لأن الهجوم الدائم على شخص أو فصيل يفقد المهاجم الأهمية و الإ ثارة بعد فترة .... و لأن المقصود بالهجوم قد يلحقه بعض التعاطف من شعب طبيعتة الطيبة و النقاء . و لأن النظام السابق حدد أصدقاءه و خصومه ... فقد أتفقوا على "الخطة الاعلامية" التى يواجه بها النظام خصومه هؤلاء ... و هى نفس الخطة المتبعة الآن. فالإعلام الحكومى كان قد فقد قدرته على التأثير , والإعلاميون الحكوميون أصبحوا موصوفين بانعدام الحيدة , والسير في ركاب السلطة , فماذا يفعل النظام؟ إذا فليكن هنالك إعلام جديد .... بفكر جديد .....بطريقة جديدة... تلك كانت طريقة "اختزان الثقة" . وهى طريقة كانت جديدة على مصر لكنها موجودة بأشكال متعددة فى العالم المتقدم, و مضمونها أن تقدم وسيطا إعلاميا (صحيفة أو فضائية أو شخصية كاريزمية) و يبدأ عمله مشمولا بالحياد و الاحتراف و المهارة ، و يقدم للجماهير ما يحبونه حتى يقبلوا عليه .... فإذا تم النجاح بدأت "الأجندة الحقيقية" فى الظهور . خذ مثلا .. فجريدة مثل "المصري اليوم"صدرت بتمويل خاص و أستمرت عامين كاملين تقدم صحافة راقية , وتمثل المعارضة الرصينة .... حتى إذا أجتمع القارئ على مائدتها بدأت "الأجندة" .... و كانت أول صفحات الاجندة ما أطلقت عليه الصحيفة وصف (ميليشيات الإخوان ) , و ذلك حين عبر شباب الإخوان بجامعة الازهر عن رفضهم للقهر و التزوير بطريقة مبتكرة تلفت الأنظار إلى قضيتهم ، فتم تصيدهم و أطلقت "المصرى اليوم " نفير البدء فى العداء السافر للإخوان و تشويه الإسلاميين, والمشروع الإسلامي ، و أحتضنت الصحيفة كل معارض للفكرة الاسلامية و للمادة الثانية ، و كانت الصفقة واضحة ، الممولون يخدمون النظام بتشويه خصومه , و النظام يخصهم بالرعاية و الاحتضان , و الصحيفة هى من يقوم بالواجب . و استمر هذا النسق مع قدوم الفضائيات خذ مثلا : مذيعة مغمورة لديها مؤهلات معقولة تطل على شاشة "دريم"، يتم إحاطتها بهالة إعلامية و جوائز تلو جوائز ، و سقف حرية مرتفع ، خاصة فى وجود مذيعات قطعت ألسنتهن ، و شغلن بالماكياج ، و أكتفين بشهرة الوظيفة .... حينئذ تقدمت "منى" تناقش هموم الناس و تنتقد الحزب و الحكومة و كان دورها بعيدا عن تجميل النظام , و لكن أن تصل بالمشاهد إلى نتيجة تقول : إن الجميع مثل بعض "الاخوان مثل الحكومة" "لا نريد الإخوان ولا الحزب الوطنى" و ظلت حتى تاريخه تردد "الرسالة" التى أنتدبت لها مع إضافة "السلفيين" فى الطبعة الجديدة لعداء المشروع الاسلامى كله . و لم تكن الطريقة الإعلامية بعيدة عن المشاهير القدامى , و خذ مثلا : استخدام النظام المصرى للهامات الكبيرة ، فلقد لفت نظرنا أن النظام أستفاد بإسم كبير فى موقع إعلامى "عدائى"!! و هو الاستاذ "هيكل" فى برنامجه "بالجزيرة" , و يسهل على المتابع أن يلاحظ أن "الأستاذ" قدم نفسه فى شكل جديد ، قريب من الناس ، تساعده ترسانة من الوثائق التى لم يكن يراها إلا المثقفون فى كتب "هيكل" الحصرية .... و يظل "الأستاذ" يحكى دقائق التاريخ بأسماء الاشخاص و باليوم و الساعة و الثانية ، و بعد عام يفاجئنا بحقيقة دامغة ! وهي أن "حادث المنشية" من فعل الإخوان بلا جدال ....و الوثائق تظهر و تتكلم !! .... و طبعا لا وثائق ولا يحزنون ، ولكن الدور كان يقتضى فى وقت الهجوم المكثف على الدعوة أن يكون هنالك هجوم "رصين" ؛ إذ يقوم "عمرو عبد السميع" بدوره العشوائى , وتقوم "المصرى اليوم" بدورها التحريضي" و يقوم "هيكل" ب "تثبيت الصورة" , و يستمر "هيكل" عاما أخر يغرقنا فى حكاياته التاريخية اللذيذة ، ثم يتوقف فجأة ليقول : و أنصح أصدقائى من الإخوان أن يتخلوا عن مشروعهم الخاص بإقامة "الخلافة الاسلامية" ... و يعدد الأسباب المنطقية و السياسية و التاريخية لسفاهة الفكرة.... "فكرة الخلافة" !....