مَن يَتْبِعُ مَن ؟ ومَنْ يَسْتَعْمِلُ مَنْ ؟ تاريخنا الإسلامى منذ عصر النبوة يلتقى فيه الرمز السياسي بالرمز الدينى وكلاهما يكمل الآخر، وهما معا وجهان لحقيقة واحدة هى الدولة الإسلامية . والتقسيم بين ما هو دينى وما هو سياسي أو دنيوى تقسيم حادِّي في المسيحية، عانت منه مجتمعات كثيرة، وبسببه نشأ صراع كبير بين العقل والنص أوبين العلم والدين ، غير أنه في الإسلام لا وجود له ، وإذا وجد فهو غريب مستورد جاء معلبا من ثقافات أخرى وافدة ، لأن الدنيا بكل ما تحتويه أو تتضمنه من أنواع النشاط الإنسانى إنما هى قسم من الدين وليست قسيمة له، ومن ثم فلم يُعْرَفْ هذا التقسيم في عصور الازدهار الإسلامي أولا ،لا لأن الدين يشكل الإطار والمرجعية فقط ،وإنما لأنه يشكل المنهج الذى يصوغ فكر الناس ووجدانهم، ويصنع رؤيتهم ورؤاهم وتصوراتهم، وينظم علاقتهم أفرادا وأسرا ومجتمعا ودولة ، باختصار شديد كان الإسلام هو مصدر التشريع والتوجيه والتعليم والفن والأدب والثقافة ، وهو الضابط لكل سلوك والحكم في كل تصرف، والناس يتعاملون معه كأنه إكسير الحياة ، ففيه وجدوا أنفسهم وعرفوا طريقهم وحددوا هدفهم ووجهتهم ، وبه تحققت القيم السيادية في حياتهم "الإيمان والعدل والكرامة والحرية" ومن مبادئه وأخلاقه صاغ الناس أنموذجا حضاريا جديدا لم تألفه الدول الكبرى في ذلك الزمان، فتطلعت إليه بإعجاب جماهير الشعوب التى عانت من القهر والقمع والاستبداد ،وهفت إليه قلوب الباحثين عن الحقيقة من كل الأجناس ، ورأت فيه خلاصها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ،ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن ظلم الناس إلى عدل الإسلام الرحيب، رسالة العزة والعدل والحرية والكرامة لخصها لسان أعرابي صاغه الإسلام عقلا وفكرا ووجدانا هو ربعي بن عامر أمام رستم إمبراطور الفرس. الإسلام العظيم الذى أثمر رسالة العزة والعدل والحرية والكرامة أحبته وأمنت به وعشقته وتفانت في خدمته شعوب وأمم ، كذلك خشيته دول وإمبراطوريات ودكتاتوريات مستبدة ، فقد رأت فيه تهديدا جادا وخطيرا لوجودها،ورأت في مبادئه تحريضا على استرداد الكرامة والحقوق ورفض الدنية . ومن ثم كان العداء والمكر والكيد ومؤامرات الليل. الأعرابي ربعي بن عامر كان أعلى قدرا وأكثر احتراما من زعامات لها لحى وشوارب لا تجرؤ هاماتهم أن ترتفع حين يتلقون الأوامر والتعليمات أمام كوندا ليزا رايس أو هيلارى كلينتون. الرجل الأول حرره الإسلام فمارس عزته وحريته ولم يسمح لأكبر أمبراطور في ذلك الوقت أن يجرح من دينه قلامة ظفر، فتحدث معتزا بدينه شارحا لرسالته بينما زعامات اليوم تتحرج من انتمائها لدينها بعد أن انخلعت منه وتحولت إلى موالى وعبيد، ومن ثم فلم يؤبه لها ، ولو جلست على بحار من الثروة، فبعد أن هانت على الله فقد هانت حتى على كلاب الأرض قال الشاعر : ومن يهن يسهل الهوان عليه ........ مالجرح بميت إيلام الإسلام بما يمثله من منهج ورسالة ورموز ومرجعيات كان يقود السياسي ويرسم له على الطريق خطاه. والسياسي كان تابعا للدين وكان يشكل السلطة التفيذية للدولة ، بينما الإسلام يشكل المرجعية والإطار العام . ظل الأمر كذلك فترة من الزمن فكان السياسي لا يستمد شرعيته إلا من الدين، وكان للرمز الإسلامي من النفوذ وسلطات الرقابة ما يمكنه من محاسبة السياسي وربما عزله إن تجاوز أو أساء. المسافة بين رجل السياسة ممثلا في الحاكم وبين الرمز الدينى ممثلا في العالم أو الإمام لم تكن شاسعة ولم تحمل ثنائية التناقض والتضاد لأن الحاكم في ذلك الوقت لم يكن أكثر من خادم منفذ لإرادة الأمة ومرآة تعكس وعيها وولايتها عن طريق الشورى وبعيدا عن أي غطرسة بما يقدمه وبغير مَّنٍّ ولا أذى والسياسي لم تكن تحركه المصالح الخاصة لنفسه أو لحزبه وطائفته وإنما تحكمه المصالح العليا للأمة وقد يغلب عليه الدهاء والمكر، ولكن ليس له أكثر من وجه، ولا يتقلب مع الأحداث . الرمز السياسي في الإسلام يحكمه منهج وقيم وأخلاق ،ولديه رسالة يُسْألُ عنها ويُحَاسَبُ عليها. رجل الساسة ليس معصوما، ومن ثم فآراؤه لا تستعلي على الحوار والمناقشة والأخذ والرد، وكل مايمتاز به أنه يستمد قوته من الشورى وولاية الأمة. الرمز السياسي ممثلا في الحاكم يَنْظُرُ إليك على أنك مخلوق لسيده فيرعى فيك حق من خلقك ، فأنت أخوه في العقيدة، فإن لم تكن، فأخوه في الوطن، فإن لم تكن فأخوه في الإنسانية، وحركته وسلوكه وفعله وتأثيره يجب أن يرتبط في الوعي العام والخاص بمبداين اثنين هما الشورى وولاية الأمة، ومن ثم فهو يترفع عن النفعية والشللية، ولايراك وسيلة لدعمه حين يحتاج إليك في الانتخابات ، ولا يبيع لك الوهم بمعسول القول، ولا يخدمك بوعود وعهود لا وفاء فيها ولا احترام لها، ولا ينظر إليك على أنه هو الصياد وأنت الفريسة. في عصور الطغيان السياسي ينفصل الدين عن الدنيا بما فيها السياسة، وتصاب المجتمعات بحالات أشبه ما تكون بالتصحر الروحى والوجدانى، ويعانى الناس من جفاف في الطباع وخشونة في المعاملة وجفوة في العلاقات ، ويصبح الرمز الدينى تابعا والسياسي متبوعا . خسارة المجتمع كبيرة ومضنية ومكلفة حين يكون الدينى تابعا والسياسي متبوعا. وتؤكد لنا حقائق التالريخ أنه ومنذ انفصلت دفة الحكم عن الإسلام ظهر بين الرمز الدينى والسياسي جفوة وخصومة لامبرر لها وبخاصة في بلاد العرب الأجاويد ، فرجل السياسة "رضى الله عنه" ينظر إلى الدينى غفر الله له نظرة استخفاف وانتقاص، ولا يرى السياسى في الدينى إلا تكملة للديكور التى تحتاجه الدولة من حيث الشكل فقط ، ومن ثم فالسياسي لا يلجأ إلى الدينى ولا يسأل فيه ولا يسأل عنه ما دامت عجلة الحياة تجرى بشكل طبيعي، فهو يصدر ما شاء من قرارات، ويوجه بما شاء من توجيهات وتعليمات، ويسن ما شاء من قوانين محرمة وظالمة ، ومجافية للعقل والصواب والمنطق دون أن يلجأ إلى الرمز الدينى ليسأله فيما يجوز وما لا يجوز. • وجود الرمز الدينى هنا ليس وجودا حقيقيا، فهو ليس ركنا من أركان الدولة في العصر الحديث ، ولكنه مجرد رمز لتجميل الديكور فقط حتى لا تبدو صورة الفسيفساء السياسية ناقصة. • صورة