اليوم يحتفل المصريون بالعاشر من رمضان، أحد أبرز المحطات المضيئة في التاريخ الوطني المصري، بل ربما لا أكون مغاليا، إذا قلت إنها أجمل ما في تاريخنا من ذكريات، منذ سقوط الملكية في يوليو عام 1952.. وقد لا ينازعها في قداستها الوطنية إلا ثورة يناير التي أطاحت بنظام حكم عائلة الديكتاتور حسني مبارك. في الأولى قدمت مصر "ابداعا عسكريا" غير مسبوق، صدم العالم، وأعاد للعسكرية المصرية هيبتها واعتبارها.. فيما قدم المصريون في الثانية "ابداعا إنسانيا" أبهر العالم وحمله على أن ينحني له اجلالا وتقديرا: في العاشر من رمضان عام 1973.. وعلى القناة وفي سيناء كانت مصر في قمة تألقها العسكري.. في يناير عام 2011 وفي ميدان التحرير كانت مصر في ذروة تألقها الحضاري . هذا استهلال مهم، إذ لم يكن بوسعي، أن اتحدث عن العاشر من رمضان، دون أن استدعي الخامس والعشرين من يناير.. سيما وان كلاهما يتعرضان لظلم أقرب إلى "الجريمة الوطنية".. ففي حين اعتبر خصوم الرئيس الراحل أنور السادات حرب أكتوبر "تمثيلية" باتفاق الأخير مع الأمريكيين.. فإنه بالمثل اعتبر أنصار الديكتاتور حسني مبارك ثورة يناير "مؤامرة كونية" على مصر!! ليهيل الطرفان التراب على ابداعين نادرين، قلما تجد ما يعدلهما في تاريخنا المعاصر. وفي هذا السياق فإنه من الأكاذيب التي يرددها "بهاليل" إيران ووكلاء "حزب الله" في مصر، إن الأخير هو الذي انهى "أسطورة" الجيش الإسرائيلي! هذا الادعاء ليس فقط "إهانة" لمصر ولمؤسستها العسكرية، وإنما "كذبة" كبيرة و"قرصنة" رخيصة، تستهدف اختطاف الحقائق التاريخية لصالح المشروع الشيعي التوسعي في المنطقة. الحقيقة المستقرة هي أن الجيش المصري هو الذي انهى "أسطورة" الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وذلك في حرب رمضان ( أكتوبر عام 1973 ). منذ حرب أكتوبر، لم يحقق الجيش الإسرائيلي أي نصر عسكري، إلا على المدنيين والمخيمات والمدن المختطفة على طريقة الجيش الأمريكي في أفغانستان عام 2001 الجيش الإسرائيلي، بعد هزيمته عام 1973، لم يعد ذلك "البعبع" الذي يثير الفزع كما كان قبل هذا التاريخ بمجرد ذكر اسمه، لقد خرج من تلك الحرب "مهزوما" على الصعيدين العسكري والنفسي، على نحو أحاله إلى قوة معطلة غير قادرة على تحقيق أي نصر عسكري حتى على مليشيات أو عصابات مسلحة في حجم ووزن حزب الله. وعندما قال الرئيس الرحال أنور السادات رحمه الله أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب مع الكيان الصهيوني، لم يكن يصادر على المستقبل لصالح ما يسمى ب"السلام".. وإنما لوعيه بأن الجيش الإسرائيلي خرج من حرب أكتوبر وقد جرده الجيش المصري، من كل أسباب القدرة على الصمود أمام اي مواجهة عسكرية حتى لو كانت صغيرة.. حيث كانت نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان وعلى غزة فيما بعد هي أحد تجليات نصر أكتوبر العظيم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.