رئيس الإسماعيلية الأزهرية يُكرِّم مدير التعليم النموذجي لبلوغه سن التقاعد    محافظ الدقهلية عن ذكرى نصر أكتوبر: نجدد العهد على مواصلة خدمة المواطنين    منح النيابة حق التحقيق بدون محام يثير أزمة باجتماع مناقشة الاعتراض على "الإجراءات الجنائية"    أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 221 بجريدة الوقائع المصرية    تباين في سعر الكتكوت الأبيض واستقرار البط اليوم السبت    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    واشنطن بوست: 61% من اليهود الأمريكيين يرون أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة    فيريرا يجري تغييرا عاجلا على مقاعد بدلاء الزمالك قبل مواجهة غزل المحلة    توتنهام يخطف ثلاث نقاط من ليدز يونايتد أمام أعين جماهيره    الأمن يكشف لغز سرقة سيارة من جراج بالهرم    مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما يعلن القائمة القصيرة لمسابقة التأليف    موعد عرض مسلسل ابن النادي الحلقة 3    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    فوائد الشوكولاتة الداكنة لصحة القلب والأوعية الدموية    البريد المصري يشارك في معرض «تراثنا» للحرف اليدوية والتراثية    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    وزير الاستثمار يتفقد المركز اللوجستي الجمركي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس    قيمتها 195 مليون جنيه.. وفاة 4 عناصر شديدة الخطورة بحوزتهم مواد مخدرة    إصابة 5 بينهم 4 أطفال في انقلاب سيارة ملاكي بالوادي الجديد    12 أكتوبر.. انطلاق أسبوع القاهرة للمياه بمشاركة 95 منظمة دولية    وفاة طفلين نتيجة التجويع وسوء التغذية في غزة.. ومستوطنون يقتحمون قرية المغير برام الله    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    لأول مرة.. وزير الآثار يفتتح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بوادى الملوك بالأقصر بعد 226 عامًا من اكتشافها    الري تحسم الجدل حول غرق المنوفية والبحيرة بسبب فيضانات سد النهضة    مواصفات صحية.. طريقة عمل اللانشون بجميع أنواعه في المنزل    الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    المجر تتمسك بالنفط والغاز الروسيين بينما يسعى الاتحاد الأوروبي والناتو إلى خفض الإمدادات    "الأرصاد": فرص أمطار اليوم على هذه المناطق    "المسلخ رقم 5" رواية ترصد انتشار اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن الحروب    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    في الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة.. منظومة التعليم العالي تشهد طفرة غير مسبوقة بسيناء ومدن القناة    إجراء أولى عمليات زراعة قوقعة للأطفال بمستشفى أسوان التخصصي    جامعة قناة السويس تطلق قافلة طبية شاملة بمدينة سانت كاترين    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    "الوكالة الوطنية للإعلام": سقوط طائرة إسرائيلية مسيّرة عن بُعد في منطقة "وادي فيسان" في "جرود الهرمل" شرقي لبنان    الحقي خزني ياست الكل.. مفاجأة في سعر طن الأرز الشعير اليوم السبت 4 اكتوبر 2025 في جميع الأسواق والمحلات    خطوات تنزيل تردد قناة طيور بيبي الجديد 2025 على جميع الأقمار الصناعية    "تابع الآن قيامة عثمان" تردد قناة الفجر الجزائرية الجديد على جميع الأقمار الصناعية بجودة hd    القبض على المتهمين بالاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    الهلال الأحمر يصل دلهمو لتقديم الدعم للأهالي بعد غرق منازلهم وأراضيهم    وصول سارة خليفة وعصابتها لمحكمة الجنايات وسط حراسة مشددة    موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    زكى القاضى: موافقة حماس تنقل الكرة لملعب ترامب.. والخطة لا تشمل الضفة الغربية    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    مصر تعرب عن تقديرها لبيان حماس رداً على خطة الرئيس ترامب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بركاتك يا ليبرالية!! د. شريف عبد اللطيف
