فند الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، بعض المؤلفات والكتابات التي تثير شبهات حول قيام المسلمين بتقبيل الحجر الأسود في الكعبة واعتبار ذلك يتنافى مع دعوة الإسلام حول التوحيد ونبذ الأوثان. ووصف القرضاوي في رده عبر موقعه الإلكتروني على سؤال حول كتيب أثار فيه مؤلفه شبهات حول الحجر الأسود، ورد الأحاديث التي وردت في استلامه وتقبيله زاعمًا أنها تنافي دعوة الإسلام للتوحيد، ونبذ الأوثان ب "الدراسة السطحية"، وأنها "ضلال مبين، وغفلة عن طبيعة العلم، وطبيعة الدين". ودلل بالحديث الذي ورد في البخاري عن ابن عمر "وسئل عن استلام الحجر الأسود فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله"، وعن نافع قال: "رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده، وقال "ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله" متفق عليه. واستشهد بالحديث عن عمر بن الخطاب: "أنه كان يقبل الحجر الأسود ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك " رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة. وقال الطبراني: إنما قال عمر ذلك، لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم الأحجار كما كانت تفعل العرب في الجاهلية، فأراد أن يعلم الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله، لا لأن الحجر يضر وينفع بذاته، كما كانت الجاهلية تعبد الأُوثان. وشدد القرضاوي على أن "الأحاديث المذكورة أحاديث قولية صحيحة ثابتة، لم يطعن فيها عالم من علماء السلف أو الخلف، على أن الأمر أكثر من ذلك، فإن هذه سنة عملية متواترة تناقلتها الأجيال منذ عهد النبوة إلى الآن بلا نكير من أحد، فأصبحت من مسائل الإجماع، ولا تجتمع الأمة على ضلالة، وهذا وحده أقوى من كل حديث يروى، ومن كل قول يقال. ومن المقرر لدى أهل العلم جميعا: أن (التواتر) يفيد العلم اليقيني". وفي رده على سؤال عن أن بعض المستشرقين والمبشرين وأشباههم يثيرون شبهة سخيفة، وهي أن المسلمين يعبدون الحجر الأسود، قال القرضاوي "الواقع أن المسلمين لا يعبدون إلا الله عز وجل، كان المشركون قد أدخلوا الحج بعد إبراهيم عليه السلام بعض أوضار الوثنية وبعض أدران الجاهلية حتى إنهم كانوا يقولون في التلبية: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.. يعنون الأصنام فجاء الإسلام وأبطل هذا، قال: (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)". وأكد أن "التوحيد هو جوهر الإسلام وروح الإسلام، ولذلك لا يوجد في الحج أي شيء يمس هذا التوحيد، الحجر الأسود هو مبدأ الطواف يعني لا بد من مكان ننطلق منه فهو نقطة الانطلاق، فمن عند الحجر يبدأ الطواف وينتهي عنده، ثم الحج هو في الحقيقة عبادة مليئة باللغة الرمزية". وأضاف "فتقبل الحجر الأسود ليس لأن الحجر الأسود له قدسية خاصة أو لأنه يعبد من دون الله، ولذلك من المأثور أن الواحد يقول عند الحجر الأسود " اللهم إيمانا بك وتصديقا بنبيك ووفاء بعهدك " إيمانا بك وليس بالحجر، وتصديقا بالتوحيد وليس بالوثنية، ووفاء بعهدك؛ وعهده التوحيد (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين. وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) يس: وحول الحجر الموجود في مقام السيد أحمد البدوي بطنطا في مصر، وفي ركن من أركانه، حيث يقال: إن هذا الأثر أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم، أكد القرضاوي أن "الإسلام قد أبطل التبرك بالأحجار كلها، لم يستثن من ذلك إلا الحجر الأسود للحكمة التي ذكرناها". وأشار إلى أن "الحجر الموجود في طنطا حجر كسائر الأحجار، ليس هناك تاريخ يثبت أن هذا الحجر من عهد رسول الله، ولا أن أثر القدم هو أثر قدمه عليه السلام، وليس عند أحد، سند بهذا أبدًا". وأوضح أن "رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بالتمسح والتبرك بمواضع أقدامه، وتعظيمها إلى درجة التقديس، وإنما كان يحذر من كل ما يشم منه رائحة الغلو في التعظيم، ويوصد كل باب يخشى منه دخول الفتنة، لهذا قال عليه السلام: "لا تتخذوا قبري عيدًا"، " لا تتخذوا قبري وثنًا يعبد". " لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وكان أصحابه على هديه كذلك .. أسرع عمر بقطع شجرة الرضوان التي بايع المؤمنون رسول الله تحتها في الحديبية، وجاء ذكرها في القرآن، قطعها رضي الله عنه حين رأى بعض الناس يذهبون إليها متبركين.