نقيب المحامين بالشرقية: نجاح الإضراب أمام استئناف الزقازيق بنسبة 100%    جامعة أسيوط تحصد 11 جائزة في "مهرجان إبداع 13"    عاجل- 4 قرارات جديدة لرئيس الوزراء تتعلق بنزع ملكيات لأعمال المنفعة العامة    الهند: باكستان استهدفت أراضينا بصواريخ ومسيرات    المستشفى الإندونيسي في غزة يطلق نداء استغاثة: ساعات قليلة وينفد الوقود    تناسب هوية الأهلي.. طريقة النحاس تضرب منافسيه بسيل من المحاولات (تحليل)    ميدو يتحدث عن.. رحيل بيسيرو.. تعيين الرمادي.. عودة زيزو.. وتحذير لأحد المسؤولين    خالد بيبو: كولر كان يحلم بقيادة الأهلي بمونديال الأندية.. وظلم 5 لاعبين    الصحة: المرور على 145 منشأة طبية خاصة للتأكد من استيفاء الاشتراطات الصحية    الأرصاد تُحذر من شبورة مائية وارتفاع درجات الحرارة اليوم الخميس 8 مايو 2025    رابط تسجيل استمارة التقدم لامتحانات الدبلومات الفنية قبل غلق باب ملء البيانات    هند صبري تجسد بطولة جديدة من روايات إبراهيم عيسى.. ما التفاصيل؟    راجح داوود: "الكيت كات" قصة موسيقى صادمة تحوّلت لفهم أعمق لمعنى الفيلم    رئيس الوزراء يتفقد مركز أورام طنطا القديم.. ويُشيد بالخدمات الطبية المقدمة ضمن المبادرات الرئاسية    وزير الري: كاميرات لقياس التصرف على ترعة الإسماعيلية    أسرار دخان الفاتيكان.. تعقيدات طقسية عمرها قرون فى عصر البث المباشر    وزير خارجية إيران: زيارتي للهند تهدف لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة    بعد جدل الساعات المعتمدة، رئيس جامعة القاهرة يكشف ل فيتو نظام الدراسة ب«الجامعة الأهلية»    رسميًا.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 الترم الثاني    جامعة عين شمس تضع 10 إجراءات لضمان سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بنجاح    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    اليوم| لقاء ناري بين الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي كأس مصر للسلة    قرار رسمي يحدد ضوابط التصوير داخل مينائي الإسكندرية والدخيلة    وزير الاتصالات يبحث مع نظيره الياباني التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني    نائب محافظ الأقصر يكرم رائدات الأعمال بمبادرة "ست ب100 ست".. صور    القبض على طالب اعتدى على طفل بعد استدراجه بمدينة الشيخ زايد    الجريدة الرسمية تنشر قرارات رد الجنسية المصرية ل42 شخصا    جثة ال17 طعنة.. المؤبد للمتهمين في جريمة «السلاكين» بنجع حمادي    حملة مكبرة في بورسعيد تصادر زينة حفلات الزفاف من الشوارع -صور    الزراعة: صادرات مصر من العنب تخطت حوالى 181.1 ألف طن فى 2024    ضمن مبادرة «صكوك الإطعام».. توزيع 2 طن لحوم على الأسر الأولى بالرعاية في بني سويف    تفاصيل الأزمة الكاملة بين أسرة محمود عبد العزيز وبوسي شلبي    وزير الثقافة: وضع أسس علمية ومهنية لإنتاج محتوى درامي يرتقي بالذوق العام    قادة بالفطرة.. 5 أبراج يتألقون تحت الضغط هل أنت من بينهم؟    رسالة ماجستير بجامعة الأزهر حول "معالجة الإعلام الصهيوني لقضايا العرب" الاثنين    بوتين: التبادل التجارى مع الصين بلغ أكثر من 244 مليار دولار    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    جامعة المنيا الأهلية تُنشئ منظومة اختبارات إلكترونية وتُجهز 4 معامل لكلية الذكاء الاصطناعي    "الصحة": تخريج الدفعة الثالثة من برنامج "مرشدى تعافى الإدمان"    الصحة العالمية تكشف أهداف حملة اليوم العالمى للامتناع عن التبغ لعام 2025    وزير الصحة يبحث مع نقيب التمريض تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    تخفيف الحكم على قاتل والدته بالإسكندرية من الإعدام للسجن المشدد    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    النحاس يختار 21 لاعبا في قائمة الأهلي لمواجهة المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتساب على النفس..
