هناك مشكلة قديمة بين مؤسسة الأهرام وبين الإعلامي عماد الدين أديب ، تتعلق بتهرب أديب من سداد مستحقات مالية لمؤسسة الأهرام وصلت إلى ستة عشر مليون جنيه ، لم يدفع منها سوى مليون ونصف تقريبا ، وأعطى شيكات بدون رصيد ردتها البنوك ، ولجأت الأهرام إلى المحاكم المصرية للحصول على حقها ومعاقبة المتهرب الذي استولى على أموالها وهرب وتورط في جريمة إصدار شيكات بدون رصيد ، فقضت المحاكم المصرية بالسجن عدة مرات ضد عماد أديب ، وألزمته بسداد حقوق الأهرام ، غير أن كل تلك الأحكام كانت مجرد حبر على ورق ، ولم يعرها أي انتباه ، وكأنها مقالات نقدية كتبها بعض القضاة تعليقا على سلوكه المهني ، وظل أديب حرا طليقا ، بل إنه يسافر إلى خارج البلاد ويعود بصورة شرعية ، محفوفا بتحية كبار الضباط في مطار القاهرة "تروح وترجع بالسلامة يا باشا" ، وهو الأمر الذي اضطر الأهرام إلى مخاطبة "الانتربول الدولي" للقبض على المتهم الهارب بعد أن عجزت السلطات المصرية عن تنفيذ أحكام القضاء المصري ضده أو إعادة حقوقها بقوة القانون ، وأمس الخميس نشرت الأهرام بيانا حزينا تنعي فيه للرأي العام حال القضاء والشرطة والحقوق في مصر ، وفي بلد يفترض أنه يخاطب المستثمرين من أجل العود إلى مصر بوصفها بلد القضاء الشامخ والقانون وسيادته ، وقالت الأهرام في بيانها ما نصه : (تقدمت مؤسسة "الأهرام" الصحفية، اليوم الخميس ببلاغ بمكتب الإنتربول الدولى ضد الإعلامى عماد أديب بصفته رئيس مجلس إدارة مجموعة "جود نيوز"، لإصدارة شيكات بنكيه لدى المؤسسة تزيد قيمتها على 16 مليون جنيه تبين أن تلك الشيكات مرتدة. وكانت المؤسسة فيما سبق قد قدمت العديد من الجنح أمام محكمة جنح العجوزة، حيث قضى فى تلك الدعاوى بحبس المذكور لعشرات السنين إضافة إلى مبالغ ضخمة من الكفالات. وتمثل هذه الديون مقابل طبع جريدتى نهضة مصر والعالم اليوم ومجله كل الناس بمطابع الأهرام منذ عام 2009، ولم تقم المجموعة بسداد سوى مليون وأربعمائة وأربعين ألف جنيه فقط خلال شهرى مايو ويوليو 2013 وامتنع أديب عن سداد باقى مستحقات المؤسسة دون مبرر. الجدير بالذكر أن مؤسسة "الأهرام" قد خاطبت مدير أمن الجيزة ومأمور قسم شرطة الجيزة أول ومأمور قسم العجوزة، لتنفيذ الأحكام الصادرة قبل المذكور، حفاظا على أموال المؤسسة بوصفها أموالا عامة، إلا أن المدين المذكور حر طليق يغرد خارج الوطن. وتستنكر "الأهرام"، أن أديب حضر إلى مصر لتقبل العزاء فى وفاة والدته ولم تنفذ الأحكام الصادرة ضده ثم فر هاربا خارجها دون أن نعلم من المسئول عن دخوله وخروجه للبلاد بهذه الطريقة ) انتهى النقل عن بيان الأهرام . في الأسبوع نفسه الذي جأرت فيه الأهرام بتلك الشكوى ، كان قاضي التحقيق في قضية مماثلة متعلقة برجل الأعمال "إيهاب طلعت" يأمر بالقبض على ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق ووضعه في الحبس الاحتياطي خمسة عشر يوما قابلة للتجديد ، لماذا ؟ ، لأنه يجري معه تحقيق في موضوع التسوية المالية لحقوق الأهرام مع رجل الأعمال ، وهي تسوية وافقت عليها الشؤون القانونية بناء على قرار للجنة خبراء من وزارة العدل نفسها ، كما وافق عليها مجلس الإدارة ، وبالتالي قرر الولي الموافقة عليها بوصفه رئيس مجلس الإدارة ، والولي لم يكن مر عليه في منصبه سوى أشهر قليلة جدا وفي ظل أجواء ثورية متوترة لا تسمح للفاسدين الخلص سوى بالسير بجوار الحائط ، ولو كان ممدوح الولي يحمل جينات الفساد فإنه من المحال أن يورط نفسه في أي ملف فساد بتلك السرعة وفي ذلك الوقت ، حيث لم تنقطع المظاهرات والاحتجاجات ضده بفعل الصراعات السياسية التي عصفت بالأهرام كما بغيرها من الصحف القومية بين أجنحة إسلامية ويسارية وناصرية وأمنجية ، فهو ليس مجنونا ليورط نفسه في مثل ذلك ، وحتى إذا كانت التسوية غير عادلة فإن البداهة أنها تمت بحسن نية وتأسست على تقارير وزارة العدل وجهاز الكسب غير المشروع ، ولم يتربح منها الولي ، والجماعة الصحفية كلها تعرف ذلك عنه على المستوى الشخصي والمهني والإنساني ، ثم إن ممدوح الولي كان مدرجا على قوائم المنع من السفر بداعي التحقيقات رغم أنه لم يصدر ضده أي حكم ، وعقدت معه ثلاث جلسات تحقيق كان يحضر لمكتب المحقق قبل الموعد بساعة ، من فرط التزامه واحترامه لجهة التحقيق . وفي النهاية تم القبض على ممدوح الولي وحبسه للتحقيق معه بتهمة إهدار أموال الأهرام في تسوية غير عادلة ، بينما من أدانه القضاء نفسه في أحكام واضحة وصريحة بسرقة أموال الأهرام وإصدار شيكات بدون رصيد ، حر طليق يرتع في البلاد طولا وعرضا ، ويسافر ويعود ولا يدرج على قوائم المنع أو ترقب الوصول ولا يقترب منه أحد ولا يفكر أحد في أن يسجن ولو ليوم واحد . هناك فرق طبعا بين الولي وأديب ، فالولي لم يمسك لسانه عن النقد لسياسات النظام الجديد ويكشف بالأدلة والتفنيد العلمي اضطراب السياسات المالية والفساد الاقتصادي والدجل الإعلامي حول خطط التنمية الذي لا يتكلم عنه أحد الآن ، ولا يخفي انتقاده لما حدث في 3 يوليو 2013 ويتهمه بأنه انقلاب ، بينما عماد الدين أديب أحد أبرز مروجي مشروع 3 يوليو ، وخصص برنامجه التلفزيوني في الدفاع عن النظام الجديد والهجوم على نظام الإخوان ومغازلة السيسي والحكومة الجديدة ، هذا ضد وهذا مع ، وهو فرق كبير وجدير بالاحترام في الدول الديمقراطية بكل تأكيد .