«التعليم»: مصروفات المدارس تشمل الكتب والمستوى الرفيع وتقسيطها على 4 دفعات    بروتوكول تعاون لتنفيذ أعمال الرفع المساحي لوصلات الصرف الصحي بقرى «حياة كريمة» في المنيا    ب 500 مليون دولار.. واشنطن توافق على أول حزمة مساعدات ممولة من «الناتو» لأوكرانيا    الهلال السعودي يهزم الدحيل القطري في دوري أبطال آسيا للنخبة (فيديو)    ميدو: الأهلي أخطأ بضم زيزو.. ويحتاج إلى مدرب «ديكتاتور»    عبد الجواد والحمامي يتأهلان لنصف نهائي بطولة مصر الدولية للإسكواش    هل يرحل الصيف في هدوء ؟ بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «يُفاجئ الجميع»    ضبط أدوية مهربة داخل منشأة غير مرخصة يديرها منتحل صفة طبيب فى المنوفية    أمير طعيمة يكشف تفاصيل أغنية شبه دماغي وتعاوناته الأخيرة مع سعد لمجرد وعمرو دياب    «ON» تبدأ عرض «وتر حساس 2» بداية من الأحد المقبل    مراسل ستوديو إكسترا: الاحتلال يستخدم "روبوتات مفخخة" لتدمير أحياء كاملة بغزة    ما المخاطر الصحية التي يسببها تقارب فترات الولادة؟ طبيبة تجيب    ترامب: أمريكا اتخذت إجراءات ضد سفينة ثالثة من فنزويلا    قصر ثقافة الأنفوشي يستضيف ماستر كلاس حول فلسفة العلاقات البصرية في المسرح    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يقرض جو باص للنقل 10.6 مليون يورو    غرفة عمليات وإشراف قضائي.. كل ما تريد معرفته عن اجتماع الجمعية العمومية    رئيس الوزراء: الأعاصير الإقليمية تكشف حكمة الرئيس السيسي    وزير الخارجية يلتقى سكرتير عام منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    فى الأقصر .. الإعدام ل4 متهمين لاتهامهم بمقاومة السلطات وحيازة مخدرات    لاعبو غزة والكرة.. عندما تنزح الأحلام من المخيمات إلى ملاعب القاهرة    أحمد موسى: كل ما يفعله نتنياهو اليوم سيكون له رد فعل    فني صحي طنطا يتصدر قائمة تنسيق الثانوية الصناعية 3 سنوات بحد أدنى 99.5%.. النتيجة كاملة    بتكلفة 65 مليون جنيه.. محافظ الشرقية يفتتح 4 مشروعات جديدة غدًا    الجرائم الأسرية دخيلة على المجتمع المصرى    ماريا كاري تخطف الأنظار بإطلالتها ومجوهراتها الفاخرة في حفل أم أي 2025    ريهام عبد الحكيم: المنافسة صحية وأنغام أقرب الناس لقلبي    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    وفد نقابة المهندسين يتابع أعمال المرحلة الثانية من النادي بأسيوط الجديدة    بعد صعودها لأعلى مستوى في 14 عامًا.. كيف تستثمر في الفضة؟    لأول مرة.. رئيس الوزراء يكشف عن رؤية الدولة لتطوير وسط البلد    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    فسحة تحولت لكارثة.. إصابة سيدتين في حادث دراجة مائية بشاطئ رأس البر    الصحة: توفير لقاح الإنفلونزا الموسمية مجانًا للفرق الطبية    شاهد تخريج الدفعة 7 من المدرسة القرآنية فى سوهاج    الشيخ خالد الجندى: أبو هريرة كان أكثر الصحابة رواية للسنة النبوية    "حياة كريمة" تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي القنطرة غرب بالإسماعيلية    افتتاح المؤتمر السابع للشراكة من أجل المبادرات الدولية للقاحات (PIVI) فى القاهرة    طريقة تجديد بطاقة الرقم القومي إلكترونيًا 2025    رابط الاستعلام عن مخالفات المرور وطرق سدادها إلكترونيًا    أمل غريب تكتب: المخابرات العامة المصرية حصن الأمن القومي والعربى    رئيس هيئة النيابة الإدارية يلتقي معاوني النيابة الجدد    8 صور ترصد استقبال زوجه وأبناء حسام حسن له بعد مباراة بوركينا فاسو    برشلونة يعلن مواجهة خيتافي على ملعب يوهان كرويف    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    خبراء يرجحون تثبيت أسعار الوقود في أكتوبر المقبل    43 شهيدا فى غزة جراء غارات إسرائيلية مكثفة والمفوض الأممى يطالب بوقف المجازر    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    مهرجان الجونة السينمائي يمنح منة شلبي جائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    الغلق لمدة أسبوع كامل.. بدء تطوير نفق السمك بشبين الكوم -صور    "أحدهم سيرحل".. شوبير يكشف تفاصيل جلسة مصارحة لاعبي الأهلي بسبب العقود    بلدية غزة: اقتراب موسم الأمطار يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية بالمدينة    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدراما بين تزييف التاريخ والالتزام بحرفيّته
نشر في المصريون يوم 20 - 08 - 2014

مرة جديدة تطرح إشكالية حرية المبدع وتقييده مقابل دعاوى الحفاظ على التاريخ الوطني، وحفاظاً على الشخصيات الوطنية من التشويه والتجريح. تجددت إثارة القضية بعد عرض مسلسلي «سرايا عابدين» و «صديق العمر» في شهر رمضان الماضي، حتى أن البعض طالب بوقف المسلسلين وقت عرضهما لأنهما «يزيّفان الفن والتاريخ». وأقام المجلس الأعلى للثقافة ندوة أخيراً ناقش فيها قضية «الدراما والتاريخ»، حضرها الكثير من أساتذة التاريخ، مثل الدكتورة لطيفة محمد سالم والدكتور أحمد زكريا الشلق، ومن الفنانين حضر سامح الصريطي، وأحمد سلامة، وصبري فواز، والكاتب محفوظ عبدالرحمن، فضلاً عن الناقد طارق الشناوي، وجمال شقرة، والكاتب هشام الخشن. وبعيداً من الندوة، طالبت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية صنّاع الدراما بضرورة العودة إلى الجهات العلمية المتخصصة قبل الشروع في كتابة عمل درامي تاريخي.