يقول هذا بينما يتطور العالم ويقتبس فكرة "الخلافة" ,ليضعها في نسقين مثل " الولاياتالمتحدة" و" الاتحاد الأوروبي"- ولهذا تفصيل آخر – ولكن " الأستاذ" يخالف الحقائق اليقينية لأنه يقوم بدوره فى دورة المصالح المتبادلة ، ففى شهر 12 – 2010 أذاعت فضائية CNBC" عربية " المهتمة بالشأن الاقتصادى أسماء أغنى خمسين شخصية فى الوطن العربى ، فكان منهم "أحمد و حسن محمد حسنين هيكل" "بثروة مقدارها,1.7مليار دولار ، و إذا كنت قد قرأت مثلى ما قرره "الاستاذ" بأن (الذى يربح 100 مليون جنيه مصرى هو فاسد لا محالة لأن آفاق الاستثمار فى مصر و الوطن العربى لا تسمح بهذه الأرباح) ، فما قولنا فيمن تربح عشرة مليارات جنيها ؟.... ثم يأتى "الاستاذ" برصيده القديم , و يعلن– بثقة - محاور إنقلابه على الثورة فى لقاء الأهرام الأخير,و يشفعها بكلام الواثق الخبير الذى يدغدغ عواطف الجماهير ؛ بأن ثروة مبارك من( 9– 11مليار) دولار ، و الرجل لم يكذب المانشيتات و الصفحات التى صورته باعتباره "حكيم الوطن" أو هو "مانديلا" الذى سيضع مصر على الطريق الصحيح ، و كان حظ " الأستاذ" قليلا إذ استدعي ليدلي بشهادته , ففاجأ المخدوعين فيه بأن وثائقه المؤكدة هي مجرد تقارير ومجلات , بالإضافة لتقرير " المخابرات الأمريكية " !!, ثم تنصل من مانشيتات " الأهرام " وألقي بالمسئولية علي من كتبها !! وكان حظه التوبيخ من جهات التحقيق , فقد كشف هذه المرة .........وعموما فنحن لا نناقش هنا " الوزن الثقيل المصنوع " لل"أستاذ" , ولكن نناقش كيف يتم استخدامه..؛...(رصيد من الثقة المصنوعة )...ثم (خدمة الأجندة المتفق عليها) . علي أي الأحوال , هذا ماننتظره في هذه الأيام ؛ أنها أيام "الأجندات" , هذه أيام الفرقة والاختلاف , والبحث عن المغانم , وذلك رغما عنا وعن أنف كل مخلص في هذا الوطن , فلقد اختار أصدقاؤنا الليبراليون والعلمانيون أن يستمروا علي نفس طريق الاستبداد ....وبنفس الفكر الإعلامي ؛ فهاهم يدفعون الناس "لثورةغضب ثانية" , يستخدمون فيها "رصيد الثقة" , المتمثل في مطالب مشروعة : مثل الحرب علي الفساد ومحاكمة الفاسدين , وتغيير المحافظين , وإقصاء "الحزب الوطني" من الحياة السياسية , وحل المشكلة الأمنية وو....الخ, لكنهم يبطنونها بمطالب "هدم الثورة" , و"تدمير الأمل" ....مطالب الالتفاف علي الجماهير , ومصادرة اختياراتهم ؛ بالصوت العالي , والإعلام الموجه . من الذي طالب "بمجلس رئاسي"؟ أو تأجيل الانتخابات ؟او وضع الدستور قبل الانتخابات ؟ .......الشعب اختار ترتيب بناء الدولة بشكل واضح , وقال "لا" لتصوراتكم فهل يذهب الشعب إلي الجحيم إن لم يستجب لمطالبكم ؟ إن نغمة "دماء الشهداء" , "فزاعة الإسلاميين" , أصبحت ممجوجة , ولاينبغي للثوار أن يخالفوا ضمائرهم , وينتهجوا نهجا استبداديا إقصائيا , فهل يقبلون أن تكون "أجندتهم السياسية" متناقضة مع "أجندة الشعب" ؟ للأسف هذا النهج سينتهي بكم إلي الكفر بالشعب وإرادته , مثلما يصنع أي ديكتاتور. لو كان أصدقاؤنا صادقين مع أنفسهم – وأظنهم كذلك – لتوحدوا مع مطالب الأمة , ولاعتبروا "جاهزية الإسلاميين" رصيدا يبنون عليه , وليس تحديا يواجهونه , ولقاموا بتوحيد الضغوط علي المجلس العسكري حتي يستكمل تنفيذ مطالب الثورة , وحتي نحميه من التأثر بالضغوط الخارجية أو الداخلية . لوكان أصدقاؤنا صادقين مع أنفسهم – وأظنهم كذلك – لانحازوا لخيار الشعب ودافعوا عنه . لماذا تقلقوننا علي مستقبل الوطن بهذه الممارسات المفاجئة , والمنفردة ؟ لماذا نبدأ أولي خطوات الديمقراطية بعدم احترامها ؟ هذا الغضب الهادر ينبغي أن يوضع في مسار البناء والوفاق , لا في طريق الجموح والشقاق . ياحكماء الأمة أقبلوا ....وتوحدوا . [email protected]