أصدر سيرج براميرتز قاضي التحقيق الدولي في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري تقريره الأول ووزعه على أعضاء مجلس الأمن في نيويورك في الوقت المحدد. وجاءت ردة الفعل الأولية من معظم الأطراف المعنية على شكل تصريحات إيجابية، إذ أن القاضي الجديد يتحرك بطريقة وأسلوب يختلفان عن سلفه من حيث السرية في التحقيق وتجنب التصريحات الإعلامية ومحاولة الوصول إلى الأطراف المختلفة بطريقة تراعي الطقوس البروتوكولية في منطقة تقدس المظاهر المتعلقة بالسلطة. ورغم أن التقرير طرح بعضاً من الجزئيات التي تضمنت تقرير سلفه إلا أنه أبقى على الخطوط الأساسية للتحقيق قائمة. ويبدو أن القاضي الجديد ينظر إلى تقريره المرحلي هذا على أنه مقدمة لعمل جاد ودؤوب مركزه دمشق، لذا فهو بحاجة ماسة إلى تعاون الجانب السوري بشكل كبير في المرحلة القادمة. وقد أثنى التقرير على التعاون السوري مؤخراً الذي جاء على خلفية الإتفاق القانوني والإجرائي مع السلطات السورية والذي بموجبه سيتم لقاء القاضي البلجيكي مع الرئيس السوري و نائبه في حدود شهر من الآن. وقد حصل القاضي على وعود من جانب السلطة السورية بإعطائه حق زيارة الفروع والوزارات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بعملية التحقيق. وبالنظر إلى المعلومات التي تضمنها التقرير فيمكننا الاستنتاج بأن مالم يقله القاضي هو أكثر بكثير مما قاله في تقريره الأخير. خاصة وأن هناك معلومات ذات مصداقية من جهات مقربة إلى لجنة التحقيق الدولية تشير إلى توصل المحققين إلى أسماء مسؤولين لبنانين وسوريين على أعلى مستويات السلطة في البلدين، وأن مجرد ذكر بعض هذه الأسماء سيحدث زلزالا سياسيا يشبه في آثاره زلزال إغتيال الحريري. أما بالنسبة للنظام السوري وعلى الرغم من التصريحات الإيجابية لممثله في الأممالمتحدة إلا أنه لا إشارة بعد إلى أي ضوء في نهاية النفق. ولعل المرحلة القادمة الأكثر صعوبة هي في الانتقال من التحقيق القضائي إلى المحكمة الدولية التي يتم الاتفاق حولها الآن بين السلطة اللبنانية والأممالمتحدة. لعل الشيئ الوحيد الذي يدعو للتفاؤل في هذه اللحظات المهمة من تاريخ سورية الحديث هو أن القاضي البلجيكي الجديد أثبت مصداقية ومهنية لدى جميع الأطراف ذات العلاقة. والأيام كما يقولون حبلى بالمفاجآت ....