"ها مين هناك" لم نعد نسمع هذه الجملة فى الشارع المصرى منذ أكثر من 60 عامًا بعد أن اشتهرت فى الأفلام السينمائية فى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى خاصة فى الأفلام الكوميدية مثل أفلام إسماعيل ياسين، واشتهر الفنان الراحل رياض القصبجى بشخصية الشاويش عطية وقيامة بدور "عسكرى الدرك" فى العديد من الأفلام, وسرعان ما انتشر عسكرى الدرك فى مختلف مناطق فى الجمهورية للحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين خاصة فى المناطق الحيوية والمنشآت والهيئات الحكومية للحفاظ عليها من مثيري الشغب والقائمين على أعمال العنف. تعود كلمة "الدرك" إلى أصول فارسية حيث جمع المأرخون على أن أول من أرسى قواعد عمل قوات الدرك كهيئة أمنية هى فرنسا حيث أنشأت قوات "الجندرمة" وهى معنى كلمة "الدرك" بالفرنسية فى القرن الثانى عشر الميلادى، وبعد ذلك انتقل هذا التنظيم إلى العديد من الدول الأخرى التى كانت لها صلة بفرنسا أو واقعة تحت سيطرتها أو استعمارها. ليعود بنا الزمن مرة أخرى وإصدار قرارات بوزارة الداخلية لإعادة "عسكرى الدرك" إلى الشارع المصرى من أجل تحقيق الأمن فى الشارع والتصدي لأعمال العنف والبلطجة سواء على المواطنين أو المنشآت العامة والخاصة، وأنه سيكون مسلحا بأحدث الأسلحة حتى يستطيع حماية نفسه وحماية المواطن صاحب الاستغاثة. وحازت فكرة عودته إلى الشارع قبول كبير بين الأوساط الأمنية خاصة بعد اندلاع موجة الثورات العربية وبعد 25 يناير حيث أصدر اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية الأسبق عودة نظام عسكرى الدرك فى عدد من أقسام الشرطة بمديريات أمن القاهرة والجيزة والإسكندرية والأقصر وأسوان، لضمان عودة الأمن مرة أخرى إلى الشارع المصرى ولكن جاء وزير الداخلية الحالى اللواء محمد إبراهيم ليلغى تطبيق القرار وإلغاء نظام عسكرى الدرك حتى أول شهر يوليو الجارى، وقرر عودة هذا النظام مرة أخرى بهدف تحقيق الأمن وإعادة الانضباط على حد تعبيره لينتظر الشارع المصرى فى الفترة المقبلة عودة "عسكرى الدرك" وتسليحه بأحدث المعدات والأسلحة ليكون قادرًا على التصدى للمواطنين الخارجين عن القانون خاصة من مثيرى الشغب ليتم تفعليها أولا فى الأماكن الحساسة فى القاهرة مثل الأماكن المحيطة بالسفارات والوزارات والهيئات والمتحف المصرى ومبنى ماسبيرو والشوارع التى يتواجد بها البنوك والأندية، وأن البداية ستكون فى منطقتى الزمالك وقصر النيل لما تحويه هذه المناطق من منشآت وأماكن حيوية على أن يتم تفعيل النظام فى جميع محافظات وميادين مصر بشكل تدريجى فى المرحلة المقبلة لتكون خطوة أولى فى عودة الأمن إلى الشارع المصرى. من جانبه قال اللواء جمال أبو ذكرى الخبير الأمنى إن قرار عودة عسكرى الدرك فى هذه الفترة مهم جدًا لمواجهة الأعمال الإرهابية المتزايدة فى الفترة الأخيرة والتي يعانى منها المواطن المصرى. وأكد أبو ذكرى على استعداد الشرطة لهذا الأمر فالإعداد موجودة ولا يوجد عجز حتى ماديًا لدى جهاز الشرطة فالأمر مهم لعودة الأمن للشارع وهيقلل المشاكل التى يتعرض لها المواطنون.
فيما أكد اللواء محمود جوهر الخبير الأمني إن عودة عسكرى الدرك الآن غير ممكنة فالداخلية ليس لديها العدد اللازم من الإفراد القادرة على الانتشار فى جميع أنحاء الجمهورية ليلاً أو نهارًا كما أن مصر تواجه الآن امتدادًا عمرانيا كبيرا عكس ما كان الحال عليه من 30 سنة ماضية والارتفاع فى عدد السكان كثير فلابد أولاً من توافر ميزانية كبيرة لدى الداخلية تكفى إرجاع هذه الوظيفة وتعيين على توافر رواتب لهم فكيف تفكر فى عودة عسكرى الدرك وهى تعانى من توافر رواتب لرجالها.