أحمد رياض غنام عضو الهيئة الوطنية السورية للتغيير:
الجماعات الجهادية فى سوريا تنفذ مخطط "ستيف برنار" لتقسيم "الشام" إلى دويلات مذهبية.. وإرهابيو 80 دولة قتلوا 150 ألفًا وقضوا على حلم الثورة السورية
الأكراد اتفقوا مع الغرب على إقامة "كردستان".. وبشار يمهد لدولة العلويين على ساحل البحر المتوسط
مصر وسوريا جناحا الطائر للأمة العربية والشام ينتظر استنساخ ثورة 30 يونيو للقضاء على الجماعات المسلحة
أكد أحمد رياض غنام، عضو الهيئة الوطنية السورية للتغيير ومؤسس كتلة أحرار الشام، أن تنظيم "داعش" المسلح بوابة العرب لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات طائفية، مبينًا أنه بالتعاون مع الجماعات الجهادية فى سوريا ينفذ مخطط "استيف برنار" لتقسيم "الشام" إلى دويلات مذهبية، وأن إرهابيي 80 دولة تجمعوا ليقتلوا 150 ألف سورى ويقضوا على حلم الثورة السورية.
إلى نص الحوار... ** فى البداية.. كيف ترى أوضاع الثورة السورية بعد أن سيطر "داعش" على جزء كبير منها من أراضى الشام؟ للأسف الشديد الثورة السورية انحرفت عن المسار بعد أن تسلق على أكتافها جماعات مسلحة ذات أيديولوجيات غير وطنية وعلى رأسها تنظيم "داعش" المسلح الذى أصبح شوكة فى ظهر الثورة السورية، ولا يختلف عن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، باعتبارها جماعة تنتمي للتنظيمات الدولية المشبوهة، وتسلقت هى الأخرى على ظهر الثورة المصرية قبل أن يسقطها الشعب المصرى فى 30 يونيو.
** ألا ترى أن التنظيمات الجهادية المسلحة كانت العامل الفصل فى سقوط الثورة السورية فى بحر الدم؟ كانت أهم عامل بالتأكيد، فإذا كان النظام السورى بالقسوة والقوة التى تجعله يقتل السوريين بدم بارد، لكن ما كان يصل عدد القتلى إلى 150 ألف سوري غير مئات الآلاف من المصابين وملايين المشردين، تلك الجماعات المسلحة جاءت - طبقًا لتقارير دولية - من 80 دولة ليقتلوا الشعب السورى قبل أن يقتلوا النظام السورى المستبد، والهدف تم التخطيط له منذ سنوات طويلة، وهى تعديل خريطة "سايكس- بيكو" وتكوين دويلات طائفية متناحرة.
** هل تعتقد أن تنظيم داعش كان يمثل رأس الحربة لهذا المخطط؟ بالتأكيد.. والدليل على ذلك تحول مسار تنظيم داعش من الحرب فى سوريا إلى الحرب فى العراق، وهنا يتضح حجم المؤامرة على أرض ملتهبة طائفيًا وعرقيًا ويظهر المخطط القديم الذى نشره "ستيف برنار" عن دويلات السنستان والشيعستان والكردستان، وهى دويلات قائمة على التشكيل المذهبي الطائفي.
** الثورة فى سوريا مر عليها أكثر من ثلاثة أعوام والوضع من سيئ إلى أسوأ ومؤلم، ولا يوجد حل، فى رأيك إلى أين تذهب سوريا فى ظل هذه الوحشية والدموية خاصة بعد انتخاب بشار الأسد؟ أولاً ما حدث فى الانتخابات السورية مهزلة بكل المقاييس، ولا يعبر عن طموحات الشعب السورى من ثورته؛ فإذا كنا نرفض الجماعات المسلحة والإرهابية فهذا لا يعنى أننا نرتضى ببشار الأسد رئيسًا من جديد، كما أن الثورة السورية رغم أنها بدأت ككل ثورات الربيع العربى سلمية، ثم حدثت انشقاقات فى جيش النظام، هذه الانشقاقات تحولت إلى ما يسمى بالكتائب أو الجيش الوطنى الحر، وهذا الجيش الوطنى بقى كخط دفاع خلفي عن المتظاهرين أى أن الحالة السلمية للثورة استمرت، ولكن الحق المكفول والخاص بحق الدفاع عن النفس الشعب السورى يمارسه بواسطة الجيش الحر، كما أن الثورة السورية كانت ذات مسارات متعددة، أى أنها ثورة مرحلية، المرحلة الأولى أخذت طابعًا سلميًا فى المطلق، ثم مزيدًا من العسكرية فى المرحلة التى تلت، ثم جاء تشكيل ما يسمى بالمجلس الوطنى السورى وتم تشكيله من قِبل الإخوان المسلمين السوريين وبرضا كامل من تركيا التى لا يهمها سوى المصالح الشخصية لها، هنا تحول الجيش السورى الحر إلى جيش مكون من جماعات جهادية مشبوهة جاء من 80 دولة واستطاعوا أن يسرقوا الثورة.
