عمرو موسى يتواصل مع قادة "الإخوان" لإبرام تسوية مقبولة.. والجماعة تتبرأ نافعة يطالب باحترام أحكام القضاء ونبذ العنف والقبول بتسوية ضحايا رابعة أبوالمجد يتحدث عن مبادرة جديدة ويحمل الشاطر مسئولية فشل جهوده "دعم الشرعية": أية مبادرات تقدمها الدولة دون تنازلات مصيرها الفشل
على الرغم من انسداد الأفق السياسي، وانعدام المؤشرات على انفراجة محتملة لتحقيق المصالحة بين "الإخوان المسلمين" وحلفائها في "التحالف الوطني لدعم الشرعية" من جهة، والسلطة الحالية من جهة أخرى، إلا أن الحديث عاد ليتجدد عن طرح مبادرات للخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي وتحقيق المصالحة الوطنية. جاء ذلك في ظل "سباق المبادرات" لحلحلة الأزمة، التي تطرحها عدد من الشخصيات العامة، أبرزهم عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين، والمقرب من الرئيس عبدالفتاح السيسي, والدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، والدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب "الوطن"، ومساعد الرئيس المعزول محمد مرسي للتواصل الاجتماعي. وفي حين لم تصدر حتى الآن إشارات جدية على تحقيق المصالحة من جانب السلطة، تتمسك جماعة "الإخوان" بموقفها الذي عبرت عنه مرارًا، برفض أية حلول للأزمة، بعيدًا عن الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي تعتبره حلقة أساسية في أي حوار جاد للتوصل لتسوية سياسية، وأن المبدأ الراسخ لدى الجماعة وحلفائها أنه مفتاح حل الأزمة. ولعل هذا ما يفسر فشل مبادرة رئيس حزب "الوطن" الذي قام بجولات مكوكية مؤخرًا بين قطر وتركيا من أجل إقناع قيادات "التحالف الوطني لدعم الشرعية" بالخارج بالقبول بالأمر الواقع، والاعتراف ب "خارطة الطريق" بكافة استحقاقاتها، ومنها الانتخابات الرئاسية، مقابل موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة على إعادة دمجهم في الحياة السياسية، والمشاركة في انتخابات مجلس النواب المقبلة، ودفع تعويضات وديات شرعية لضحايا فض اعتصام "رابعة". إذ لم تلق مبادرة عبدالغفور تجاوبًا من قبل قيادات التحالف بالخارج، التي رفضت عرض مساعد مرسي، متمسكة بضرورة عودة الرئيس المعزول إلى السلطة، واستعادة المسار الديمقراطي، وضرورة عودة الجيش لثكناته، ومحاسبة قتلة الشهداء. وغير بعيد عن ذلك، كشف حسين عبدالرحمن، القيادي في حركة "إخوان بلا عنف" عن تحركات يقودها عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين التي أعدت الدستور، لإقناع "الإخوان" و"التحالف الوطني لدعم الشرعية"، بالقبول بالأمر الواقع والاعتراف ب "خارطة الطريق" والانخراط في مصالحة وطنية. وأضاف عبدالرحمن، أن "خلفية موسي الدبلوماسية، وتواصله في السابق مع المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان، ورجل الجماعة القوي إبان حكم الرئيس مرسي يجعله الشخص الوحيد المؤهل للقيام بالوساطة من جانب تيار واسع داخل الجماعة ومؤسسات الدولة". وأوضح أن "موسى سيكثف ضغوطه على الجماعة لقراءة الواقع، والتأكيد على أن تحديها للدولة لن يحقق لها شيئًا، وأنه من الأفضل لها الاعتراف بخارطة الطريق بكامل مراحلها، والمشاركة في انتخابات مجلس النواب، وتهيئة الساحة لتسوية هادئة لكل المشكلات، بما فيها وجود الآلاف منن قيادات وأعضاء الجماعة داخل السجون". من جهته، نفى محمد السيسي، عضو اللجنة القانونية لحزب "الحرية والعدالة"، ل"المصريون"، وجود اتصالات بين "الإخوان" وموسى في الوقت الحالي. وأشار إلى "عدم تقبل جماعة الإخوان المسلمين فكرة الحوار والمصالحة