نشر في المصريون يوم 29 - 05 - 2011

بينما أحرك مؤشر البحث على صفحة جوجل لتحميل كتاب عن الليبرالية، جذب انتباهي مقال في أرشيف جريدة "المصري اليوم"، وقد تم نشر هذا المقال من نحو شهر لكاتبة شابة ظهرت صورتها أعلى المقال (مكشوف عنها الحجاب). اللافت للنظر هو عنوان المقال، وهو: (الليبرالية فطرة الله)، ولقد تجشمت وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب، وتجرعت مرارة الصبر على قراءة المقال إلى آخره،
(والصبر كالصبر مر طعمه لكنه للصابرين دواء)
الخلاصة أنه تبين لي أن الدافع وراء إطلاق هذا العنوان الفج المنكر هو أن النظرية أو المذهب قد تساوى مع المثال في ذهن الكاتبة الموقرة، وأعني أن الليبرالية عندها تساوي الحرية، بيد أن الحرية حقيقة فطرة الله التي فطر الناس عليها؛ فالناس جميعا ولدتهم أمهاتهم أحرارا، ثم اجتالتهم شياطين الإنس والجن فعبدوا الخلق من دون الخالق، أو تحرروا من عبادة العباد لكنهم عبدوا أنفسهم وذواتهم من دون الله. وفي الكتاب: ((فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون))، وفي الحديث: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
فرؤيتنا يا أستاذة أن الإسلام الدين الذي جاء به كل الأنبياء هو فطرة الله، لأنه دين واحد من منبع واحد ومشرب واحد وثقافة واحدة ولأنه نتاج رباني، والله تعالى يقول: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، ويقول: (ألا له الخلق والأمر)، اللهم إلا أن تكون الليبرالية لديك تعني الإسلام، وشتان بينهما؛ إذ الليبرالية فكرةٌ إنسانية فلسفية غربية وضعية، وليت الأمر توقف عند ذلك فحسب، ولكنها فكرة تولدت من صنع عَقولٍ بشرية شتى مختلفة المشارب والثقافات متعددة من حيث الظروف الزمنية والبيئة المكانية، لذا تعددت تعريفاتها وأصيبت بالغموض والإبهام، إلا أنها في مجملها تنزع إلى المادية والفردية والتحرر من كل قيدٍ أو ثابت، إلا ثابت عدم الثَّبات، ولذا فالليبرالية لا مرجعية لها ولا ثوابت، وهذا يكشف مدى تردد الليبراليين العرب بين مفهوم المصطلح الفلسفي وبين انتسابهم للإسلام المناقض لهذا المصطلح من الجذور والأصول.
فالأصل أن الحرية مثال، وأن المثال مشترك إنساني، وأن المشترك الإنساني يستحيل اختزاله في مذهب أو اتجاه، ولكن عدم الوعي بالبعد الوظيفي للمثل مدخل لفضح أي دعاية أيديولوجية إطلاقية، تساوي بين النظرية والمثال الذي تصبو إليه وتنشده كغيرها من الأيديولوجيات.
يقول الدكتور الطيب بوعزة في كتابه "نقد الليبرالية": (والخطاب الدعائي المصاحب لليبرالية الذي يكاد يرادف بينها وبين معنى الحرية والعدل والمساواة والسعادة، فيجعل من ثم ناقدها عدوا للتحرر، وداعيا إلى الاستبداد، ومناهضا للعدل وداعيا إلى الظلم ... خطاب يذهل عن إدراك المعنى الفلسفي والديني للحرية والعدالة والحقيقة والجمال والسعادة...، فهذه المفاهيم هي مثل عليا تتوزع عليها فعاليات الإنسان المعرفية والخلقية والجمالية، والكائن الإنساني مسكون –بحكم إنسانيته- بنزوع نفسي نحوها، بيد أن المثل، من حيث طبيعتها تبقى مثلا؛ إذ بذلك تبقى أفقا يجتذب الرؤيا والفعل البشريين، فنضمن من ثم إمكان ترقي الإنسان.
فمنتهى الإفلاس هو أن يزعم مذهب من المذاهب البشرية أنه جسد مثالا من المثل، وأن لا مجال من بعده إلا إعلان "نهاية التاريخ"!! وهو بالفعل المنزلق الذي سارت فيه الليبرالية الجديدة في طبعتها القاصرة مع فوكوياما عندما يقول: "إننا بلغنا نقطة النهاية للتطور الأيديولوجي للبشرية الذي يتمثل في كونية النموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي كشكل نهائي للحكم الإنساني").
وجاء في بحث بعنوان: "الليبرالية نشأتها ومجالاتها" لعبد الرحيم بن صمايل السلمي: (ولعل أبرز نتاج فكري يدل على الغرور الكبير بهذا المبدأ عند الغربيين كتاب (نهاية التاريخ) لمؤلفه فرانسيس فوكوياما وهو أمريكي الجنسية ياباني الأصل، وقد ظهر فيه بوضوح مدى الغرور الكبير بهذا المنهج (الليبرالية) حيث اعتبرها فوكوياما نهاية التاريخ الإنساني وليس الأمريكي فحسب). أه.