الفسيفساء الدينية قلما يتذكرها النظام أو يلتفت إليها أو حتى تخطر له على بال ، إلا عندما يفقد النظام عزيزا يريد أن يواريه التراب، أو أن يطل على شعبه بطلعته البهية في مناسبة من المناسبات الدينية. • وظيفة الدينى هنا ليست في الحقيقة للمجتمع، ولا يتمكن الدينى من ناصية التوجيه لا في التربية ولا في التعليم ولا في الإعلام إلا في حالات محصورة ومحددة باستخدام معين . • فنظام الطاغية لا يتذكر تلك الفسيفساء الدينية إلا عندما تقوم أجهزته بتفجير ما للخروج من موقف محرج وصرف أبصار الناس وإلهائهم بحدث كبير، وتريد الدولة الدفع بتوجيه الاتهام لجهة معينة، كما حدث بداية عام 2011 في كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية، حينئذ يأتى دور الفسيفساء الدينية لتذكر الناس بالوحدة الوطنية ،وبأن الدين برئ ممن يرتدون ثوبه ويتاجرون به ويهددون أمن البلاد ويفسدون في الأرض ، وتجتهد تلك الفسيفساء في استخراج النصوص للتدليل على ما تقول، ومن ثم تستعمل هنا في تكريس الهدف الذى يريده النظام من حيث لا تدرى . • حالة أخرى كذلك يكون للفسيفساء الدينية دور كبير فيها وتحتاج إليها الدولة لتقول كلمتها، وهى عندما يكفهر الجو السياسي، وتتلبد سماء الوطن بغيوم الغضب الشعبي ، حينئذ يكون لتلك الفسيفساء أو الرمز الدينى كلمته في تهدئة الخواطر وتسكين الغضب العام ، هنا أيضا تُسْتَخْرَجُ النصوص بعملية انتقاء خبيث ومدلس لتوظف التوظيف المطلوب فى تدعيم الحاكم الطاغية، وتخفيف الضغط عليه بحديث عن حرمة الخروج على الحاكم، وإن جلد الظهور وأكل الأموال وأفسد البلاد وأهان العباد ، وأن هذه المظاهرات ما هي إلا فتن والخروج منها لا يكون بالمشاركة فيها، وإنما بتجنبها والعزلة عنها وترك الميادين والعودة إلى البيوت والدعاء إلى الله أن يقبض المرء إليه غير فاتن ولا مفتون . • وهكذا الطاغية السياسي يستعمل ويستغفل الرمز الدينى في خدمة طغيانه وتكريس نظامه وتدعيم دولة الظلم، والرمز الدينى مسكين يظن أنه يؤدى واجبه الوطنى، وأنه من أهل الحظوة، وأنه من السلطان جد قريب. • سكوت الرمز الدينى على المدى الطويل وعدم اعتراضه على المظالم التى تقع بالناس، وغيابه عن نقد القوانين الجائرة والمقيدة للحريات ولحقوق الإنسان، ومنها حق المشاركة السياسية في التعبير عن الرأي وتداول الثروة والسلطة، ووضع الضوابط العادلة على تصرفات السلطان وعائلته وحاشيته، واكتفاء الرمز الدينى بحديث عن حق الزوج على الزوجة وحق الجار على جاره ، هذا السكوت يُغَيِّبُه عن ساحة الواقع، ويفقده التأثير على الناس باعتباره المرجعية، كما يُفْقِد حديثه الأثر ،ويُفّرِّغُه من صدق التوجه الصحيح وصدق الإخلاص، لأنه يُلْقِى بالنصيحة وإنْ كانت صوابا في الموقع الخطأ حين يتوجه للمظلومين، بينما لا يعاتب الظالم على ظلمه، ولو بمجرد عتاب ناعم. • النماذج لذلك الغياب أو إن شئت قل الحضور المهمش كثيرة ومتعددة ومؤلمة أيضا ، فبعد نجاح الثورتين في مصر وتونس بدأت جهات خفية في الاستعباط بتحريك جهات ظاهرة لها في فقه الاستعباد