ياتي التفكير في مقترحات مشروعات قوانين تنظم قطاع الإعلام في مصر، استجابة لاستحقاق دستوري نصت عليه مباشرة ثلاث مواد بدستور 2014، حماية لحرية التعبير التي هي من مكتسبات ومطالب ثورة 25 يناير، وصونا لاصول بالمليارات في مؤسساتنا الإعلامية القومية المطبوعة والمسموعة والمرئية والتي هي ملك الشعب المصري ، اضافة الي ترشيد السلوك الاتصالي لمئات من المؤسسات الإعلامية الفضائية والصحفية الخاصة والتي هي ايضا ملك للشعب المصري وسوف نتناول في هذه المقالة دور مدونات السلوك في ضبط الاداء وتنظيم المهنة . وبمراجعة النظم العالمية لأشكال التنظيم الذاتى للإعلاميين وجدناها لا تخرج عن أربعة أشكال مهما اختلفت مسمياتها: 1- مدونة السلوك (Code of Conduct) 2- كتيب تعليمات الكتابة (Text Book) 3- ميثاق الشرف الصحفى Code of Ethics 4-المنظمات الإعلامية (Organizations) هذه الاشكال الاربع لا تلزم إلا أصحابها وتكون بمثابة قانون أخلاقى وسلوكى خاص لمن وضعوها و تأخذ قوتها التنفيذية من خلال التزام أخلاقى معنوى من الاسرة الإعلامية والصحفية بالأساس، يتطور إلى التزام مادى إذا ارتبط بصياغة إجرائية تنفذها جهة مقننة لها سلطة اتخاذ قرارات تحدد الثواب والعقاب على الملتزمين بوثيقة التنظيم الذاتي هي (المجلس الوطني للإعلام) الذي نص علي قيامه الدستور المصري وسوف نستعرض طبيعة كل شكل من أشكال التنظيم الذاتى للإعلاميين وطريقة تفعيله ونماذج تطبيقه على النحو التالى: أولا مدونة السلوك: (Code of Conduct) طالبت جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء عبر ندواتها وتقاريرها وكلها منشورة وموثقة جميع المؤسسات الإعلامية المصرية بوضع مدونات سلوك للفضائيات والصحف الخاصة لرعاية المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد ولحماية الاستقرارا والبعد عن الحشد والتعبئة وخطاب الاقصاء الذي يضر بالامن القومي ومع هذا لم تتطوع قناة خاصة واحدة حتي الان بوضع ميثاق شرف طوعي لنفسها تعلنه وتفاخر به . ومدونات السلوك ليست بدعة ولا اداة تعطيل للقنوات والصحف ... ، المدونة عبارة عن قائمة من السلوكيات التى يتفق عليها مجموعة صغيرة من الصحفيين والإعلاميين أثناء متابعتهم لحدث معين أو مشاركتهم فى عمل مشترك لفترة قصيرة ويلتزمون بها أخلاقيا. ويتعرض من يخرج عنها لعقاب معنوى مثل النقد والتقريع والغضب من إدارة المؤسسة ومن زملائه. وتستخدم مدونة السلوك خلال متابعة الأحداث الهامة التى يتابعها الإعلام مثل متابعة الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو أثناء متابعة الأزمات الخطيرة التى تهدد المجتمع أو أثناء تغطية المؤتمرات الدولية الهامة. وتحتوى مدونة السلوك على تعليمات سلوكية من قبيل تحديد وقت التجمع للصحفيين وطريقة الملبس والوقت المخصص لسؤال المصدر أثناء المؤتمر الصحفى والأسلوب المستخدم فى المخاطبة مع المصادر وطريقة التصرف إذا ما تعرض أحد من الصحفيين أو الإعلاميين للمضايقات أو المنع من الحصول على المعلومات. وعادة ما يلجأ الصحفيون والإعلاميون إلى اختيار الأكبر سنا والأكثر خبرة والأقدم فى عضوية النقابة من بينهم ليكون مسئولا عن تنفيذ مدونة السلوك التى يتفقون عليها. وفى نقابة الصحفيين المصريين ظهرت مدونات سلوك شفهية لروابط المحررين الرياضيين والاقتصاديين والبرلمانيين التى ظهرت فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى. وفى بريطانيا تنظم مدونة السلوك الشفهية العلاقة بين الصحفى والمصدر حيث يلتزم كل الصحفيين والإعلاميين فى بريطانيا بقاعدة « ليس للنشر « Off Record دون إخلال يذكر بها طوال القرن الماضى. ثانيا: كتيب تعليمات الكتابة (Text Took) هو باختصار تفصيل للسياسة التحريرية التى تنتهجها الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية وهو خاص بالعاملين فيها فقط ويقوم بصياغته كبار الصحفيين والإعلاميين العاملين فى تلك الوسيلة لتسهيل العمل وإيجاد تناغم فى الصياغة يبرز توجهات الصحيفة ويرسخ رؤيتها فى الأحداث لدى القارئ أو المتلقى. وتعود أهمية كتيب التعليمات إلى كونه مرشدا ومرجعا ثابتا لتحديد المسئولية فى النجاح أو التقصير للصحفى والإعلامى وللوسيلة ذاتها. ويساعد على قياس ردود الفعل والتأثير المفترض للوسيلة الإعلامية على الجمهور بما يمكنها من تعديل سياستها التحريرية. وفى كتيب التعليمات لصحيفة الأهرام الذى صدرت منه نسخ محدودة عام 1964 ولم يتغير منذ ذلك الوقت نجد التنبيه بضرورة وضع وصف الشقيقة مقترنا باسم الدول العربية وكذا الأخوة العرب الأشقاء فى الحديث عن المصادر العربية التى تتناولها التغطيات الصحفية ولكن الأمر اختلف بعد ذلك. ولا يوجد للأسف كتيب للتعليمات فى معظم الصحف ووسائل الإعلام المصرية حيث يترك تحديد السياسة التحريرية واختيار الصياغات وطريقة التناول للاجتهادات الشخصية ولرئيس التحرير أو رؤساء الأقسام. وفى كتيب التعليمات لمحطة إذاعة BBC البريطانية يفرض كتاب التعليمات على الإعلاميين العاملين فيها مراجعة الشئون القانونية للمحطة فى حالة متابعة حدث يمس الحياة الخاصة للمصادر التى يتابعونها ويناقش القانونى المختص بقضايا النشر الإعلامى فى تفاصيل التغطية التى سيقوم بها قبل قيامه بالعمل حرصا على تجنيب الصحيفة الوقوع فى مشاكل التقاضي. كما وضعت قناة الجزيرة كتيب تعليمات موجود علي موقع القناة علي الانترنت وان شاب اداءها تحيزا واضحا في الاونة الاخيرة ولم تعد تعطيه اهمية مما اثر علي الاداء المهني لها . واخير نتناول في المقال القادم تجارب الامم في انشاء المجالس الوطنية للاعلام .. وللمقال بقية
* استاذ الاعلام بجامعة المنيا ورئيس جمعية حماية المشاهدين والقراء