رغم إن صنوه "يوروفسكي" أستاذ مادة التاريخ والسياسة العامة بجامعة كومنولث فيرجينيا يقول: (إن أي فرد لا يملك أن يدعى أن النموذج الأمريكي –رغم نجاحه الباهر في الولايات المتحدة – هو النموذج الذي يجب أن تحذو حذوه كل الأنظمة الديمقراطية). فاستقرار الهوية الإسلامية مكسب أهم، و ظرف موات لإقامة تجربة ديمقراطية ناجحة، يقول "يوروفسكي": (لأن كل بلد له الحق في أن يقيم نظام الحكم الذي يناسبه انطلاقا من ثقافته وتاريخه).
يقول الدكتور بوعزة: (وبالنظر إلى المذهب الليبرالي من هذا المدخل المنهجي، فإننا نراه مفلسا؛ لأنه يساوي بين "المثال" و"المذهب"، فيستحيل بذلك إلى وثوقية سياسية وفلسفية مغلقة، ولن يكفي للتغطية على انغلاقه أن يزعم بديمومة الحراك والتطور نحو أفق مفتوح، وآية ذلك أنه قبل سنوات فقط رأينا ورأى الليبراليون كيف أفلس المذهب الاشتراكي المركسي بحكم وثوقيته التي أحالته إلى أقنوم جامد، رغم كونه يرتكز فلسفيا على الجدل، والحراك القائم على النفي، ونفي النفي).
واللافت للنظر أيضا هو خوف الدكتور الطيب بوعزة من أن تكون نتيجة بحثه الناقد لليبرالية أن يوصم بأنه عدو للحرية والتحرر؛ مما حدا به أن يقدم بين يدي البحث قائلا: (ليس نقدنا لليبرالية نقدا للحرية، ولا دعوة إلى الاستبداد وترجيحه إلى التحرر، بل إن موقفنا المبدئي هو مع كل دعوة إلى التحرر المسئول؛ فحرية الكائن الإنساني هي خصيصة ميزه بها الله عز وجل، وجعله بها حقيقا بمهمة الاستخلاف في الأرض، تلك المهمة/ الأمانة التي تستوجب الحرية وتستوجب المسئولية الأخلاقية.
فالحرية هي معنى مثالي آفاقي تقترب منه التجربة الإنسانية ولا تتملكه، وبوصف الحرية مثالا من المثل السياسية الإنسانية؛ فإنها بذلك ترتفع عن أن تختزل في مذهب أو فلسفة أو اتجاه من اتجاهات الفكر، أو نمط من أنماط الحياة، ومن ثم فنقدنا لليبرالية ليس نقدا للحرية؛ لأنه لا ترادف بينهما، بل من ناحية الاصطلاح المنطقي لا نجد بينهما علاقة شمول ولا تضمن ولا تطابق). أه.
ثم يقول الدكتور بوعزة في نهاية بحثه: (والنتيجة التي يسعى البحث إلى التأسيس لها وتوكيدها هي أنه مع صميم نزوعنا نحو مثال الحرية أن نقول اليوم: لابد من تحرير الإنسان من الليبرالية). أه.
الطريف أن الأستاذة "كاتبة المقال" ختمت مقالها بقصة ابن أختها، الطفل الصغير الذي لا يكل ولا يمل من الشقاوة والحركة، وتعبث الغيرة من أخته الصغرى برأسه فتجعله دائم الصراخ مثيرا للمشكلات، حتى جاءت خالته الأستاذة فنفثت في روعه أنه حر (ليبرالي)، وأنه أصبح كبيرا بدليل أنه يفوق أخته الصغرى في الطول، وأن الكبير حر (ليبرالي) يستطيع أن يأخذ قراره ويرسم مصيره بنفسه دون أن يخطط له أحد أو يعبث برأسه.
العجيب أن الطفل امتثل للنصح فأخذ يقفز هاتفا فرحا: أنا حر أنا حر، ثم لم يلبث أن هدأ وأصبح وديعا مطيعا (ليبراليا)!! هكذا!! يبدو أن الغلام قد فطن لمبدأ الحرية وانصاع لمفهوم المواطنة في المنزل بينه وبين أخته! يا سبحان الله!! بركاتك يا ليبرالية!!!!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.