خلال الاحتجاجات هو "أوروبا لكلِّ مواطنيها". كما ردَّد المحتجون أيضا شعارات أخرى من قبيل: "لا للبطالة ولا لخفض الإنفاق الاجتماعي"، و"نعارض إجراءات التقشُّف التي تشمل كافة القارة الأوروبية". وكان اللافت أيضا رفع شعار على طول الطريق الذي سلكه المتظاهرون يقول "لا للعنف"، وذلك للتذكير بأعمال العنف التي شهدتها مسيرة الأسبوع الماضي في برشلونة وانتهت باشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. وقد لوحظ انتشار المئات من عناصر الشرطة الإضافيين في المناطق التي شهدت مظاهرات الأحد في العاصمة، وقد تم تطويق المنطقة المحيطة بالبرلمان كإجراء احترازي. ويخشى المتظاهرون من أن الانعكاسات الوخيمة للاتفاقية الأوروبية الجديدة، والتي تهدف إلى تطوير التنافسية في منطقة اليورو، إذ ستعني المزيد من الخفض في الوظائف والإنفاق العام. وقالت إحدى المتظاهرات: "من الأهمية بمكان الخروج إلى الشارع، لأن سلسلة الإجراءات التي يتَّخذها أولئك المتربعون على كرسي السلطة، كالاتفاقية الأوروبية مثلا، إنَّما تجعل أوروبا ملكا للمصرفيين وليس للشعب". وقال متظاهر آخر: "نحن جميعا ضد المصرفيين والمال ورأس المال، كما أننا أيضا ضد الفساد وضد إساءة استغلال المال العام". يُشار إلى أنه ليس هنالك من قيادة لحركة الاحتجاجات في إسبانيا، كما أنه لا يوجد ثمة هيكلية أو إطار يجمع المتظاهرين. إلاَّ أنه يبدو أن الاحتجاجات تحظى بدعم شعبي واسع النطاق، إذ أن هنالك دعوات الآن لاقتناص فرصة الزخم الكبير للاحتجاجات من أجل تنظيم إضراب عام على صعيد كافَّة مدن ومناطق البلاد. وبالإضافة إلى عشرات التجمُّعات الاحتجاجية التي شهدتها عموم مناطق إسبانيا مساء الأحد، تعتزم مجموعات أخرى تنظيم مسيرة كبرى مناهضة للحكومة، بحيث تبدأ الاثنين وتستمر لمدة شهر كامل. وتتجاوز نسبة البطالة في أوساط الشباب في إسبانيا 43 في المئة، بينما خلَّفت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد عن وجود أكثر من مليون أسرة إسبانية بدون وجود معيل لها.