لا يمكننا فهم الدافع من وراء دعوة مجلس التعاون الخليحي لكل من الأردن والمغرب للانضمام إليه إلا في سياق موجة الانتفاضات الشعبية التي تشهدها كل الأقطار العربية تقريبًا، وإن بدرجات متفاوتة. والتي يبدو أنها لاتستثني دولة أو نظام حكم في البلدان العربية، وإن اختلفت مقاربات هذه الأنظمة للاحتجاجات. حتى بلدان الخليج العربي، شهدت هذه الموجات من الاحتجاجات الواسعة، سواء في البحرين أو اليمن، أو على نطاق أضيق في السعودية وعُمَان. وهذا من الأسباب الرئيسة لإقدام مجلس التعاون الخليجي على التوسع، حيث تسعى هذه الدول إلى الائتلاف من أجل توسيع «شبكة حماية» أمنية وسياسية واقتصادية لها من مخاطر الاحتجاجات. منذ إنشاءه – أي منذ حوالي ثلاثين عامًا – والمجلس لا يضم إلا ست دول عربية هي: السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، عُمَان. تجمع هذه البلدان العديد من القواسم المشتركة. فهي تقع على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية، حيث تعانق الخليج العربي، وجميعها دول غنية بفضل عائدات صادرات النفط، كما أن كل نظم الحكم فيها هي ملكية وراثية. الأردن والمغرب، ملكيات وراثية كذلك وإن كانت تتجه إلى نمط الملكية الدستورية، لها علاقات تقليدية بدول الخليج العربي، والتعاون لن يكون نتيجة انضمامهما إلى المجلس. فالأردن كان تاريخيًّا أقرب إلى دول الخليج بحكم طبيعة نظام الحكم، والاتجاهات السياسية، والتواصل الجغرافي مع السعودية بحيث يشكل حدودها الشمالية، فضلا عن التركيبة العشائرية للمجتمع. كما أن هناك تعاونًا أمنيًّا واسعًا قائمًا بالفعل. وهنا تتحدث مصادر أردنية مطلعة عن مساهمة أردنية فاعلة في مساعدة البحرين على قمع الاحتجاجات التي شهدتها البلاد من خلال إرسال قوات أردنية وخبراء للمنامة. والواقع أن الأردن تدعم منذ فترة طويلة الترتيبات الأمنية بالخليج والتي تدعمها بدورها الولاياتالمتحدة، والتي تستهدف النشاط الإيراني في المنطقة. يبدو أن دول الخليج بقيادة تريد بتوسعها أن تعوض الدور الذي قامت به مصر في عهد مبارك في التصدي للنفوذ الإقليمي لإيران في العالم العربي عامة والخليج خاصة، خاصة وأن الحكام الجدد في القاهرة قد أبدوا انفتاحًا قد يمتد إلى العلاقات مع إيران، وهو ما يقلق الحكام في دول الخليج. وقد لا يكون من مستبعدًا الدعم المباشر أو غير المباشر من الولاياتالمتحدةالأمريكية، استباقًا لتغييرات في السياسية الخارجية قد تكون غير متوقعة أو مقبولة أمريكيًّا. كما أن هذا التوسع الجديد يطرح سؤالا مُتَعلقًا بموقف دول مجلس التعاون الخليجي مع إسرائيل، وموقف مجلس التعاون الخليجي منه خاصة وأن الأردن، فمعلوم أن الأردن قد أبرم اتفاق وادي عربة مع إسرائيل عام 1994، فهل يكون هذا هذا التوسع باتجاه الأردن يمثل تمهيدًا مطلوبًا لتسوية شاملة ما تستبق تغيير موازني القوى بعد الانتفاضات العربية وانتظار ديمقراطيات من المتوقع أن تكون أكثر نشددًا تجاه إسرائبل. أما دعوة المغرب فهي تثبت أن عامل طبيعة نظام الحكم والحفاظ عليه كان عاملا أساسيًّا في تحديد المدعويين للانضمام. وعلى الرغم من الاستفادة التي تجنيها المغرب بفضل الاستثمارات الخليجية فيه إلا أن المغرب ظهر وكأنه قد استقبل الدعوة بفتور خاصة بعد أن تحدث البعض عن عدم استشارة المغرب في توجيه الدعوة إليها، كما أنه أكد على التزامه بعضوية الاتحاد المغربي كخيار استراتيجي. وبصرف النظر عن الدوافع من وراء هذا التحرك المفاجئ للعديد من المراقبين، فإنه في حال نجاح مفاوضات الانضمام، قد تشهد المنطقة تغييرًا مُهمًّا في بنيتها السياسية بوجه عام، والأمنية بوجه خاص. [email protected]