وأوضح الكاتب محفوظ عبدالرحمن ل «الحياة» أنه من قام ب «استفزاز» الجمعية التاريخية التي هو عضو فيها لأنه طرف في الموضوع، وقال: قدمت في الماضي «بوابة الحلواني» و «ناصر 56»، والعملان يقتربان من «سرايا عابدين» و «صديق العمر». وعندما سئلت عن وجهة نظري في العملين قلت أين دور الجمعية التاريخية؟».
وأكد محفوظ ضرورة أن تكون الأعمال التاريخية موثّقة ومدروسة، مشيراً إلى أن دور كاتب السيناريو أكثر تعقيداً من دور المؤرخ نفسه الذي يستطيع الكتابة عن أي شخصية وتجاوز أي ثغرات بعكس كاتب الدراما الذي لا بد من أن يشرح الثغرات ويفسرها للمشاهد، وأضاف: «هذه المهنة شديدة الصعوبة وتتطلب مقداراً كبيراً من الأمانة حتى يصل الكاتب الى أهدافه ويقدم عملاً درامياً متكاملاً خصوصاً في الناحية التاريخية.
هناك أعمال قوية تدور حول بعض الأحداث التاريخية مثل التي قدمها ألكسندر سميث، وكذلك الرواية التاريخية التي قدمها بحرفية أمين معلوف فهو شديد الدقة في رصده التاريخ، ولذلك استحق التقدير من الجميع».
وأوضح عبدالرحمن وجود مبالغة كبيرة في الأعمال التاريخية التي عرضت في شهر رمضان، ولا سيما مثلاً في مسلسل «صديق العمر» حيث بدا وكأن البطل هو عبدالحكيم عامر وجمال عبدالناصر مجرد تابع له.
التاريخ نفسه دراما هائلة ولا بد من الصبر عليها بمزيد من البحث والقراءة لتكتشف هذه الدراما، فتساعدك على الوصول الى ما تصبو إليه لأنك بذلت مجهوداً في عملك، ومن المؤكد أنك ستنجح، أنا أقرأ الطابعة الأولى والثانية من أي كتاب على رغم تشابههما هوساً بالبحث عن معلومة جديدة تضاف الى ذاكرتي».
وتابع: «أنا أول من كتب عن جمال عبدالناصر وكانت هناك قيود على تقديم عمل يرصد تاريخ الزعيم الراحل، وعندما انتهيت من الفيلم ظل مجرد ورق لمدة عام حتى تم عرضه، ونجح كثيراً مع الناس ولكن تم وقفه في عز نجاحه. وفي مسلسل «بوابة الحلواني» تكلمنا على مرحلة الخديوي إسماعيل التي ندر الحديث عنها في المراجع التاريخية والكتب، وعانيت في البحث عن مصادر واعتمدت على كتاب «إسماعيل بين الوثائق» الذي أحتفظ به لأنه كنز تاريخي، ها هم أساتذة التاريخ يستعيرونه مني فيأخذون منه صورة بعد إلحاح شديد وأنا أخاف كثيراً على هذا الكتاب».
أكد الفنان مجدي كامل أنه تعرّض لصدمة نتيجة ضعف الأعمال التاريخية على الشاشة الرمضانية حيث شعر أن هناك استسهالاً انتهجه القائمون على هذه الأعمال. ولأنه قدم شخصية الزعيم جمال عبدالناصر من قبل، فهو يعرف جيداً قيمة العمل التاريخي وأهميته، ويقول: «الأمر ليس هيناً كما يتصور البعض. وتجسيد شخصيات تاريخية لها ثقل في ماضينا يتطلب منا مزيداً من الأمانة في رصدها ومزيداً من الإخلاص في تقديمها للأجيال الجديدة التي تعيش معظم الوقت مع مواقع التواصل الاجتماعي وثورة تكنولوجيا المعلومات ودراستها للتاريخ قليلة. وعندما نقدم عملاً فنياً يرصد حقبة تاريخية مهمة، لا بد من أن نجتهد في تقديمه. كما ان على جهات الإنتاج أن تبذل مجهوداً في تدقيق المعلومات والأحداث التي يتم تقديمها».