مع السيسي فى ظل وجود انقلاب عسكري كامل الأركان، عطل خمسة استحقاقات انتخابية شعبية حرة، مع سقوط آلاف الشهداء والمصابين، ووجود آلاف آخرين خلف القضبان". ووصف فكرة دفع النظام بعمرو موسى كوسيط بينه وبين الجماعة ب "الاختيار غير السليم فى ظل عدم نزاهة موسى وسوابقه كدعم الانقلاب، ولكونه أحد أركان دولة الرئيس المخلوع حسني مبارك، وشريك أساسي فى الدماء التي أسيلت عقب الانقلاب، ولو كان النظام حريصًا على إتمام أي مصالحة لدفع بشخصيات مستقلة وتتمتع بالنزاهة مثل الدكتور محمد سليم العوا والدكتور سيف عبد الفتاح"، بحسب قوله. وأوضح أن شروط الجماعة للمصالحة تتمثل في "إسقاط الانقلاب وعودة الجيش لثكناته ومحاكمة السيسي، وهي شروط ربما يعتبرها البعض شروطًا غير واقعية، لكن الحقيقة هي أن الانقلاب فى حد ذاته غير واقعي"، وتساءل: ماذا لو قام الفريق صدقي صبحي وزير الدفاع بانقلاب عسكري على السيسي هل نعتبر ذلك تعبيرًا عن إرادة الشعب؟" فى السياق ذاته، أعلن "تحالف شباب الإخوان المنشق" عن بدء سلسلة مشاورات واتصالات مع قيادات وطنية وإسلامية ومؤسسات الرئاسة والأزهر والكنيسة للتوصل إلى مصالحة وطنية مع جماعة "الإخوان". وقال عمرو عمارة، منسق "تحالف الإخوان المنشق، إن مبادرة شباب الإخوان تأتى تحت مسمى "السلام"، وبشعار "معًا من أجل من مصر"، وتعمل على تشكيل مجلس المصالحة الوطنية من علماء الأزهر الشريف والكنيسة والتيارات الإسلامية والدعوة السلفية ورموز من جماعة الإخوان المسلمين ورموز وطنية تحظى بقبول وتوافق الجميع، وممثلي النقابات، وعرض المبادرة فى النهاية بصيغتها النهائية على الرئيس عبد الفتاح السيسي". وأوضح عمارة، أن محور عمل مجلس المصالحة الوطنية سيكون أهدافه: جمع شمل جميع المصريين دون التفرقة، يتم التواصل على عدة أسس وقواعد لإتمام المصالحة وفقًا لرؤية المجلس بعد إتاحة جميع المشاورات، تكون قرارات المجلس ملزمة لجميع الأطراف، على جماعة الإخوان المسلمين الاعتراف بالأحكام القضائية التي صدرت بحق أنصارها احترامًا للقضاء المصرى النزيه، واحترام الأحكام التي تدين أي فرد ارتكب جرائم بحق الوطن على أن يكون هناك نبذ للعنف، وتأكيد ذلك عبر وثيقة صادرة من الجماعة، لجماعة الإخوان الحق فى حرية التعبير عن الرأي وفقًا للقانون والدستور، على الدولة أن تتعهد بتنفيذ توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان بوصف ضحايا ما بعد 30 يونيو ومن بينها ضحايا فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالشهداء، وتعويض أهاليهم. وأبدى عمارة تفاؤله بنجاح المبادرة، قائلاً إن الوضع الحالي "مثالي لخروج المبادرة بسبب ارتباك المشهد السياسي فى مصر، واحتقان الشارع المصرى بسبب ارتفاع وغلاء الأسعار". وتابع: "سنعمل على تجميع وفلترة كل المبادرات السابقة وننسقها فى المبادرة الجديدة التي ستخرج قريبًا للنور عقب عودة الدكتور حسن نافعة من الخارج، وسنطالب بتمكيننا من المادة العاشرة من بيان قيادة الجيش فى 3 يوليو الخاصة بتكوين لجنة مصالحة وطنية". وحول الأطراف المتوقع مشاركتها فى المبادرة التي ستظهر للنور قريبًا، قال إنها تتمثل في الدكتور محمد على بشر، وزير التنمية المحلية الأسبق، ممثلاً عن جماعة "الإخوان المسلمين"، ورموز وطنية مقبولة من الجميع مثل الدكتور حسن نافعة، والكاتب الصحفي جمال سلطان، ودعاة الدعوة السلفية أمثال محمد حسان وحسين يعقوب ومحمود المصرى، وفق قوله. وأوضح عمارة، أن "القائمين على المبادرة الجديدة سيتخذون جميع السبل لتجنب إفشالها من جانب من يرغبون فى وطن غير مستقر، أو