** هل ترى أن هذا المجلس أضر بالثورة السورية؟ المجلس الوطنى للأسف كان له دور فى أنه قصم ظهر المعارضة السورية وخلق نوعًا من الانفصام فى عرى المعارضة السورية الذى لم يكن فى الأساس موحدًا ولكنه زاد فى تعميق الشرخ، فأنت تريد أن تجمع العلماني والليبرالي والمستقل فى إطار "جسم سياسى" على أن يكون الحاضن له الإخوان المسلمون وهذا قمة فى التناقض، ثم جاء تشكيل هذا المجلس بطريقة غير ديمقراطية وبطريقة انتقائية، وتم تعيين أفرادها بنفس الطريقة، مما أثار السياسيين السوريين والمعارضة السورية، لأن أحدًا منهم لم يمثل الثورة السورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
** هل معنى هذا أننا لا نستطيع أن نقول إن هناك انفراجة؟ لا أعتقد أن هناك انفراجة؛ لأن الجماعة الدولية لا تريد أن تتدخل، لذلك نحن أمام سيناريوهات كثيرة.
** وعلى ماذا سيكون الرهان؟ أعتقد أنه سيكون على ممارسة المزيد من الضغوط على المعارضة السورية من أجل الدخول فى حوار مع النظام وهذا خطير جدًا وقد يؤدى إلى تقويض الثورة السورية، مما يضطرنا للجوء إلى سيناريوهات أكثر تعقيدًا للشعب السوري، وفى نهاية المطاف قد تتعرض سوريا إلى التقسيم. ** التقسيم لا يحدث إلا إذا كانت الدولة تحمل مناخ هذا التقسيم، ما الأسس التى تعتمد عليها الأرض السورية لتحدث التقسيم هل تحمل عوامل التقسيم؟ هناك الأكراد ويطالبون علنًا بتكوين دولة كردستان فى منطقة الشمال والإعلان أصبح بصورة معلنة منذ أن بدأت الثورة السورية، وكانوا يقولون قديمًا إنهم يريدون دولة فيدرالية وأن يكون لهم خصوصية، ولكنهم الآن يطالبون بدولة كردية، وأنا منذ عام أعلم هذا لأنهم يعتمدون على العرق وعلى الأرض التاريخية لهم، لأنهم يعترفون بسوريا ما قبل "سايكس بيكو" ويستطيعون أن يعلنوا حكومة، ولديهم بالفعل تأييد دولي وعلمت هذا أثناء زيارتي للنمسا والمجتمع الأوروبي يتجانس فى ذلك.
** وهل هناك كيان آخر غير كردستان؟ النظام السورى نفسه يتلاعب بهذا، فهو يحتاط من نتائج الثورة السورية عليه، لذلك سيذهب إلى الدولة العلوية التى تبدأ من الحدود التركية حتى حمص التى يعمل على تهجيرها بعد قصفها، بعد أن يستعين بالشبيحة، لذلك تركزت عمليات القصف كثيرًا على حمص من أجل التطهير العرقي، وهذا يؤكد أنه يستعد للذهاب إلى تلك المنطقة لإقامة الدولة العلوية، وجميع المقومات التى يحتاجها لإقامة دولته موجودة، فلديه الطرق البحرية والبرية والميناء الجوى، وقاموا بسرقة معظم المخزون من الذهب والصواريخ الجرثومية والكيماوية، لذلك لدىّ تخوف شديد من سيناريو التقسيم؛ فالتقسيم ينتج منطقة غير مستقرة وهذا لن يحدث لأن التقسيم سيضر بعاملين، الأول منابع النفط، والثانى إسرائيل الطفل المدلل.