نشر في المصريون يوم 01 - 06 - 2011

مسؤولية الرعاية والاعتناء تتطلب من القائم بها حسن الإدراك، والتفاعل والإيجابية في تقديم المثري والنافع لكل ما يحيط به ولكل من حوله، ودائرة هذا النفع دائرة متسعة يدخل فيها الناس جميعاً كافرهم ومؤمنهم، وهؤلاء الذين يحتسب المرء فيهم سواء كان داعية أو عالماً بدعوتهم إلى الإسلام حتى يستجيبوا ويدخلوا في دين الله تعالى ويُنقَذوا من النار، أو يتوبوا إلى الله تعالى بترك المحرمات وتطوير الطاعات والازدياد منها، وفي هذا الصدد وردت قصص الأنبياء في القرآن الكريم، وكذلك عدد من قصص القرآن في أفراد ودعاة آخرين.
ومع كل هذا قد ينطبق على المحتسب في هذا المجال المقولة الشهيرة: لا تكن كالشمعة تضيئ للآخرين وتحرق نفسها، وهي مقولة ظاهرها الرحمة، وباطنها من قبله العذاب؛ ولإيضاح ذلك لا بد أن يتحرك المحتسب وفق تلك النقطة التي ذكرناها، وهي نقطة ( حسن الإدراك )؛ وهذا الإدراك يكمن في جمع أولويات الاحتياجات لمن يدعوهم، وهذا جميل في حد ذاته، ولكن الجميل فقبله ومعه أن يعرف المحتسب الذي يقدم كل هذه الجهود والمناشط الدعوية والخيرية والتطويرية المتنوعة هو نفسه بكيانه الإنساني وشخصيته، وهو مرتكز هذه الدائرة المشار إليها آنفاً.
إن المسؤولية الأولى هي إنقاذ النفس والنجاة بها من الأخطار، وأعظم هذه الأخطار هو النار والحسرة يوم القيامة، وكذلك في الدنيا أخطار كثيرة، منها حب الرئاسة والظهور والشهرة، وكذلك البذل المتواصل دون أي توقف لأخذ جرعات لنفسه التي بين جنبيه، وإن لم يحدث ذلك لحلَّ به التآكل الروحي والحاجة المادية، وضعف الإيمان والصدق مع الله وهو في خضم دعوته وتقديم جهوده.
ليس حديثي هذا عن قول الله تعالى:{ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} كلا، فهذه فيمن يدعو ويدرك في قرارة نفسه أنه يخالف كلامه اعتقاداته، ويعلم أنه مخادع، فهذا أمره خطير، ولكن الحديث عمن ينسى نفسه، وهو على خير وفي نيته الخير.
في مجال الأنبياء كان آدم مثلاً يرجع إلى ربه ويقول:{ ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} فغفر الله له، ونوح عليه الصلاة والسلام رغم دعوته الهائلة إلا أنه كان يلجأ إلى ربه، وأن المصير والهداية عنده سبحانه، وعلى لسان شعيب :{ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}، وزكريا كان يناجي ربه، ويدعوه ويُعلّم أهله ذلك، حتى وصفهم الله تعالى بقوله:{ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين}، ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم كان كثير الهروع إلى الصلاة إذا حزبه أمر، وكثير الشكوى والمناجاة والعودة إلى الله تعالى.
فأعظم احتساب يحتسبه المرء الداعية أو المساهم في المجالات الخيرية أن يحتسب في تطوير نفسه في علاقته بالله تعالى، وفي تطوير قدراته ومهاراته، ولذا كان من الاحتساب على النفس المظاهر التالية:
- مراجعة العلاقة بالله تعالى في عبادات السر، وأن يزيد منها حتى يكون سره أفضل من علانيته، ويزداد إخلاصه لربه تعالى، ويكون هو ملجأه سبحانه، وفي هذا الصدد يطيب لي أن أنقل كلاماً نفيساً لابن الجوزي رحمه الله؛ حيث يبين جانباً أساسياً في تكوين نفسه:" تفكرت في نفسي فرأيتني مفلساً من كل شيء، إن اعتمدت على الزوجة لم تكن كما أريد، إن حسنت صورتها لم تكمل أخلاقها، وإن كملت أخلاقها كانت مريدة لغرضها لا لي، ولعلها تنتظر رحيلي، وإن اعتمدت على الولد والخادم فكذلك، فإن لم يكن لهما مني فائدة لم يريداني، وأما الصديق فليس ثم، وأخ في الله كعنقاء مغرب، ومعارف يفتقدون أهل الخير، ويعتقدون فيهم قد عدموا، وبقيت وحدي وعدت إلى نفسي، وهي لا تصفو إلي أيضاً، ولا تقيم على حال سليمة، فلم يبق إلا الخالق سبحانه".[1]
- مراجعة أخلاقه وسلوكه وتصرفاته وقدرة تحمله وكظم غيظه؛ إذ لابد من لوازم العبادة أن تزكي النفس وتهذبها، وترقق القلب، وتخشع الجوارح، لأن هدف الداعية الأعظم هو الناس وقبول دعوته عندهم، فهم ساحة معركته، فإن كان فظاً نفرهم وفشل في أمره ومشروعه.
