يرى كثير من المصريين، أن هناك العديد من الإيجابيات التي استطاعت ثورة 25 يناير أن تحققها خلال مائة يوم من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، حتى وإن بدا للبعض أن هناك أيضًا سلبيات لم يتم معالجتها لكنها تتلاشى بجانب الإيجابيات الكثيرة التي تحققت في خلال تلك الفترة القصيرة بعمر الزمن الكبيرة بحجم الإنجازات، على الرغم من النظرة السوداوية التي يصور بها البعض الأوضاع في البلد الذي تنفس أجواءً من الحرية بعد قمع استمر لعقود تحت الحكم الديكتاتورية. وتتمثل أهم الإيجابيات بنظر هؤلاء في إسقاط النظام، حبْس ومحاكمة رموز الفساد، التحرك لاسترداد الأموال المنهوبة، سطوع شمس الحرية، رفع اسم مصر عاليا، استرداد مصر مكانتها ودورها الإقليمي، تزايد الحِراك، وجود مناخ سياسي حُر، بعْث روح الإيجابية لدى المصري، الثورة على الخطأ، الرغبة في مقاومة الفساد، انحسار الرشوة والمحسوبية، بدء الاهتمام بالمواطن، الاتجاه لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، فتح الباب لعودة العقول المصرية المهاجرة. كانت تلك أبرز الانطباعات التي عبر بها عنها مصريون استطلع تقرير لهيئة الإذاعة السويسرية آراءهم بشأن تقييمهم للثورة بعد مائة يوم من قيامها، ويأتي في مقدمة تلك الإنجازات الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك بعد أن أمضى نحو 30 عامًا بالحكم، في الوقت الذي كان يعد فيه العدة لتوريث السلطة لنجله جمال، لكن رياح التغيير أتت بما لا يشتهي. فالباحث اللغوي مكرم ربيع، يرى أن أبرز الإيجابيات هي: "تنحِية الرئيس والقبض على رموز الفساد والبدء في محاكمتهم وصدور حكم على حبيب العادلي (وزير الداخلية الأسبق) بالسجن 12 عاما وغرامة 22 مليون جنيها في قضيتيْن فقط، والبقية تأتي، ووصول صوت الشعب للمسئولين وجلوس الحكومة مع أهل سيناء والنوبة، والإقبال منقطع النظير (18 مليون مصري) على الاستفتاء الذي أجري على التعديلات الدستورية وإعلان تأسيس الأحزاب بالإخطار وإتمام المصالحة بين فتح وحماس وقيام وفد دبلوماسي شعبي بزيارة دول حوض النيل وزيارة رئيس الوزراء (الدكتور عصام شرف) لدول الخليج والحراك السياسي وإعلان 15 مصريا، نيتهم الترشح للرئاسة، وتحرر الإعلام الرسمي". في حين تلخص الصحفية سالي مشالي أهم تلك الإيجابيات في: "عودة الأمل للشعب واتخاذ قرارات إصلاحية في بعض المشروعات المهمة وصدور أحكام قضائية في قضايا مصيرية مثل: توشكي وعمر أفندي وغيرها، وعودة الرّوح إلى الحياة السياسية والنقاش الدائر بين الشباب حول الأحزاب الجديدة والتخطيط للانتخابات القادمة، البرلمانية والرئاسية". بينما يرى الدكتور أبو الفتوح صبري، باحث بالمركز القومي للبحوث، أن "الثورة غيّرت الكثير، ونأمل في المزيد مستقبلا. ويكفي أنها أحيت الأمل عند المصريين، فضلا عن انتشار حرية التعبير عن الرأي على الإنترنت، دون رقابة، وهذه هي الميزة الوحيدة التي أمارِسها الآن"، مستدركا بقوله: "فما زالت كل السلبيات جاثِمة على قلوبنا، كما هي، لكنني أعتقد أن هناك أمل وأن الوقت كفيل بتحقيق الكثير". أما المستشار التقني المهندس علي القطان فيرى أن "التغيير الذي حدث في المجتمع، أكبر بكثير من التغيّر الذي حدث في النظام، وأن التغّير في حد ذاته يحمِل في طياته الإيجابيات والسلبيات"، معتبرًا أن "أبرز الإيجابيات هي التحول العجيب في سلوك الشعب من السّلبية إلى الإيجابية. إيجابية في العمل السياسي والاجتماعي ورفض الخطأ والرغبة في مقاومة الفساد وتعظيم قيمة المصلحة العامة على المصالح الشخصية". وكانت تلك أيضًا نظرة قطاع كبير من الشباب، ومنهم محمد سامي، الطالب بالسنة الثانية بكلية التجارة، جامعة القاهرة، والذي يرى أن "الثورة كان لها الفضل ف كشف الفساد بكل أنواعه. ولولا خلع الرئيس، ما كُنا لنعرف كل هذا الفساد وأن البلد كلها كانت في يد حرامية، ولكن الحمد لله، البلد دِلْوَقت (الآن)، بقت (أصبحت) بتاعتنا (ملكنا) بحق وحقيقي وبقينا واخدين بالنا من إخوتنا في فلسطين وفتحنا لهم معبر رفح وأصلحنا بين فتح وحماس، دي كلها حاجات كانت صعبة تحصل قبل كِده، دي هي الإيجابيات، أما الإنجازات، فلِسّه مُش هتحصل دِلوَقتِ، بعد فترة حنْشوف الإنجازات وحنحِس (نشعر) بيها". فيما يحدد أحمد صابر، طالب بالسنة الثانية بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة، أبرز الإيجابيات في "محاكمة رموز الفساد والقضاء على نسبة، ولو قليلة من الفساد المستشرى بالبلد، وبدء الاهتمام بقضية التعليم وبدء العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية، وذلك عن طريق إقرار بعض المشروعات الكبرى مثل، مشروع أحمد زويل (التعليم الحديث) ومشروع فاروق الباز (ممر التنمية)، إضافة إلى وجود مناخ سياسي حُرّ لجميع الأطراف. فحرية الفرد هذه من أهَم الحاجات، كما تمّ القضاء على سلطة أمن الدولة، مع حدوث استقطاب لأصحاب العقول المُستنيرة من المصريين المقيمين بالخارج". ويرى محمد سمير محمد، طالب بالصف الثالث ثانوي (18 سنة)، أن أهم الإيجابيات تتلخص في القضاء على الرّشوة والمحسوبية والنظام الفاسد، "وإن كانت بقاياهم لا تزال تؤثر في بعض المصالح الحكومية، كما أن الشرطة أصبحت تخشى أن تتعامل معنا بالطريقة القديمة وباتت تحرص على اتباع القانون". متفقًا معه في الرأي ينظر عمر شريف محمد، طالب بالصف الأول ثانوي (17 سنة) إلى أن أبرز الإيجابيات تتمثل في "عزل ذلك النظام الفاسد بكل طوائفه، والذي اعتاد أن ينهب ويسرق ويفعل كل ما يريد بمصر وشعبها، وأيضا زوال تلك السحابة السوداء التي كادت أن تطبق علي قلوبنا وتجعلنا نخشى أن نقول كلمة الحق، فقد انقشعت مع رموز الفساد". وهذا لا ينفي من وجهة نظر هؤلاء الذين استطلع التقرير آراءهم أن هناك سلبيات لكنها لا تقارن بالإيجابيات المشار إليها، ويظل على رأس تلك السلبيات حالة الفلتان الأمني بالشارع وحالة الفوضى والاحتقان الطائفي.