** الوضع فى سوريا يقول إن الثورات فى العالم العربى تختلف من دولة إلى أخرى، وهذا يجعلنا نتحدث عن طبيعة الشعب السورى وثورته؟ المقولة التى أطلقها حسنى مبارك بأن ما حدث فى تونس لا يجب أن يحدث فى مصر وأن ليبيا ليست كمصر هى مقولة صحيحة، لا نستطيع أن نجرى إسقاطًا سياسيًا على الأحداث فى دول الثورات؛ فلكل دولة خصوصياتها الاجتماعية والثقافية؛ ففى سوريا على سبيل المثال نظام طائفي متوحش من طائفة واحدة ومعظم رجالات الدولة سواء فى الجيش أو الحكومة من هذه الطائفة ومَن يستفيد من هذا الحكم هى الطائفة العلوية ومَن يعملون ويستفيدون منهم من بعض الطوائف الأخرى وهم أقلية وهى الطبقة الفاسدة، مما يعنى أن النظام السورى نظام غارق فى الطائفية ولهذا أتحدى قرية واحدة من القرى العلوية أن تكون قد خرجت ضد النظام الفاشي، لأنها تستفيد بشكل أو بآخر من هذا النظام، والدليل الآخر أن الفئة المثقفة من الطائفة العلوية لم تستطيع أن تشارك فى الحراك السياسي، بل بقى المثقفون والفنانون والرياضيون والأدباء يشجعون ويدعمون هذا النظام حتى هذه اللحظة، وهذا يعنى أننا لا نستطيع أن نعطى براءة ذمة لهذه الطائفة وهى مدانة والصيغة الرئيسية لها هو أن النظام الطائفي يتحكم فى سوريا من الشرق للغرب ومن الشمال إلى الجنوب. ** وماذا عن انشقاق الجيش السوري؟ مَن انشق عن الجيش هم من الطائفة السنية فقط، وكانوا مهمشين داخل الجيش السوري، ولم يستطيعوا أن يمارسوا عمليات القتل ضد أبناء الشعب السورى فانشقوا، مَن هو شاذ عن الطبيعي مَن بقى فى جيش النظام، وهذا يجعلنا نتفهم طبيعة قوة الجيش السوري.
** هل تعتقد أن تلك الانشقاقات يمكنها أن تضعف النظام السوري؟ طبيعة قوة النظام السورى فى الداخل السورى تعود إلى العلاقات الدولية المتشابكة مع الأتراك وإيران والعراق على خلفية طائفية واحدة، ويحمل النقيضين عندما أقام أو ادعى أنه يقيم علاقات تصادمية كبرى بين أطراف عملاقة مثل الأمريكان التى ساعدها كثيرًا فى تمرير معلومات عن تنظيم القاعدة رغم أنه يدعى أن الأمريكان العدو اللدود، بالإضافة إلى العلاقات التى مارسها مع الجانب الروسي.
** هذا الوضع ليس جديدًا على المجتمع السوري وفى 1982 كانت هناك مذبحة ضد الشعب السورى ولكنه لم يخرج عليه؟ الثورات ليس لها ساعة بيولوجية واحدة بل تقررها حالة من الكبت تقررها لحظة ما ليس لها علاقة بالظروف السياسية ولكنها تنتظر شرارة للانفجار، والثورة السورية جاءت بدفع من الربيع العربى وما حدث فى تونس، ولكنها كانت تعتمد على ما يحدث فى مصر باعتبارها تمثل مع سوريا الجناح الطائر للأمة العربية وعندما حدث ما حدث فى مصر وسقوط النظام ليس بالصعوبة التى نسمع عنها قررنا الخروج، خاصة أننى شاركت فى ثورة مصر فى أيامها الأولى، ووجدت أنها بالشكل السلمى حققت مطالبها فى 18 يومًا وسقط النظام حتى وإن تلاها من أحداث مؤسفة ولكنها ستظل علامة فخر للشارع المصرى والعربي، حيث جعلت العالم يقف 18 يومًا على قدم وساق لمعرفة مصير الأمة والعالم كله، وعندما جاءت حادثة الأطفال فى "درعا" اندلعت الثورة ولم تتلق أى إشارة من الخارج كما يقول البعض، واليوم أصبح أهل الشام فى حاجة إلى استنساخ ثورة 30 يونيو للقضاء على الجماعات الجهادية المسلحة.