- إعداد نفسه الإعداد الجيد قبل الخوض والبدء والدخول في الميدان، وهذا الأمر له حدان مهمان:
أ‌- تحديد مقدار معين ومعقول قبل البدء والانطلاقة في العمل المرتقب، ولا بد أن يحدده المجربون والكبار والمستشارون ممن سبق في هذا المضمار، ومن أخطاء القادة في العمل الدعوي والخيري دفع الصغار والنشء والشباب اليافع إلى الميدان على هشاشة أرض وسوء إعداد واضطراب قاعدة.
ب‌- والحد الثاني عدم الخوف من المواجهة بعد التمكن من ذلك المقدار من الإعداد؛ بل يستعين بالله تعالى ويقدم لنفع الناس حتى لا يفوت عليه أجر عظيم وتوفيق وأدعية من الناس بتركه الإقدام في الدعوة والمساهمة في الجهود الخيرية، وفي خاطرة جميلة يقول الشيخ السعدي رحمه الله عن الشجاعة: (ومن فوائدها: أنه بحسب قوة القلب ينزل الله عليه من المعونة والسكينة ما يكون أكبر وسيلة لإدراك المطالب والنجاة من المصاعب والمتاعب.
ومن فوائده: أنه يتمكن صاحبه من إرشاد الخلق ونفعهم على اختلاف طبقاتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وأما الجبان فإنه يفوته خير كثير، وتمنعه الهيبة من بركة علمه وإرشاده ونصحه للعباد)[2]. والإنسان سيظل يعطي ويعطي وسيتعلم وهو يعطي، والمقصود عدم البدء على العلات وكيفما اتفق، فهذا ما يصيب بالخذلان و التراجع والانتكاس، ومن الأهداف الاستراتيجية المهمة للإنسان العامل في أي ميدان أن يفكر في مستقبله الدنيوي وكذلك فيما سيبقى له بعد موته من علم ينتفع به، أو وقْفٍ خلفه، كما قال الشافعي:
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات
وقال جون سي ماكسويل أحد مدربي القيادة في قانون الأرض الصلبة: "الشيء الوحيد الذي يعود من القبر رافضاً أن يدفن مع الإنسان هو شخصيته، فشخصية الإنسان تستمر في الحياة، ولا يمكن دفنها أبداً".[3]
- تطوير قدراته ومعرفة حاله الراهنة في أي قدرة تهمه وتمس دعوته، ومن ذلك الكلام ومخاطبة الناس؛ فهذه مهارة لا بد من إتقانها وحسن إحكامها، وكذلك الابتكار لأنه في عالم تنافسي لا بد أن يُظْهِر فيه قدرته الابتكارية في شتى المشاريع وهو ما يسمى بالتفكير الإبداعي، وكذلك تنمية حس المتابعة الجيدة وغيرها من قدرات مهمة في الترتيب الإداري لأعماله وجهوده.
- إكرام النفس بعدم إحراجها وإهانتها بوضعها في مواطن ريبة أو تهمة أو سوء ظن، أو ارتكاب خوارم المروءة المحرجة، أو غشيان مواطن الريب، أو مجالسة من لا يفيدها في عمرها وحياتها، وأن يتبصر بعيوبها، ويقتلعها من أوحالها، ويرقى بها إلى أعلى ما يستطيع من درجات.
!!!!!!!
هذا الحديث وإن كان منحصراً أو منصباً على المحتسب أو الداعية إلا أن المجال واسع وعظيم في حق المسلم أيضاً في نفسه، فالاحتساب عبادة عظيمة؛ فالمسلم يقرأ القرآن محتسباً الأجر عند الله، ويقوم الليل محتسباً ويكظم غيظه محتسباً، ويتقرب إلى الله بشتى العبادات محتسباً، كما قال صلى الله عليه وسلم: "على كل مسلم صدقة. قالوا: فإن لم يجد قال: فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: فيعين ذا الحاجة الملهوف، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فليأمر بالخير أو قال بالمعروف، قال: فإن لم يفعل؟ قال: فليمسك عن الشر فإنه له صدقة".[4]
احمد مقرم النهدي
موقع المسلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.