المجد للمقاومة، والمقاومين. الخزي والعار للمتخاذلين، والمتصهينين. غزة تكتب تاريخيا مشرفا بدمائها ومقاومتها لأشرس احتلال نازي على وجه الأرض. هي حرب فُرضت على هؤلاء المظلومين، فهم لم يبدأوها حتى نلومهم. لا أحد في حل من المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذا الانسحاق الرسمي العربي أمام شراسة ذلك العدو الأبدي لهم، والذي لا يرحم أيا منهم عندما يقع تحت فكيه. لكن غزة المحاصرة من كل الجهات من ذلك العدو لا تحاف ولا تجبن ولا تفر ولا تهادن، بل هي تصمد وتقاوم وتبذل دماء أبنائها للحفاظ على شرف الموت وقوفا، وليس الخضوع والاستسلام. الأخ يتم الفتك به والعرب يتفرجون، بل ويقولون للشقيق لماذا تقاوم، وهو لم يفعل شيئا غير طلب حقه في الحياة برفع ذلك الحصار الجائر الغاشم عنه، وهو يدافع عن نفسه أمام قوة جبارة خوارة أمام المؤمنين بحقهم في الحياة، وحقهم في تحرير أرضهم، وصيانة كرامتهم، ومن يتصور أن العدوان بسبب مقتل المستوطنين الثلاثة فهو مخدوع، وكنت أتصور ذلك في فترة سابقة، فالإعلام الإسرائيلي نفسه يقول إن الحرب لاعلاقة لها بهذه الحادثة، بل لأسباب داخلية إسرائيلية، ولإفشال التوافق الفلسطيني ولم الشمل الوطني والتوحد بعد المصالحة، فإسرائيل لا تريد وحدة فلسطينية، إنما انقساما دائما، ثم ماذا عن الفتى محمد أبو خضيرة الذي اختطفه مستوطنون مجرمون وأشعلوا فيه النار حيا، لا يأتي ذكره على لسان أحد من النفر العربي المتصهين، لماذا لا تتحدثون عنه، هل من حق إسرائيل فقط أن تنكل بالفلسطينيين، بينما ليس من حق الفلسطيني حق الدفاع عن النفس؟. هذا الصمود في وجه الحصار الغاشم في ظل صمت عربي والذي تخللته ثلاثة اعتداءات كبيرة حتى اليوم هو صمود أسطوري بمعنى الكلمة، ورغم شراسة العدوان إلا أن غزة تحيا بكرامة وصبر، والمقاومة مازالت تتمسك بدورها وسلاحها وتطور قدراتها رغم محاصرتها ومحدودية امكانياتها وهي تدهشنا بصواريخها التي تصل لأبعد مدى في قلب إسرائيل فتجعل ملايين المستوطنين المحتلين يعيشون في فزع دائم ،وكذلك طائراتها بدون طيار التي كانت مفاجأة المقاومة في تلك الحرب. الصواريخ التي تم إطلاقها على إسرائيل جاءت من ثلاثة جهات: صدام حسين خلال حرب تحرير الكويت، وهي كانت محاولة منه لاكتساب شعبية عربية إسلامية في مواجهة حرب دولية ضده، وهو كان أحمقا حينما احتل بلدا عربيا مستقلا ذا سيادة. حزب الله خلال حرب 2006. المقاومة الفلسطينية، وقد اتسع مدى صواريخها وهددت مدنا بعيدة في إسرائيل ردا على العدوان الحالي. المقاومة لا تخشى الإسرائيلي، ولا تراه كائنا خرافيا لا يُهزم نفسيا وسياسيا وأخلاقيا إذا كان يصعب هزيمته عسكريا الآن بسبب التفاوت الرهيب في القدرات والدعم الدولي الذي يصل الصهيوني المحتل. هاهي المقاومة تواصل إطلاق الصواريخ، وترفض المبادرة المصرية لأنها لا تلبي شروطها وهي تصمم على تلك الشروط في أي مفاوضات تهدئة ووقف إطلاق النار، وهي شروط إنسانية وأخلاقية تسعى لرفع ظلم أكيد عن شعب غزة. ونتنياهو وحكومته في مأزق داخلي وارتباك ويقدم قدما ويؤخر الأخرى فيما يخطط له من هجوم بري لأنه قد يتعرض لخسائر غير متوقعة، وإقالته لنائب وزير الدفاع "داني دانون" لأنه انتقد سياسة الحكومة تعكس عمق أزمته. طبيعي أن تتعرض غزة لخسائر بشرية، فالصهيوني يسعى للقتل من أجل القتل، وخصوصا بين المدنيين لأنه متعطش للدم، وهو وعصابته يفتقدون للحد الأدنى من الإنسانية والآدمية، وندرك أن المقاومة لن تكون بمستوى القدرة العسكرية الإسرائيلية فصواريخها لا تحقق دمارا واسعا ولا تسقط قتلى إلا نادرا، لكنها تثير الرعب والفزع، وتقول للعدو لست في مأمن، ولن تكون أبدا، ونحن مستعدون للتضحية، لكن لن نجعلك تعيش في أمان مالم نعش نحن أيضا بأمان في دولة مستقلة، والمدهش أن المقاومة في ظل أصعب وأعقد ظروف تعيشها ورقابة مشددة عليها برا وبحرا وجوا من إسرائيل وداعميها الدوليين تتمكن من تصنيع أسلحة تجعل النوم يطير من عيون الإسرائيليين وتصيبهم بالذهول وتجعلهم مهووسين بحثا عن مصادر ومنصات إطلاق النار فيقتلون المدنيين بعشوائية. كل المقاومات الشريفة انتصرت على أعدائها في كل البلدان التي خضعت للاحتلال، والمقاومة الفلسطينية ستنتصر، بل هي تنتصر بالفعل، وإلا ما كان نتنياهو يواصل عدوانه مالم يكن يعيش في ذعر. المجد للشهداء. المجد للمقاومة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.