الجدل الذى بدأت ارهاصاته تدور الآن فى مصر حول الأموال المنهوبة أو المسربة الى خارج البلاد والتى لا نعرف حجمها الحقيقى الى الآن اذ قدرت بحوالى 700 مليار دولار والبعض الآخر قدرها بما هو أقل من ذلك ولكن يبقى الرقم يدور حول هذه القيمة صعودا وهبوطا، مؤكد أن هذا رقما ضخما من الأموال وهو بالفعل كذلك اذا ما حول الى جنيهات مصرية فهو يعادل أكثر من 4 ترليونات من الجنيهات، هذا الحجم الهائل من الأموال المنهوبة يساوى ميزانية الدولة لمدة 5 سنوات كاملة طبقا للدخل القومى المعلن فى عام 2009 وهو منشور فى تقرير المعرفة العربى للعام 2009، تخيلوا كم يحل هذا المال من مشاكل تواجهنا فى التعليم والصحة والزراعة والصناعة والبحث العلمى وبناء مساكن للفقراء والشباب ومصانع وشركات وخلق فرص عمل جديدة وزيادة فى الأجور للعاملين فى الدولة، وبالرغم من الحاجة الملحة لتلك الأموال ولا تنازل عن عودتها واستردادها الا أن ذلك لا يجعل البعض ممن تعودوا على المساومات والصفقات من زوات الياقات البيضاء بدا يروج للمصالحة مع المجرمين أو يدعو للمساومة معهم أو كما يسمونها عدم المحاكمة مقابل رد الأموال، أنا شخصيا وملايين غيرى لا نقبل بهذا الأمر اطلاقا ولا مجال للحديث أصلا فى هذا الموضوع لأنه من وجهة نظرى هذه ليست مصالحة أو مساومة بل تفريط فى الحقوق وخيانة عظمى للوطن وللشهداء وللثوار كذلك، وهذا يثبت أنه ماذال بعض من مدعى الوصاية على الشعب المصرى وأنهم ماذالوا يتصرفون بنفس العقلية السابقة وهذا ان دل على شىء انما يدل على أن من اقتربوا كثيرا من النظام السابق واستفادوا منه أصابهم التلوث حتى وان كان تلوث فكريا، والا كيف لمن لايملك أن يعطى من لا يستحق، كيف لمن ليس له حق الكلام أن يسكت. الأمر الآخر فى هذا الموضوع هو يجب أن يفهم الجميع أن أغلب من شارك فى الثورة المجيدة لم يكونوا يدركوا حجم هذه الأموال المنهوبة ولم يقوموا بالثورة من أجل هذا أصلا ولكن من قاموا بالثورة أو شاركوا فيها كان هدفهم واضح ومحدد هو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، أما من سرقوا أموال الشعب وأفسدوا الحياه السياسية وأخيرا شاركوا فى قتل الأبرياء فى المظاهرات فهذا خطأهم ولابد من تحمل عواقبه القانونية ولا يحق لأحد كائنا من كان أن يشفع أو يسامح هؤلاء الا أصحاب الحقوق الأصليين لأن ما ارتكب جرئم يعاقب عليها قانون العقوبات وجاء اليوم الذى أصبح الكل سواء أمام القانون ولا أحد فوق المساءلة أو الافلات من العقاب. لذلك كان لابد من التطهير الشامل من البداية لكل شىء وفى كل مكان وكان لابد لمتخذى القرار أن يراعوا مشاعر الناس وصدمة المكلومين فى شهداؤهم ومراعاة الشعور العام لدى المواطنين والتغيير الجاد وقد جاءت حركة المحافظين الأخيرة مخيبة لأمال الكثيرين، لم يكن من الضرورى اختيار لواءات شرطة وخاصة من أمن الدولة السابق مهما كانت نزاهتهم وفى اعتقادى أن كل لواءات أمن الدولة السابقين شاركوا فى التعذيب والتنكيل بالمواطنين ومن لم يشارك منهم بالفعل شارك بالقول أو اصدار الأوامر أو التوقيع على قرارات الاعتقالات الظالمة أو السكوت عن الفعل الذى يجرى أمامهم كل يوم أو المشاهدة أو أى من الأفعال التى تؤدى الى المساءلة، الا اذا كان اختيار هؤلاء محاولة لابعادهم عن المساءلة، ولا أظن أن انسان مثل الدكتور عصام شرف يوافق على ذلك، كان لابد فى هذه الفترة خصوصا أنها مرحلة انتقالية لاتتعدى 6 - 9 شهور والحكومة القائمة هى حكومة تسيير أعمال حتى نتخطى المرحلة الحالية ولكن كما ذكرت سابقا أن الثلاثين سنة الماضية أثرت حتى فى فكر المسؤلين الجدد، فجاء التشكيل الوزارى مبقيا على عدد من وزراء النظام السابق رغم ما عليهم من ملاحظات أقلها غياب الؤية والاستراتيجية وأنهم ليسوا جميعا كانوا متميزين فى الماضى حتى يتم الابقاء عليهم فى المرحلة الحالية، ثم أعاد استنساخ بعض وزراء النظام السابق بعد أن طردوا من جنته وتعاطف معهم الشعب وقتها ظنا منه أنهم أطهار واتضح بعد ذلك أنهم ليسوا كذلك اذ جاؤوا برؤاهم القديمة وما ذالوا مصرين على تطبيقها كما هى، هذا بالاضافة الى الكارثة المسماه نائب رئيس الوزراء. صحيح أن فى الوزارة أسماء ووجوه مشرفة مثل وزير العدل ووزير الخارجية ورئيس الوزارة لكن على الجانب الآخر يوجد بها كثير من المعوقات. [email protected]