أحزاب وجماعات تريد وراثة الإخوان فى البرلمان والمجتمع". في غضون ذلك، ترددت أنباء عن دور قوي يقوم به رجل الأعمال الإخواني حسن مالك عبر جمعية "ابدأ" لإبرام صفقة مع الدولة بدمج "العناصر المعتدلة" داخل جماعة الإخوان في الحياة السياسية دون الكشف عن التنازلات التي ستقدمها الدولة للجماعة والعكس. في الوقت الذي دخل فيه الدكتور أحمد كمال أبو المجد رئيس مجلس إدارة مكتب المحاماة "بيكر آند ماكينزي" على خطى جهود المصالحة بتأكيد اعتزامه طرح مبادرة سياسية لتسوية الأزمة السياسية وتحقيق المصالحة، مشيرًا إلى أنه لن يعتمد هذه المرة على الدكتور محمد علي بشر، لكونه غير قادر فى التأثير على جماعته، رغم أن المبادرة السابقة كانت جيدة وفى ظروف أفضل من الحالية، محملاً خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان المسئولية عن إخفاق مبادرته السابقة كونها تجاهلت الإفراج عنه. من جانبه، أكد اللواء محمد على بلال، الخبير العسكرى والاستراتيجى، وجود محادثات بين من وصفهم بأفراد من الإخوان "نظيفى اليد، وقريبين من قيادات بالجماعة، وقيادات من إخوان الخارج وليس مع قيادات الجماعة المعتقلين للوصول إلى تسوية مع الدولة". وقال بلال، إن من بين المرغوب فى التواصل معهم الدكتور محمد على بشر، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، والقياديين المنشقين عن الجماعة الدكتور ثروت الخرباوي والدكتور كمال الهلباوي، لكونهما لديهما رؤية وتأثير لما يعرفانه عن خبايا الجماعة. وطالب بلال بأن "تتوقف الجماعة عن أفعالها وأعمالها التي تؤثر على مسيرة التقدم فى البلاد، وأن تتوقف عن أعمالها التي تمثل تهديدًا للدولة". ودعا من وصفهم بالشخصيات الوطنية المقبولة أمثال الدكتور أحمد زويل وفاروق الباز، لتبنى مبادرة لمّ الشمل، عبر الدعوة لمؤتمرات جماهيرية وشبابية تضم مختلف القوى بما فيها جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، يفتح فيها باب الحوار والحديث للجميع وتناسى أحداث الماضي. وأشار إلى أن "الرئيس المعزول وقيادات الإخوان المعتقلين حاليًا، لا يجب أن يكونوا طرفًا فى أي حوار أو مصالحة فى الوقت الحالي، احترامًا للقانون، وحتى يتم إصدار أحكام بحقهم يمكننا الحديث حينها عن عفو رئاسي مقدم من الرئيس السيسي لهم". وطالب بلال، أنصار جماعة الإخوان المسلمين بنسيان دماء شهداء ما بعد عزل مرسى ومن بينها دماء فض رابعة والنهضة، قائلًا: "يجب ألا ننظر إلى الخلف، وألا ننسى أن هؤلاء تسببوا فى قطع الطرق، ولم يمكنوا آخرين من الإقامة بمساكنهم بحرية، وقد قدر لهم الموت بهذه الطريقة"، على حد تعبيره. يأتي هذا فيما قلل المهندس أسامة حافظ، نائب رئيس مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" من أهمية الأنباء التي تتردد عن طرح عدد من الشخصيات العامة مبادرات لتحقيق المصالحة الوطنية، قائلاً إن "الدولة لا تبدو جادة في التعاطي مع أي مبادرة في هذا الصدد". وأضاف أن هناك مبادرات عدة طرحت في هذا الصدد ولكنها لم تصل لشيء لعدم اقتناع الدولة بملف المصالحة، وإصرارها على ضرورة تسليم التحالف الوطني بالأمر الواقع، وهو ما لا يمكن قبوله بهذا الشكل". واعتبر حافظ أن "أي مبادرة للمصالحة تطلب من التحالف، ضرورة الاعتراف بخارطة الطريق واستحقاقاتها المختلفة دون تقديم الدولة تنازلات يجعل هذه المبادرات فارغة من أي مضمون ومصيرها الفشل". وتساءل: "كيف تنجز مفاوضات أو مبادرات دون القصاص للشهداء"؟، مؤكدًا أن "الحراك المستمر بالشارع قطع الزمان والمكان، ولا يستطيع أحد تجاهل مطالبه أو المتاجرة بإرادته".