لحية، جلباب، حديث لا يخرج عن الاستعانة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، هو تلك هي الصورة النمطية المأخوذة عن التيار السلفي، حديث العهد بالسياسة والذي كان قبل أكثر من ثلاثة سنوات يحرم السياسة بوضعها الحالي، لكنه كما ردد قياداته اضطر للدخول في اللعبة للسعي نحو تنفيذ مشروعه الإسلامي. والآن وبعد تلك التطورات التي شهدتها مصر بات التيار السلفي الذي انقسم على نفسه بعد إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي، وعلى وجه التحديد "الدعوة السلفية"، وذراعها السياسي حزب "النور"، تواجه سيناريوهات مختلفة. وتتلخص تلك السيناريوهات في ثلاثة سيناريوهات. الأول: إطاحة مزدوجة بالنور والدعوة، بحجة أن دورهما انتهى بعد شرعنهما للنظام الحالي، علاوة على اتهام الدعوة والحزب بأنهما فقدا السيطرة على الفصيل السلفي بأكمله. ويدعم احتمالات هذا السيناريو الدعوات التي تطلقها بشكل مستمر الأحزاب السياسية ذات التوجه الليبرالي واليساري والتي تعتبر الإبقاء على "النور" مخالفة للدستور الجديد الذي نص على عدم تأسيس الأحزاب الدينية على أساس ديني. ويرد النور على ذلك بأنه ليس حزب ديني، علاوة على أن الدولة اعترفت رسميا بالحزب وشرعيته عندما قبلت أوراقه بناء على استفتاء 19 مارس والذي سمح أن ذاك. فيما يدعم هذا الاحتمال أيضًا قانون تنظيم الخطابة الذي أصدره المستشار عدلي منصور، الرئيس السابق، وقصر حق الخطابة والوعظ على الأزهريين، مما يعنى انه حرم الدعوة السلفية من إلقاء الخطب وسلب منها مساجدها، علاوة على قصر النشاط الديني على الدولة. الثاني: حزب بلا دعوة والمبرر مواجهة الخطاب الديني المتشدد فيما يأتي السيناريو الثاني الذي قد تلقاه الدعوة بحزبها، في قصقصه أجنحة الدعوة وقواتها مما يعنى أن الحزب سيبقى على الساحة بدون قياداته الدينية والت كان يستمد منها أساس مواقفه، ويدعم هذا السيناريو أيضا قانون الخطاب الذي يعنى أن الدعوة السلفية ستعمل في أضيق حدود الدعوة الدينية. وفى مؤشر آخر على ضرب الدعوة السلفية في مبادئها هو توجيه رئاسة الجمهورية دعوة للسفارة الإيرانية لحضور ممثل لها في حفل التنصيب في ظل حضور ممثلين عن حزب النور الذي لا يجد حرجًا في الإعلان عن معاداته للدولة الإيرانية. الثالث: الإبقاء على الدعوة بحزبها مع تحجيم مساحة تمددهم وهذا السيناريو هو الأقرب للحدوث وهو أن يتم الإبقاء على الحزب والدعوة السلفية طالما مستمرون في دعمهم للنظام الحالي، مع عدم ترك لهم مساحة للتوسع وتكوين القواعد في الشارع، ويحتاج هذا السيناريو مزيدًا من القوانين المحجمة لهما، بعد قانون الخطابة، بحيث يتم محاصرة الحزب والدعوة بالقانون والدستور. بدوره استبعد يسري العزباوي، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام", السيناريو الأول متسائلاً: "لما يتجه النظام الى حل الحزب طالما انه حريص على دعمه وتبرير مواقفه؟!". ودعم العزباوي السيناريو الثاني بأن النور سيتم الإبقاء عليه مع الحصول على نسبة محدود فى البرلمان، مع مزيد من القوانين التي قد توقف عمل الدعوة السلفية على غرار قانون الخطابة. ولفت إلى أن "النور" سيتجه إلى إقامة تحالفات سياسية علاوة على الاشتراك في الحكومة والفريق الرئاسي للرئيس عبد الفتاح السيسي. من جانبه، توقع الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية والقيادي المنشق عن جماعة "الإخوان المسلمين"، أن يكون السيناريو الثالث هو الأقرب، معتبرا أن دعوات حل الحزب لن تجد ولن يأخذ به من الأساس، مبررا ذلك بمرونة الحزب وقدرته على تعديل وضعه وفقا للقانون. ولفت إلى أن فكرة استبعاد الحزب من الساحة أمر غير موجود إلا لدى القوى السياسية المدنية التي تريد الإطاحة بالحزب خوفا من استحواذه على البرلمان على غرار جماعة الإخوان المسلمين. وقال إنه يتوقع ألا يحصد "النور" أكثر من 15%. وأوضح أن الأحزاب الأخرى المنافسة للحزب ترى فيه قوة أكبر من حجمه، معتبرًا أن ذلك عائد إلى شكل الحزب الذي يبدو منظم أمام الرأي العام من الدفع بشبابه فى فعاليات على الأرض يبدو بهم الحزب متواجد على الأرض بخلاف القوى والأحزاب الأخرى التي تكتفي بالجلوس في المكاتب واستديوهات الفضائيات. من جانبه، قال على حاتم، المتحدث باسم مجلس إدارة "الدعوة السلفية"، إن فكرة الإطاحة بالحزب لا توجد إلا لدى المعارضين للحزب ويتحفظون على مواقفه، ولا توجد للنظام نية حول هذا الأمر. واستند إلى خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة يوم التنصيب، عندما قال إن "الباب مفتوح أمام الجميع ماعدا المخربين"، متسائلا:" هل قال واستبعاد النور؟". وفيما يخص قانون الخطابة، قال إن "الأمر لا يمس الحزب والدعوة دخلت في حوار مع وزارة الأوقاف وحصلت على وعد بالسماح بالتراخيص لبعض قيادات الدعوة السلفية، مشددًا على أن القانون لا يقصد الدعوة تحديدا ولكن بهدف تنظيم الخطابة.