قدم راسخة . • ومع انطلاق الصرخة في كل من اليمن وليببيا، وبداية الشرارة من بعدهم في سورية وبوادر في الأردن ارتفعت أصوات تتحدث عن ضرورة الابتعاد عن الفتن وحرمة الخروج على الحاكم ، وعدم الانصياع والخداع والجري وراء الفئات المندسة والتى تتحرك بتمويل من الخارج . • هنا بدأ السياسي يلعب بالدينى ويسخره لصالحه في توطيد وتثبيت حكمه المهتز وعرشه الذى أوشك أن يتزلزل، ومن ثم بدأ حديث التخدير في التحذير من فتن القاعد فيها خير من الواقف والنائم فيها خير من الجالس اليقظآن... وهكذا . • وكلما هبت الشعوب تطالب بحريتها وتدافع عن حقوقها المسلوبة، وتضغط على الحاكم ليلغي قوانين الطوارئ سيئة السمعة التى يحكم بها، علت أصوات (نشاز) لبعض المنتسبين إلى الدين تشوه وتتهم بأن هؤلاء فئة مندسة وأن وراءهم يد خارجية تمول وتدفع وتخطط ،وأنهم يثيرون الفتن ، وأن خروجهم على الحاكم لا يجوز . • ودخل بعض الكبار من أهل الدين على الخط، وصدرت تصريحات تحرم التظاهر ضد الأنظمة المستبدة، وتتحدث عن حرمة الخروج على الحاكم ،حتى وإن أخذ الأموال وجلد الظهور وأهدر دماء الأبرياء والمسالمين • ثم تطورت الحملة بتطور الأحداث لتتحدث عن مؤامرة ضد الإسلام يقصد منها تفتيت وحدة المسلمين، وكأن حكام المسلمين هم حماة الإسلام ورعاته ودعاته، وكأن البلاد الإسلامية موحدة وعلى قلب رجل واحد فجاء من يفتتها بتلك المظاهرات. • الغريب أن هؤلاء الذين سكتوا دهرا لم تتحرك شفاههم من قبل أمام كل أنواع المظالم التى تمت في العالم الإسلامي وعلى أيدى هؤلاء الحكام. • لم تنطق ألسنتهم بكلمة واحدة عندما صادر هؤلاء الحكام كل مظاهر التدين وسخروا من المتدينين الشرفاء وسجنوهم وصادروا ممتلكاتهم الخاصة . • فقهاء الاستعباط والاستعباد لم ينسوا أن يذكرونا بالفتن التى ستكون كقطع الليل المظلم، ولكنهم لم يشيروا إلى أن كل الفتن التى تعانيها مجتمعات المسلمين جميعا والعرب بشكل مخصوص جلبها وأتى بها واستوردها ووظف لها فرقا ومجموعات وأنشأ لها وزارات هم هؤلاء الحكام ؟ المنهج العلمى هنا يقتضيينا تحرير محل النزاع بلغة أهل الأصول حتى يتحدد لنا ويتضح معنى ومفهوم الخروج على الحاكم . النصوص التى تتحدث عن الخروج على الحاكم يجب أن تؤخذ في إطارها ولا تعزل عن سياقها العام، كما لا يجوز أن نستدل بها بعيدا عن النصوص الأخرى المقيدة لها والمكملة لصورتها ومعناها ، ومن ثم فلا بد من تحديد من هو الحاكم الذى تجب طاعته ولا يجوز الخروج عليه، وما شروطه ،وما هو المدى الممنوح له في السمع والطاعة ؟ ثم هناك من خرجوا على الحاكم من أهل السلف، ماذا تقولون فيهم؟ منهم عبد الله بن الزبير وسعيد بن المسيب ،ومن قبل هؤلاء خرج الإمام الحسين ابن على رضى الله عنه على يزيد بن معاوية فهل كان خروجه محرما ؟. بل إن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب هو نفسه خرج على الدولة العثمانية فهل كان خروجه محرما ؟ • السادة الذين ارتفعت أصواتهم بتحريم الخروج على الحاكم لم يحددوا للناس من هو الحاكم الذى لا يجوز الخروج عليه ، وهل ينطبق على حاكم جاء به الاستعمار أو حاكم جاء بانقلاب أزاح فيه أباه أو أخاه ؟ • وهل ينطبق حكم حرمة الخروج أيضا على حاكم جاءت به أمه ؟ أو ورث البلد أرضا وشعبا وإبل وغنمات وعنزات عن أبيه وأجداده ؟ • الحاكم الذى لا يجوز الخروج عليه هو من جاء ببيعة صحيحة وعن طريق انتخاب حر من كل الشعب أو من أهل الحل والعقد المؤتمنين على دين الله ومصلحة الوطن. • الحاكم الذى لا يجوز الخروج عليه هو من يقيم العدل ويطبق أحكام الإسلام ويحرص على مصالح الناس، ويشترط فيه أن يكون طائعا لله قبل أن يكون مطاعا. • والخروج الممنوع هو الخروج المسلح، أما الاعتراضات السلمية التى تطالب بالقضاء على الفساد، ومحاكمة لصوص المال العام ومن ينتهكون حرمات الناس، فلا يجوز أن تقابل بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطى والضرب في مقتل . • وعلى الرموز الدينية أن تنأى بنفسها عن السقوط أو السكوت ، وألا يجعلوا من أنفسهم مطية لحاكم ظالم ، وأن يدركوا أن ما يحملونه من علم هو أعلى وأغلى من كل ما تمتلئ به خزائن الحاكم الطاغية من مال مسروق ومغصوب ومهرب في خزائن البنوك الأجنبية. • الفرصة الآن مواتية ليباشر الأزهر مهمته دورا وموقفا ورسالة. • مصر الان في حاجة ماسة لموقف من أبنائها الشرفاء حيث تتعرض لعملية استلاب دينا وحضارة وهوية ،فهناك من يحاول أن يقطعها عن دينها وهويتها ويخلعها عن ثقافتها وتراثها الإسلامي ويعبث بمقدراتها ويحاول العبث بتفجيرها من الداخل تحت حجج ومسميات متعددة. • وأنا على ثقة ويقين أن شعب مصر بكل طوائفه وأطيافه مسلمين ونصارى سيقفون خلف شيخ الأزهر والمفتى عندما تعلو أصواتهما مطالبة بتحقيق العدالة بدلا من التمييز والطبطبة . • مصر الآن في حاجة ماسة لدور الأزهر في مواجهة عملية الاستلاب التى يسعى إليها ويقوم بها بعض التيارات التى تمثل قلة في المجتمع ، لكنها تمددت في الفراغ الذى تركه الأزهر في العقود الأربعة الماضية ، واستفادت من النظام السابق بعد أن تحالفت معه على التوريث، ومن ثم فقد تضخمت وتعاظم دورها لتصبح وكأنها دولة داخل الدولة فراحت تستعرض عضلاتها وتستفز الأغلبية استفزازا واضحا وخطيرا ، وتحاول فرض إرادتها على الأغلبية الساحقة . • سكوت الأزهر في تلك الظروف غير مقبول لأنه يجب أن يكون صاحب أول صوت يطالب بتحكيم العدالة وتطبيق القانون، ويتحتم أن يكون شيخ الأزهر أول من ينادى بألا يكون هنالك استثناء لأحد من الرموز الدينية أو السياسية مهما كانت مكانته ومهما علا كعبه لأن الوطن يجب أن يكون فوق الأشخاص . • بعد نجاح ثورتى تونس ومصر أصبحت الظروف مواتية لتباشر المؤسسة الدينية بضلعيها مشيخة الأزهر ودار القتوى دورها الرائد في قيادة العالم الإسلامي روحيا وأخلاقيا وحضاريا . التاريخ يحدثنا يا سادة أن العز بن عبد السلام باع الحكام المماليك ووضع قيمتهم في بيت مال المسلمين ، فتقدموا أصحابَ الفضيلة ولا تترددوا. أكاديمى مغترب رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية رئيس إذاعة القرآن الكريم