لم ينجح أول اتصال بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس عبدالفتاح السيسي، لتهنئة الأخير بالفوز بالرئاسة، وتعهده بالعمل معًا، في إخراج العلاقات المصرية الأمريكية من نفق الجمود الذي يخيم عليها، إذ استمرت أجواء التوتر والبرود، في ظل تصويت مجلس الشيوخ على تخفيض المعونات المقدمة لمصر والتي تصل إلى 1.5 مليار دولار سنويًا إلى مصر، بقيمة 400 مليون دولار، والتأكيد على أن استمرار هذه المعونات مرهون بتنفيذ مصر التزاماتها الخاصة بحماية المصالح الأمريكية وأمن إسرائيل. وقال السناتور ليندسي جراهام، عضو لجنة المساعدات الخارجية بمجلس الشيوخ: "أعتقد أن مصر تحتاج إلى أن تضع في اعتبارها أننا نتوقع منهم المضي قدمًا نحو الديمقراطية". وأضاف: "أريد أن أساعد مصر، ولكن مصر يتحتم عليها أن تساعد نفسها. هذه الانتخابات الأخيرة (الرئاسية) مشكوك فيها، وهذه هي الرسالة التي نحاول أن نوصلها"، على حد قوله. وقال محللون، إن العلاقات المصرية الأمريكية مرشحة لمزيد من التأزم فى ظل عدم حسم إدارة أوباما خياراتها تجاه الأوضاع في مصر، في الوقت تسود فيه مخاوف لدى واشنطن والحلفاء الأوروبيين فى قدرة النظام الجديد على فرض الاستقرار في مصر، بعد أن فشل في حشد الناخبين خلال الاقتراع الرئاسي. وقال الدكتور طارق فهم، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هناك مؤشرات عدة تؤكد أن العلاقات المصرية الأمريكية لن تعود لمسارها الطبيعي خلال المرحلة القادمة، منها الدور الذي يضطلع به مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية، التي تعد من أهم دوائر صنع القرار داخل الإدارة الأمريكية، حيث مازالت تشكك في قدرة الرئيس السيسي على فرض الاستقرار بشكل تام فى مصر بدون إعادة دمج "الإخوان المسلمين" في الساحة السياسية. وأضاف: "لقد تحول ملف دمج الإخوان فى الحياة السياسية إلى أولوية فى السياسة الأمريكية والأوروبية تجاه مصر، حيث مارست الوفود الأوروبية والأمريكية الضغوط على مصر لتحقيق هذا الأمر، وهو ما ظهر خلال زيارة وفد أصدقاء مصر فى بريطانيا للقاهرة، وهو ما رد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأن باب المصالحة مازال مفتوحًا وأن على الطرف الآخر تحديد موقفه، في إشارة إلى "الإخوان". وتابع فهمي: "مواقف جماعة الإخوان الأخيرة واستمرار تظاهراتها وإن كانت بفعالية أقل، وتصريحات خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة، وعزفه على وتر التشدد وتعهده باستمرار النضال لاستعادة ما سماه بالشرعية، تؤكد أن واشنطن مازالت "تدغدغ" مشاعر الإخوان بأن لهم دورًا فى الحياة السياسية وأنها ستمارس كل الضغوط لتأمين هذا الدور". وكانت الإدارة الأمريكية قررت، في 22 من شهر إبريل الماضي رفع الحظر عن تسليم 10 مروحيات من طراز أباتشي لمصر، وطالبت الكونجرس بالإفراج عن 650 مليون دولار، في خطوات تعكس تراجعًا تدريجيًا في الولاياتالمتحدة عن قرار اتخذته في أكتوبر الماضي، بتعليق المساعدات. وتقدم واشنطن، لمصر، نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية (بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية) منذ توقيع القاهرة معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979. وفي أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي أعلنت واشنطن تجميد تسليم معدات عسكرية ومساعدات مالية بقيمة 260 مليون دولار لمصر. وقدمت لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ بمشروع قانون يقضي بتخفيض المساعدات الأمريكية لمصر بنحو 400 مليون دولار. ويقضي مشروع القانون بتخفيض المساعدات العسكرية الأمريكية الموجهة لمصر من مليار و300 مليون دولار إلى مليار واحد فقط، بالإضافة إلى تقليص المساعدات الاقتصادية من مائتي مليون دولار إلى 150 مليون دولار. وأوقف السيناتور باتريك ليهي، رئيس اللجنة الفرعية للمساعدات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي ليهي طلباً قُدِّم للكونجرس للإفراج عن 650 مليون دولار من المساعدات المجمدة. وبموجب قانون أعده ليهي، ينبغي أن يؤكد وزير الخارجية جون كيري أن مصر على طريق الديمقراطية قبل الإفراج عن أي مساعدات.