السيدات في قرية "المحسمة" تجيد فك وتركيب السلاح أكثر من رجال الشرطة.. وأعلى الأسعار ل"رشاش بن لادن والإسرائيلى" عندما تدخل إلى القرية، تشعر أن الحياة معدمة تمامًا ولا تصل إليها أى خدمات، تشاهد طلقات تملأ أركان القرية من شرقها لغربها، تترصع قبور الموتى لتعلن أن الموت هو عنوان تلك القرية، حيث تجد كل الخدمات الصحية والتعليمية غير موجودة بالقرية، يمتنع محصلو الخدمات الكهربائية والمائية عن الذهاب إلى تلك القرية، خوفاً من قطاع الطرق، كما أن القرية تبعد كل البعد عن أى مظاهر حضارية كغيرها من مراكز المحافظة المختلفة. "المصريون" عاشت مغامرة فريدة من نوعها فى داخل جبال منطقة العويصة بقرية المحسمة القديمة التى تقع على مسافة 25 كيلو مترًا بحضن مدينة الإسماعيلية، هذه القرية التى تعد القلعة المنيعة المحاطة بأوكار الإجرام. لم تفلح أجهزة الأمن فى القضاء على تلك البؤرة الإجرامية إنها امبراطورية "العويصة" معقل كبار تجار السلاح والمخدرات فى مصر، وهى تعتبر فى نظر المسئولين دولة معزولة عن الدولة أخفيت من ذاكرة اهتماماتهم على مر السنين، والتى لم تستطع السيطرة على هذه الإمبراطورية العظمى للسلاح، فعلى جانبى الطريق توجد زراعات وأمامك يكون الجبل، وما يؤويه من مطاريد الجبل وقطاع الطرق وحائزى الدراجات البخارية المسروقة. وقد أصبحت تلك القرية هى السوق السرية التى تمد مصر بالأسلحة من المنطقة التى أصبحت مقصد كل الأشقياء والهاربين بوجه بحرى ومصر على وجه العموم وأطفال هذه القرية يجيدون اللهو بالسلاح الصغير وهو "الطبنجة"، ويمكنه معرفة اسم كل أنواع السلاح، أما النساء فقد اكتسبن فى تنظيف وفك وتركيب السلاح خبرات واسعة ربما لا يتقنها الكثير من رجال الشرطة. وتحظى "العويصة" بشهرة واسعة فى تجارة السلاح تتمثل فى البنادق الآلية بأنواعها: "الثقيل ذات الدفة الخشبية والمظلات ذات الدفة الحديدية المفرغة، رجل الغراب"، إلى جانب وجود تجارة لأحدث الأسلحة بدءاً من "بن لادن" وهو رشاش روسى ذو 30 طلقة وسعره ما بين 15 و20 ألف جنيه، وصولاً إلى "البوشكة"، وهو بخزنة سعة 30 طلقة، وسعره يتراوح ما بين 20 و25 ألف جنيه، ثم "الجرينوف" أو المقاومة. وينتشر فى "العويصة" بيع الرشاش الإسرائيلى بمختلف أنواعه، وأيضًا الرشاش سريع الطلقات الثقيل، والسلاح الآلى الثقيل ما زال يحتفظ بقيمته، فهو الأعلى سعرا والأكثر إقبالا، حيث يصل سعر البندقية الآلى الثقيل إلى 30 ألف جنيه. وأصبحت "العويصة" مقرًا للسيارات التى يتم سرقتها من المواطنين لطلب فدية تتراوح ما بين 20 إلى 40 ألف جنيه حسب حداثة السيارة وماركتها، حتى سار المشهد المتكرر هو تحول القرية إلى ثكنة عسكرية وتبادل لإطلاق النار بين المطاريد والحكومة بين الحين والآخر، بحثًا عن مطلوبين ومسجلين خطر. من جانبه، أكد سلامة على، مزارع، أن حيازة السلاح لدى الشباب المتهور بعد الثورة تسبب فى زيادة الاحتقان بين القبائل مما شهدناه فى الفترة الأخيرة من مشاجرات بين عدة قبائل وعلى كل مسئول عن إدارة المرحلة أن ينظر إلى قرى الإسماعيلية بعين الاعتبار، حتى لا نتحول إلى ليبيا أخرى. وأضاف على محمد إبراهيم، سائق، أن السلاح أصبح من ضروريات جميع المنازل بمنطقة "العويصة"، وهو الذى يعكس القوة للقبيلة والعائلة، ومهما كلفهم يحاولون امتلاكه، فهو رمز الهيبة والكرامة. فيما أشار أحمد عثمان، موظف، إلى أن الرجل بمنطقة "العويصة" يشعر بأن السلاح هو مصدر قوته لما يمنحه من قوة وهيبة، رغم الفقر الذى يعيش فيه، فقد تجد شخصاً لا يجد ما يسد جوعه ويسعى للحصول على سلاح أو ذخيرة يتباهى بها أمام الآخرين. وأكد اللواء محمد العنانى مدير أمن الإسماعيلية، "أننا نسعى فى الفترة المقبلة للقيام بشن العديد من الحملات الأمنية، خاصة على تلك البؤر، ولكن يتم الإعداد لها بشكل تتمكن فيه القوات من القبض على أكبر عدد من معتادى الإجرام وساكنى تلك الجبال، ولكن فى نفس الوقت بأقل الخسائر من جانب قوات الأمن". شاهد الصور: