"الباز": تكلفته 40 مليار ونجنى ثماره بعد 10 سنوات أثار إعلان عبدالفتاح السيسي، المرشح الرئاسى، عن اعتزامه تنفيذ مشروع "ممر التنمية" الذى أعده العالم المصرى فاروق الباز ضمن رؤيته الاقتصادية ببرنامجه الانتخابى، جدلاً شديدًا وخاصة بين الخبراء والمتخصصين فى مجالى الاقتصاد والهندسة والتخطيط العمراني. ففي الوقت الذي رحب فيه البعض بالبدء فى تنفيذ المشروع الذى قدمه الباز منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا دون أن يلقى الحماس المأمول من نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، اعتبرت بعض الأصوات أن تبنى المشروع مجازفة خطيرة قد تزعزع ثقة المصريين في السيسي، محذرين من تكرار سيناريو فشل مشروع "توشكى" ذو التكلفة الأقل بكثير مقارنة بتكلفة مشروع ممر التنمية. فقد حظي مشروع "توشكى" عند البدء فيه قبل أكثر من 15 عامًا بتهليل وتشجيع كبير فى وسائل الإعلام المختلفة والكتب الدراسية بجميع الصفوف، ثم توقف العمل فيه سرًا وصمت التليفزيون والراديو والصحف القومية عنه فجأة دون ذكر أسباب بعدما اشتد الخلاف بين مبارك وكمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق، والذى سرد تفاصيل وأسباب ذلك فى مذكراته . ومن بين هؤلاء الذين رحبوا بالمشروع، المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق، معتبرًا إياه تكرارًا لمشروع الرئيس الراحل أنور السادات نحو تعمير الصحراء، فيما وصفه بأنه خطوة مهمة تعيد فتح ملفات كثيرة تم إهمالها من قبل، كاشفًا عن أن مشروع "ممر التنمية" كانت تجرى عليه دراسات فى عهد السادات، لكنه توقف لأن الشركة المنفذة كانت تريد أن تحصل على حق انتفاع لمدة 20 عامًا مقابل تنفيذه. إلا أن الخبير الاستشاري المهندس ممدوح حمزة لم يشاطره الرأي، وأعرب عن قلقه من إعلان السيسى، قائلاً: "إنه وقع فى خطأ جسيم لأنه "ممر التنمية" ليس له مقومات مشروع ولا يصلح، لأن يقع على مسافة تتراوح من 8 إلى 25 كيلو من الوادى، ولا توجد مياه جوفيه فى هذه المنطقة، أو أى مقومات لمشروع انتاجى قريب من الوادي، حيث إن المياه الجوفية بمصر لا يمكن أن تغطى حاجة أكثر من 550 ألف فدان". بينما طالب الدكتور مغاورى شحاتة، خبير المياه العالمى ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، المشير السيسى بإعادة النظر فى المشروع وإخضاعه إلى فحص دقيق من لجنة تضم خبراء وفنيين متخصصين لإبداء الرأي. وأوضح أن المشروع لن يسهم فى حل مشاكل التنمية فى مصر كما يتم الترويج له، لأنه لم يقدم جديدًا ولا يحتوى على إضافة، بالإضافة إلى أن المحاور التى يتضمنها لا توجد بها مياه جوفية وأن هناك اعتبارات جيولوجية تعرقل سير العمل. من جانبه، أكد العالم الدكتور فاروق الباز، مدير مركز أبحاث الفضاء والاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأمريكية، صاحب مشروع "ممر التنمية"، ل "المصريون" إن المشير السيسى ناقش معه المشروع بالفعل خلال لقائه معه بعد أن اطلع على تفاصيله وغيره من المشروعات التى تخص سيناء ومشاريع التنمية المقدمة من قبل عدد من العلماء وأصحاب المشاريع. وأكد الباز أن المرشح الرئاسى يدرك تمامًا ما لديه من إمكانات وأنه يتمتع بصفات قيادية تمكنه من بدء تنمية حقيقية فى مصر. وعن مخاوف البعض من تكلفة المشروع الباهظة والتى تزيد على 40 مليار دولار، قال الباز، إنه "مشروع للمستقبل ونجنى ثماره تدريجيًا حيث تبدأ فى الظهور بقوة بعد 10 سنوات تقريبًا من تنفيذه بينما يمكننا أن نلمس أثره مع بدء التنفيذ فقط حيث سيوفر ملايين من فرص العمل للشباب". وأوضح أن ما نحتاج إليه الآن هو وضع خطط بعيدة المدى لتنفيذه مرحليًا، وأنه من الأفضل ألا تقوم الحكومة بتمويل المشروع نظرًا لسوء الوضع الاقتصادى وأن القطاع الخاص يمكنه فعل ذلك بإشراف حكومي، كأن يتم تأسيس مؤسسة تضم خبراء فى الأعمال من مصريين وعرب وأجانب، ويتم عمل اكتتاب عام بين المصريين أولاً ثم العرب والأجانب إذا لم ينجح اكتتاب المصريين فى جمع التكلفة المطلوبة .