واعتبر مجدي ان مطالبة بعضهم بضرورة العودة في الأعمال الدرامية التاريخية الى الجمعية المصرية للدراسات التاريخية أمر لا بد منه لحماية الفن من التحديات التي تواجهه، «فالفن ليس وسيلة للترفيه فقط وإنما مجال مهم للإبداع وتنمية الوعي ولا مكان فيه للهدم، لأن الأمل في البناء مرتبط بازدهار الفن والثقافة. والمجتمعات القوية تهتم بالفن الهادف وتُنفق عليه لأن مردوده إيجابي للغاية».
وقال الدكتور محمد عفيفي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة وأستاذ التاريخ، إن حرية الإبداع مكفولة، «لكن في المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة الأمية، لغير المتعلمين وللمتعلمين أيضاً، الذين لا يملكون معرفة واسعة بالتاريخ نتيجة عيوب في المدرسة التاريخية المصرية ذاتها أو لسوء المناهج التعليمية، يظهر هذا الخوف. كما يتجلى ذلك القلق الذي يدعمه أن مصر تواجه الإرهاب وأزمة سياسية، فضلاً عن جماعات دينية تفسر التاريخ على ما تشاء، لذلك يُواجه تناول التاريخ في أي عمل درامي بحساسية شديدة، بخاصة أننا لا نملك رأياً عاماً كبقية الدول الديموقراطية يكون بوصلة إنتاج الأعمال الدرامية».
أما المتخصّص في التاريخ عمرو صابح، فقدم في الندوة ورقة نقدية بعنوان «صديق العمر... بين الحقائق التاريخية وخيال صنّاعه»، أكد فيها أن هذا المسلسل لم يخضع لأي مراجعة تاريخية لكمّ الأخطاء والمغالطات التاريخية في أحداث المسلسل، فضلاً عن «غياب الرؤية لصناع العمل، فالفترة من 1961 حتى 1967 شهدت مفاصل تاريخية عدة مهمة في علاقة الرئيس بالمشير بدأت بانفصال سورية عن دولة الوحدة في 28 أيلول (سبتمبر) 1961، ثم بأزمة مجلس الرئاسة واستقالة المشير المكتوبة للرئيس في 1 كانون الأول (ديسمبر) 1962، وما تبعها مما اصطلح على تسميته بانقلاب أبيض صامت قام به الجيش على الرئيس رفضاً لاستقالة المشير أو تحجيم صلاحياته في القوات المسلحة، وهي معركة انتصر فيها المشير».
وتحدث صابح عن أخطاء تاريخية عدة رُصدت في المسلسل، مثل: «تتر المسلسل من الحلقة الأولى، وحتى الحلقة الخامسة كان مكتوباً فيه ان الفنان صبري فواز يؤدي دور الأستاذ محمد حسين هيكل، مع انه يؤدي في الحقيقة دور محمد حسنين هيكل، فلم يفرق المسلسل بين الدكتور محمد حسين هيكل السياسي والأديب صاحب رواية «زينب» والكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل».
وأوضح الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ومدير مركز الشرق الأوسط في جامعة عين شمس والأمين العام للجمعية التاريخية المصرية، أن لا بد من إخضاع الدراما التاريخية لمستشار متخصص من بين الأساتذة الكبار ولكن بعض المسلسلات التي تنتجها جهات خاصة لا تحترم هذا القرار، لذلك أصدرت الجمعية بياناً تستنكر فيه هذا العبث وطالبت بوقف مسلسلي «صديق العمر» و «سرايا عابدين» وبالفعل جاءت ردود الأفعال عنيفة ومؤيدة لهذه القرارات.
وأوضح شقرة أن هناك جهات إنتاج تريد أن تتحامل على رموز لعبت أدواراً وطنية، وهذا لا يمنع أن هناك من يستسهل ويوفر في الإنتاج، «لكن ما يدهشنا تجاهل الشركة المنتجة لمسلسل «سرايا عابدين» لنا ووقوع العمل في أخطاء كارثية حتى أن أحداثه وقعت في «سرايا عابدين» التي كانت مجرد بيت وقتها لشخص اسمه «عابدين»، وبذلك فإن هناك تجاوزاً للزمان والمكان وهما رئيسيان لأي عمل تاريخي، كما أن تصوير الخديوي إسماعيل بأنه رجل مستهتر على رغم أنه صاحب تجربة رائعة في التنمية والتحديث على منوال جدّه محمد علي باشا، وأنا لي كتاب مهم في هذا الشأن، وبذلك فإن المؤلفة وقعت في أخطاء لا تغتفر وسارت وراء الأفكار الاستعمارية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.